[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

إيران.. وانقلب السحر على الساحر!

لم تفارق الأزمات الداخلية والخارجية النظام الإيراني - منذ استلامه للسلطة بشكل غير مشروع- بعد ما ثارت الشعوب في الجغرافية السياسية الإيرانية على النظام السابق وأسقطته بأمل الحصول على حقوقها القومية والإنسانية.

أهم تلك الأزمات، أزمة الشرعية، التي يفتقدها النظام لطالما من يحكم البلد هو الولي الفقية الذي له الحكم والولاية المطلقة وهذا بالمفهوم السياسي هي الديكتاتورية بعينها. كما إن الحكم في إيران هو حكم الأقلية الفارسية على حساب الشعوب الغير فارسية وحقوقها التاريخية والقومية التي تشكل أكثر من 65% من سكان الجغرافية السياسية الإيرانية.

وهذه القضية اي قضية الشعوب الغير فارسية كانت ومازلت وستبقى أهم التحديات الدولة الإيرانية. حيث حاول النظام الإيراني الالتفاف حولها وانحراف حركتها بعد ما فشل في القضاء عليها. كما حاول بطرق مختلفة أن يظهر بمظهر الديمقراطي أو الجماهيري ليعطي لنفسه صبغة الشرعية.

ومن تلك المحاولات لعبة الإصلاحات والشعارات المعسولة التي جاء بها النظام عام 1997، بعد ما كان الوضع متأزما على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث كما وصفه الكثيرون من أصحاب الخبرة والرأي في شؤون إيران، إن النظام كان يعيش على حافة الهاوية في ظل تفاقم الأزمات ومنها أزمة المشروعية وعزلته الداخلية والخارجية ونضال الشعوب الغير فارسية نحو الاستقلال والتحرر.

حسب الدراسة التي قدمها المكتب الرئاسة الجمهورية الإيرانية آنذاك إلى القيادة الإيرانية،حول الوضع النظام الإيراني وتحدياته الداخلية، حيث استنتجت تلك الدراسة،بأن الوضع الإيراني يمر بأخطر مراحله ويجب معالجة الوضع وإلا سينفجر وقد يؤدي الأمر إلى سقوط النظام وتفكك الدولة الإيرانية.

وبنصيحة من المنظمة الماسونية العالمية حيث معظم رجال النظام - خاصة رجال الدين- في إيران أعضاء فيها، أن يستخدم تكتيك الإصلاحات والشعارات المعسولة والوعود بتنفيذ المواد المعطلة من الدستور والحديث عن تطبيق الديمقراطية وإعطاء الشعوب جزء من حقوقها المسلوبة، حتى يجتاز المحنة.

وصل محمد خاتمي ضمن خطة النظام تلك إلى رئاسة الجمهورية عام 1997، ورحبت بعض التيارات من الشعوب في إيران بحذر شديد بتلك الأفكار وتأسست بعض المؤسسات والأحزاب في ظل الانفتاح النسبي الذي سمح النظام به لتنفيس الشارع والتخفيف من الاحتقان السائد آنذاك.

في ظل تلك الظروف والأجواء تحرك الشارع وسبق أطروحات وشعارات محمد خاتمي ولم يستطيع النظام الإيراني السيطرة على الشارع واحتواءه. ومحمد خاتمي نفسه لم يستطع تقييد وتحييد مطالب الشارع خاصة الشعوب الغير فارسية التي طالبت وتطالب بحقوقها القومية، لاسيما القليل جدا منها المكفولة في الدستور الإيراني التي لم ترى النور حتى يومنا هذا.

أدرك النظام الإيراني في تلك الفترة وبعد ما أجتاز المرحلة الحرجة، بان الأمور تتجه نحو الانفلات. بعد ما وقع الفأس بالرأس، بدء النظام الإيراني التخلص من تلك الظاهرة التي تضم في طياتها تيارات وشرائح واسعة من المجتمع تطالب بتطبيق تلك الوعود وتأسست أحزاب مدعومة من الشارع أصبحت أدوات ضغط على النظام وأنشق الأخير على نفسه حول كيفية إدارة السلطة وأزماتها الداخلية والخارجية التي أثقلت كاهنه. أمسى الصراع على السلطة هو سيد الموقف بين أجنحة النظام، رغم الاعتقالات والقمع والإعدامات وسياسة الإقصاء وغلق كل المؤسسات والأحزاب والجرائد التي تأسست في تلك الفترة..

ولم يستطيع التخلص من الأزمة الجديدة الذي خلقها بنفسه حيث انقلب السحر على الساحر وأدخل النظام نفسه في دوامة، حيث الخطة التي رسمها لنفسه للخروج من أزماته، أصبحت غددا سرطانية منتشرة في عرض وطول جسمه وأفسدت دمه وستقضي عليه حتما والعمليات الجراحية لقلع تلك الغدد لم تجدي نفعا، لان قد فات الأوان والوقت أضحى متأخرا جدا..

خاصة نضال الشعوب الغير فارسية في جغرافية إيران السياسية بدء يطور نفسه ويتوسع ويخلق آليات جديدة ويفتح أبوابا كانت مغلقة، وتحالفها في الأهداف والآليات في النضال المشترك، تشكل ضربات فولاذية على رأس ذلك الجسم المنهك أصلا.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى