[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

قبل تكاثر الظواهر الحوثية!

الدرس الذي من المفترض أن العرب تعلموه كلهم، القريبون والبعيدون، هو أن معالجة النيران عندما تشتعل يجب أن تتم وهي في مرحلة الشرارة الأولى وليس بعد أن ترتفع ألسنتها إلى عنان السماء وهو أن مثل هذه المعالجة يجب أن تكون للأسباب والمسببات وليس للنتائج..

وهذا ينطبق على كل ظواهر الإرهاب وبخاصة وعلى وجه التحديد على الظاهرة الحوثية التي غدت متجذرة ورأس جسر متقدم من رؤوس جسور التطلعات الإقليمية لإيران في هذه المنطقة.

بعد ستة حروب على مدى خمسة أعوام فإن مراجعة الظاهرة الحوثية تكشف عددا من الأسباب والمسببات التي كان يجب أن تعالج المعالجة الصحيحة قبل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه وقبل أن تستشري التدخلات الخارجية للنفخ في هذه الظاهرة فتصبح متجذرة على هذا النحو وقد تستدعي حروبا جديدة ليس على مستوى اليمن وحدها وإنما على مستوى الخليج العربي كله والدول المطلة على البحر الأحمر من الجهة الغربية بمعظمها.

هناك أسباب كثيرة لهذه الظاهرة الحوثية التي استدعت ستة حروب على مدى خمس سنوات من بينها الفساد وارتخاء قبضة السلطة المركزية واهتزاز اللحمة الديموغرافية والتساهل غير المبرر في البدايات لكن أخطرها على الإطلاق هو الفقر وإنهيار الأوضاع الاقتصادية وهذا كان يجب أن تتنبه إليه الدول الخليجية التي بدأت تشعر الآن بحجم الأخطار التي غدت تتهددها لأن هؤلاء الحوثيين، الذين تحولوا إلى رأس جسر لأطماع إيران الإقليمية مثلهم مثل رؤوس الجسور الأخرى في العراق وفي فلسطين وفي لبنان وفي أفغانستان، لم يبقوا مشكلة يمنية داخلية بل أصبحوا مشكلة للمنطقة كلها.

ويقينا، وهذا من المفترض أن القمة الخليجية الأخيرة التي انعقدت في الكويت قد درسته وتوقفت عنده بكل جدية، أن ظواهر حوثية كثيرة ولكن بأسماء غير هذا الاسم وبعناوين غير هذا العنوان ستشهدها دول عربية أخرى إن لم يدرك المقتدرون منذ الآن أن الثمن سيكون غاليا إن هم لم يبادروا لمساندة أشقائهم الذين كان قدر دولهم أنها نشأت في مناطق حرمت من المصادر الطبيعية ومن المياه ومن كل ما يؤهلها لمواجهة حصتها من هذه الأزمات الاقتصادية الكونية المستفحلة.

إنه خطر ما بعده خطر أن تستمر الغزلان في استعراض رشاقتها أمام الأسود الجائعة وهذا المثل قيل مرارا وتكرارا والظاهر أنه لابد من قوله الآن وبعض الأشقاء يرفضون إدراك أنهم إن هم لم يبادروا مبكرا للمساهمة في إطفاء النيران التي بدأت كشرر في منازل أشقائهم الأقربين فإنها ستنتقل إلى منازلهم لا محالة.

هناك شيء اسمه الأمن الإقليمي وهو أساس الأمن الوطني ولعل ما يعرفه الأشقاء المقتدرون أن هذا الأمن الإقليمي له وجوه كثيرة وأنه إذا كانت بعض الدول الفقيرة تقتطع من حليب أطفالها ولقمة عيش أبنائها لحماية أشقائها المجاورين من غزو المخدرات والأسلحة والمتفجرات المهربة ومن تسلل الإرهابيين فإنه على الدول المقتدرة ألا تترك هذه الدول الشقيقة لاستفحال أزماتها الاقتصادية لأن استفحال الأزمات الاقتصادية هو مفارخ كل الظواهر الإرهابية التي تشبه الظاهرة الحوثية ولأن مقاومة الإرهاب أسهل بألف مرة بينما هو لا يزال لم يخرج من هذه المفارخ لأنه إن هو خرج منها فإنه سيتحول إلى غول إقليمي تصبح مقاومته صعبة ويصبح القضاء عليه مهمة شبه مستحيلة.

____________________
*وزير إعلام أردني سابق

زر الذهاب إلى الأعلى