[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

وقاية تدخلات إيران في الدول العربية؟

قرأت قبل أيام خبرا أن السلطات اليمنية احتجزت في مياه البحر الأحمر سفينة إيرانية محملة بالأسلحة المضادة للدروع، وعلى متن السفينة خمسة إيرانيين. ويضيف الخبر أن هؤلاء الخمسة كانوا في طريقهم إلى معارك القتال مع المتمردين ضد الحكومة اليمنية، وبهدف ملء الفراغ الذي حصل بسبب قتل أو جرح آخرين (إيرانيين؟) كانوا يقودون المعارك.

ولا معنى لهذا الخبر سوى أن المعارك التي تدور في اليمن منذ سنوات وخلفت آلاف القتلى والجرحى بين المواطنين اليمنيين تقودها قوات الحرس الإيرانية. وليس هذا سوى استنتاج بسيط من هذا الخبر.

وقبله كان هناك خبر آخر يقول بأن الإيرانيين الذين كانوا يديرون مستشفى في صنعاء، أخفوا فيه أسلحة. أي أنهم استخدموا المستشفى من أجل التمويه على السلاح.

كما أننا قرأنا قبل أشهر خبرا بأن السفير الإيراني في صنعاء عادة يزور السعودية لأداء العمرة (هكذا!) ويذهب إلى السعودية عبر الصحراء ليمر على المناطق التي يقطنها المتمردون ليلتقي بهم ويتواصل ويتفاوض معهم.

ولا حاجة أن نقول بأن محافظة صعدة تقع على الحدود مع السعودية جنوبا، فالهدف من نيران الحرس هناك إحداث قلاقل على الحدود السعودية أيضا. فإنهم يريدون من خلال هذا الاقتتال الداخلي ضرب عصفورين اليمن والسعودية بحجر واحد!

من جهة أخرى، سمعنا أن زعيم نظام الملالي خامنئي، الذي يصف نفسه الولي الفقيه والمرجع الديني للمسلمين خارج إيران، تحدث بكل جرأة عن ضرورة إقامة مراسم «البراءة من المشركين» في موسم الحج! كما تحدث عن هذا الموضوع أحمدي نجاد أيضا. وهذا يعني أن النظام الإيراني يريد إثارة مشاكل أثناء تأدية مناسك الحج هذا العام. كما فعلوا سابقا وانتهكوا حرمة البيت العتيق.

ومعروف للجميع ما يقوم به هذا النظام في الكويت أو في البحرين أو الإمارات العربية المتحدة.

ويجب ألا يغيب عن بالنا إطلاقا ما يفعله هذا النظام بالعراق الشقيق. حيث إن كثيرين من الساسة العراقيين الغيورين على وطنهم وهويتهم وعروبتهم وإسلامهم أعلنوا بمختلف التعابير أن النظام الإيراني يقف وراء عمليات التفجير الرهيبة التي أزهقت نفوس آلاف الأبرياء العراقيين خلال الأشهر الأخيرة.

كما أن هذا النظام هو الذي هاجم من خلال أياديه في الحكومة العراقية المعارضين الإيرانيين اللاجئين في مدينة أشرف، وقتل من مجاهدي خلق أكثر من عشرة وجرح منهم مئات، كما خطف منهم 36 شخصا، أرغم في نهاية المطاف على إطلاق سراحهم بفعل مقاومتهم وصمودهم على قضيتهم الحقة العادلة.

وإذا أردنا أن نتكلم عن العراق وأبعاد الجرائم التي يرتكبها نظام الملالي في العراق فيجب كتابة موسوعة مكونة من عشرات المجلدات.
والعالم يعرف أن إخواننا وأخواتنا أبناء الشعب العراقي هم المغلوبون على أمرهم، حيث ينادون دائما: «ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا».
كما أنهم الحاكمين في إيران استطاعوا شق قلب العالم العربي والإسلامي، أي فلسطين العزيزة؛ العملية التي لم تستطع حتى إسرائيل تحقيقها خلال 60 عاما من عمليات القمع والاضطهاد والمؤامرة المطبقة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

وإذا أردنا أن نذهب إلى لبنان فلن تكون الصورة أفضل من ذلك، حيث تتحكم فئة تابعة لولاية الفقيه بمصير هذا الشعب الشقيق المسالم.
فالسؤال الذي يفرض نفسه في معرض جردة هذا الحساب هو: من المسؤول عن هذا الواقع المر؟ والجواب بكل بساطة هو: نحن العرب أنفسنا مسؤولون عن ذلك، وأقصد بالعرب الحكومات قبل الشعوب. لأن الشعوب لا حيلة لها، ولكن الحكومات عليها أن تعرف هذا الكلام الحكيم الذي قاله علي بن أبي طالب: «.. والله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلّوا».

نعم، النظام الإيراني تجرأ وجاء إلى بلادنا وعقر دارنا وبيوتنا. لا حل لنا إلا أن نهبّ وندفع بهذه الحرب القذرة إلى حيث جاءت. طبعا لا أريد أن أقول بأن نشن حربا على هذا النظام. لا وألف لا. بله أن نقوم بواجبنا تجاه أوطاننا وشعوبنا وديننا وعقيدتنا. وكيف يحصل ذلك؟ يحصل ذلك من خلال الاعتراف بحق الشعب الإيراني في مقاومة هذا النظام. هذا هو النظام الوحيد في الشرق الأوسط ، بل بين جميع الدول العربية والإسلامية، الذي يواجه مقاومة جادة صامدة مناضلة من أعماق الشعب.

نحن نعرف أن هناك مقاومة شعبية عارمة متمثلة في انتفاضة لا تخمد رغم مختلف أنواع القمع والبطش بحق أبناء الشعب الإيراني. ولا يستطيع نظام الإرهاب أن يقمع هذه الانتفاضة حتى إذا لجأ إلى أبشع الأساليب التي تقشعر منها الأبدان؛ أساليب البطش من أمثال صنوف التعذيب الجسدي والنفسي، واغتصاب الرجال والنساء والأفعال الشنعاء التي يصعب على ضحاياها البوح بها. نعم في النظام الذي يدعي أنه نظام إسلامي يرتكبون أبشع الجرائم والفظائع بحق الرجال والنساء المسلمين والمسلمات.

وهذه المقاومة الشعبية العارمة تبشر بإيران ديمقراطية حرة مسالمة. ولفهم هذا الواقع يكفي أن نلقي نظرة عميقة إلى الشعار المحوري الذي رفعه أبناء الشعب الإيراني في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك الذي أعلنه نظام الملالي بأنه «يوم القدس العالمي». فأبناء الشعب الإيراني رفعوا في ذلك اليوم شعار «لا غزة ولا لبنان، نفدي حياتنا من أجل إيران». ومغزى هذا الشعار هو أن الشعب الإيراني يعارض التدخل في شؤون الدول الأخرى، ويعادي ما يسمي «تصدير الثورة» إلى الآخرين، بل يريد بناء إيران حرة، مستقلة، مسالمة، يعيش شعبها حياة كريمة مع الآخرين.

وقد شهد العالم مرة أخرى يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي طي صفحة أخرى من دجل الملالي، وهو يوم كان النظام يحتفي به لمناسبة ذكرى اقتحام السفارة الأمريكية من خلال تنظيم مظاهرات ومسيرات. غير أن هذا العام انقلب السحر على الساحر، حيث إن الشعب الإيراني ومن خلال انتفاضته في هذا اليوم كشف عن زيف مسرحيات وشعارات النظام للتشدق بمعارضة أميركا. ورغم محاولات النظام لفرض شعاراته فإن جماهير الشعب صارت تردد شعار «خامنئي قاتل ولايته باطلة» و«الموت للدكتاتور، والموت لخامنئي»

نعم، إذا أردنا أن نتخلص مما يصدره هذا النظام إلى بلداننا، فيجب أن نعمل بالضبط عكس ما يعمله هذا النظام. فحينما يزف إلينا القتل والدمار والإرهاب والاقتتال والحروب الطائفية، فعلينا أن نؤيد الحرية والديمقراطية والسلام والطمأنينة لأبناء إيران. ويجب الوقوف بجانب الشعب الإيراني ودعم حركته ومساندة أهدافه من أجل إقامة الديمقراطية. وضمن هذا المسعى يأتي في صلب واجبنا تأييد حركة المقاومة المنظمة التي لا تريد سوى تحقيق هذه الشعارات.

وأقصد بالضبط منظمة مجاهدي خلق التي عملت منذ 45 عاما ولا تزال من أجل هذه الأهداف. إن مجاهدي خلق، وكما أعرفهم، هم دعاة السلام والمحبة والصداقة ويمثلون الحل الأمثل لمشكلة إيران الحالية، وهم كفيلون بإنهاء سلطوية النظام في المنطقة وهم الذين يريدون طي صفحة دور الشرطي الذي أداه نظاما الشاه والملالي في المنطقة.

وأعتقد أن الشعب الإيراني لما جاء هذه المرة إلى الشارع منذ شهر يونيو رفع شعارات كانت منظمة مجاهدي خلق تدعو لتحقيقها منذ بداية عهدها، وبشكل خاص منذ انطلاقة المقاومة ضد النظام الحاكم.

كما أعتقد أن هذه المنظمة أثبتت وبكل جدارة تمسكها بهذه الشعارات من خلال تعاملها مع القضية العراقية والأحزاب العراقية والعراقيين جميعا.
هذا، ولما قتلت قوات الأمن الإيرانية الشهيدة «ندى» في شوارع طهران، قال السيناتور الأمريكي مرشح الرئاسة سابقا، تعقيبا على هذا الحدث: «ماتت ندى بعيون مفتوحة. عار علينا لأننا نعيش بعيون مغلقة».
والآن إننا نرى أن النظام الإيراني يتربص بأعضاء مجاهدي خلق في «أشرف» أن يقتلهم، من خلال أعوانه وأزلامه في العراق، وقد بدأت هذه العملية في نهاية شهر تموز الماضي، ويواصل الملالي الحاكمون في إيران ضغوطهم على الحكومة العراقية هذه الأيام لاستكمال المجزرة ضد مجاهدي خلق من خلال المباشرة بنقلهم قسرا وعنوة إلى مكان آخر يقع في صحارى جنوب العراق تمهيدا للقضاء عليهم..
وحيث إن مجاهدي خلق هم الذين دافعوا عن الدين وعن الديمقراطية والأخوّة وعن القيم الإنسانية، فعلينا أن نهبّ لمساعدتهم وتأييدهم حتى لا يكون العار علينا، ونستطيع من خلال ذلك إبعاد نار الفتنة الطائفية والتطرف من بلداننا أيضا.

_______________
رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق ورئيس اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن «أشرف».

زر الذهاب إلى الأعلى