[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مؤامرة الأمية والخرافة

أكاد أجزم أنه لم تطلع شمس يوم جديد على العالم الإسلامي منذ عقود كثيرة، دون أن تكون "المؤامرة" حديث أحدهم في مقال صحفي مطول أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني، فضلا عن صدور الكتب الكثيرة هنا وهناك، عن مؤامرات الآخرين ضدنا!.

لكن المشكلة الحقيقية في معظم الطروحات التي تتحدث عن المؤامرات الغربية أو الشرقية التي تحاك ضد ثقافتنا ووجودنا حسب قول منظريها، أن لا أحد طرح على نفسه أسئلة عديدة أعتقد أنها مهمة لكي نعالج مصائبنا قبل الدعوة للمواجه ومنها: لماذا نحن المسلمين مزارع خصبة لمن يريد التآمر؟، وهل الأمم الأخرى تعاني مما نعانيه، خصوصا في ظل الحروب الباردة التي لم تخمد مرة، بين القوى العظمى التي تحاول السيطرة على العالم؟، وكيف عالجوا ذلك؟.

وبنظرة بسيطة لا تحتاج إلى نظريات تفكيكية أو تحليلية، نجد أن المؤامرة الحقيقية التي تمارس في العالم العربي، هي مؤامرة الجهل والأمية، التي عندما تكشف طرفا من أرقامها يقف شعر الرأس ذهولا من واقع مرير، كان ولا يزال التربة الصالحة، لزراعة أي فكر متطرف، أو اختراع عدو وهمي، دون حتى الحاجة إلى رشاوى مالية أو معنوية كما يحدث عند محاولة اختراق أي مجتمع يحمل أفراده قسطاً من التعليم.

فالمكان الذي لا تجد فيه شابا واحد يكتب اسمه، مكان مميز جدا لأن تقول ما تريد، بل وتصبح المعلم الأول حتى وإن كنت لا تجيد القراءة بشكل سليم، وبالتالي كل ما عليك هو جمع هؤلاء حولك ثم بث الحماسة الدينية والقبلية فيهم، واعتبر الأمر منتهياً.

لننظر بواقعية إلى مناطق الصراع في العالم الإسلامي من أفغانستان إلى باكستان إلى العراق إلى اليمن وغيرها، سنجد أن حركات التطرف، لم تجد مكانا مناسبا للنمو إلا في ظل المجتمعات القبلية التي تغلب عليها الأمية والتجهيل والخرافة.

إذن فالمؤامرة الحقيقية التي يجب أن نتخلص منها قبل أن نفكر في مواجهة أي عدو، هي مؤامرة تغييب العقول، من خلال محاربة الحوارات العقلانية والفلسفية التي ما ساد المسلمون العالم إلا عندما كانت هذه الحوارات - حتى وإن شطح بعضها - ركنا أساسيا لنشر الثقافة والتفكير العلمي في أوروبا التي كانت تعاني في عصورها الوسطى ما نعاينه نحن حاليا.

زر الذهاب إلى الأعلى