[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

حقيقة الموقف الأمريكي من خطر الحوثيين في اليمن

لا يلوح في الأفق حل سريع لقضية صراع نظام الحكم اليمنى مع المتمردين الحوثيين من جانب، وصراع النظام نفسه مع فلول تنظيم القاعدة الذى يملك قواعد قوية في اليمن من جانب آخر؛ بسبب الطبيعة الجبلية التى تسهل لأعضاء القاعدة التخفى في الجبال.

بالإضافة إلى طبيعة المجتمع اليمنى المقسم على أساس قبلى بالدرجة الأولى، يسمح للأعضاء التنظيم بالتمتع بحماية قبائلهم.

ويقوم النظام اليمنى بمحاولة جادة لتصعيد قضية صراعه مع الحوثيين، لتأخذ بعداً دولياً، فيحاول النظام إدراج الحوثيين ضمن المنظمات الإرهابية. وهو الأمر الذى لم توافق عليه الولايات المتحدة التى تضع منظمة القاعدة ضمن أولوياتها، وترى قضية الحوثيين صراعا داخليا. وهو ما دفع النظام اليمنى إلى أن يضع قضية وجود تنظيم القاعدة في المرتبة المتأخرة، من قائمة أولوياته السياسية والأمنية.

ويحاول النظام اليمنى أن يدخل في مقايضة مع الولايات المتحدة، ويخشى في الوقت ذاته ما يمكن أن تسببه ضربة جوية أمريكية لقواعد القاعدة في الجبال اليمنية، من إحراج للنظام اليمنى، خصوصا وأن أمريكا سبق ووجهت ضربة مثلها إلى معسكرات قالت إنها لإرهابيين، عقب حادث تفجير المدمرة "كول" سنة 2000 وهو ما تسبب في هز هيبة النظام أمام مواطنيه.

وحسب مصادر، فقد أوعزت شخصيات قيادية في النظام اليمنى إلى بعض المرجعيات الدينية في اليمن، ببدء حملة شعبية ضد الولايات المتحدة التى تناقش حالياً مدى نجاح ضربة جوية ضد قواعد القاعدة في اليمن. فقد هدد علماء اليمن بالدعوة إلى الجهاد إذا حدث أى تدخل عسكري أجنبى في البلاد، في إشارة إلى الضربة الجوية التى تخطط لها الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك خلال مؤتمر صحفى انعقد في صنعاء.

وحسب البيان الذى أذاعه العلماء خلال المؤتمر "في حال إصرار أي جهة خارجية على العدوان وغزو البلاد، أو التدخل العسكرى، فإن الإسلام يوجب على أبنائه جميعا الجهاد لدفع العدوان".

وكان كارل لفين العضو البارز في مجلس الشيوخ الأمريكى، قد دعا إلى أن تبحث الولايات المتحدة استخدام الضربات الجوية، مثل شن هجمات بطائرات بدون طيار في محاربة المتشددين في اليمن ممن يهددون الأمن الأمريكى. وذكر كارل لفين أن الضربات الجوية والأعمال السرية، وتكثيف المساعدات العسكرية الأمريكية لليمن من بين الخيارات التي يجب بحثها للتعامل مع التهديد من جانب متشددى القاعدة هناك.

ويرأس ليفن الذى ينتمى إلى الحزب الديمقراطى لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، وهو أحد الأصوات المؤثرة في الكونجرس في المسائل العسكرية.. وتقول الولايات المتحدة إن النيجيرى المتهم بمحاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية كانت متجهة إلى دترويت أواخر العام الماضى، قد تلقى تدريباً في اليمن على يد خلية تنتمى إلى القاعدة.

لكن الولايات المتحدة تؤكد في الوقت ذاته على أن أية ضربة جوية من جهتها، لا بد وأن تحظى بقبول أو تأييد الحكومة اليمنية. بينما تؤكد تقارير صحفية أمريكية أن الولايات المتحدة تناقش بالفعل توجيه الضربة، بعيداً عن فكرة قبول أو رفض النظام اليمنى، خصوصا أن الولايات المتحدة وفقاً لهذه التقارير لن تقبل أن تخضع لضغوط النظام اليمنى لإجراء مقايضة الحوثيين مقابل القاعدة.

وقد أبدت الولايات المتحدة الأمريكية امتعاضها الشديد للدعوة التى أطلقها الرئيس اليمنى، حين قال إنه مستعد للتحدث إلى مقاتلى القاعدة في بلاده، إذا نبذوا العنف. في إشارة إلى أن اليمن يتحاشى الدخول في مواجهة مع القاعدة، حتى لا يفتح جبهتين في وقت واحد.

فقد سبق للقوات اليمنية شن هجمات عنيفة ضد القاعدة، واستحقت بذلك ثناء واشنطن، ومساعداتها المالية التي تقدمها لقوات محاربة الإرهاب. وقد أثارت تصريحات على عبد الله صالح الأمريكيين، خوفا من أن تعنى هذه التصريحات توجه اليمن إلى اتباع سياسة أحبطت الأمريكيين في السابق، حيث أطلقت سراح نشطاء القاعدة بناء على وعد بأن لا يعودوا إلى الإرهاب. وقد دافع مسؤولون يمنيون عن سياسة المصالحة في الماضى، قائلين إن القوة وحدها غير قادرة على إيقاف القاعدة.

وتبدو المسألة أكبر تعقيداً بسبب ما كشفته تفاصيل الصراع بين الحوثيين والنظام اليمنى، من تعاون الحوثيين مع تنظيم القاعدة، خصوصا في قيام الحوثيين بتزويد خلايا القاعدة بالسلاح، لتدخل القاعدة في تحالف ثلاثى الأطراف مع الحوثيين وإيران التى اتهمها الرئيس اليمنى على عبد الله صالح، منذ أسابيع بالضلوع في الأزمة اليمنية بمساندة الحوثيين ودعمهم بالسلاح.

ويفسر جهاد عودة الخبير الاستراتيجى أستاذ العلوم السياسية، الموقفَ المعقد في اليمن، فيقول منذ عام 2004 وحتى الآن أخفقت الحكومة اليمنية في إقناع واشنطن بضم حركة الحوثى إلى قائمة الإرهاب. بالتوازى مع هذا الرفض صدرت تعليقات من سياسيين وتقارير بحثية من واشنطن، تتهم الحكومة اليمنية بالتغاضى عن أنشطة "القاعدة"، بل ذهب البعض إلى اتهام الحكومة بوجود صيغة تحالفية غامضة معها.

يوم الخميس 17 ديسمبر 2009 كان أوباما يهنئ الرئيس عبد الله صالح على نجاح ما أسمته اليمن مهمة نوعية استباقية ضد تنظيم القاعدة، في مناطق أبين وأرحب وأمانة العاصمة برغم الضحايا من المدنيين. واللافت في التهنئة حسب وسائل الإعلام الرسمية اليمنية أن أوباما أعرب عن تفهم بلاده لقلق الحكومة اليمنية تجاه تمرد حركة الحوثى.

فى مقابل الموقف الرسمى الأمريكى يتساءل مركز "ستراتفور" الأمريكى للاستشارات الأمنية في ولاية تكساس عن مهمة القوات الأمريكية والدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ويستغرب من استمرار تهريب السلاح إلى الحوثيين. فيقول "القوات الإيرانية البحرية المتواجدة في البحر الأحمر وخليج عدن، تقوم بعملية تهريب الأسلحة من أحد الموانئ الإريترية إلى السواحل اليمنية".

نحن إذن إزاء سياستين لأمريكا، إحداهما ترفض إدراج الحوثى كحركة إرهابية، وتنفى عن إيران التي تساهم أساطيلها بتهريب السلاح عبر خليج عدن والبحر الأحمر دعمها للحوثي. والأخرى تقدم النصح والتدريب لليمن والسعودية، وتعلن التزامها بأمن أصدقائها في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى