[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الرحمة والخلود للشهيد علي عنتر ورفاقه الشرفاء

قبل يومين بثت قناة (يمانية) التي ستعود قريبا إلى اسمها الحقيقي السابق (تلفزيون عدن) وعبر الفضاء مباشرة، وهي قناة كانت غنية بأرشيفها الضخم الحافل بالمواد العلمية والفنية والترفيهية والبرامج الأسبوعية واليومية المفيدة وكل تاريخ وأحداث ويوميات جنوبنا الحبيب منذ مرحلة النضال الوطني مطلع الستينيات إلى يوليو 1994م..

أرشيف لا تمتلكه أي قناة عربية أخرى غيرها تقريبا بحكم إنها كانت أول تلفزيون في الجزيرة العربية قاطبة ولا ادري أين هو وما هو مصيره بعد حرب صيف 94م وهو أغنى من ارشفي التلفزيون المصري لأنه سبقه بالظهور التلفزيوني حسب ما قرأت ذات مرة..

وعند الأستاذ القدير والكبير/ نجيب يابلي الخبر اليقين والجواب الأكيد فهو - اللهم صلي على سيدنا محمد - أرشيف حي متحرك بذاته أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية هو وأمثاله وليعذروني من عدم تذكر أسمائهم .. هذه القناة كما ذكرت بثت خطابا وثائقيا للشهيد/ علي احمد ناصر عنتر ولا أدري في أي تاريخ كان يتكلم فيها عن واحدية الثورة، سبتمبر وأكتوبر المجيدتين..

ومما قاله (( نحن حاربنا جنبا إلى جنب مع إخواننا في الشمال في (حرض ورازح وصرواح) قاتلنا بالرجال والمال والسلاح دفاعا عن ثورة سبتمبر الأم وأستشهد منا الكثير من الأبطال وأيضا أخواننا أبناء الشمال قاتلوا معنا جنا إلى جنب في شوارع عدن والمعلا والضالع وردفان من اجل الاستقلال وأستشهد منهم الكثير من الأبطال أيضا وكانت تلك هي البداية الأولى للوحدة الحقيقية بين الشطرين)) مثل هذه الشهادة من رجل وحدي شريف وأصيل وبطل بمكانة الشهيد/ علي عنتر لا تحتاج إلى تزكية أو مزايدة أو نقاش وغير قابلة للطعن فيها..

فقلت في نفسي ترى ماذا سيقول هذا البطل الوحدوي لو قدر له أن يطل علينا من قبره ويرى ويسمع من يطالب بالانفصال وهو الذي عاش حياته وحدويا نقيا وشامخا سلوكا وممارسة قبل تحقيق الوحدة ذاتها بعقود ومعه كل رفاقه الشهداء الآخرين (فتاح وشايع ومصلح) وبقية الشهداء الأبرار مدنيين وعسكريين..

الشهيد / عنتر كان معروف عنه روحه المرحة إلى ابعد الحدود لكنه في وقت الغضب وهذا يعرفه كل أصدقائه وأعداءه على السواء كيف تكون ردوده وأجوبته اللاذعة جدا وما هي الجملة الأثيرة بل والجُمل الشهيرة التي تتردد على لسانه على الطائر بالسجية الريفية حين يرد على من يستفزه بفعل أو كلام لا يستسيغه.. عباراته تصعب كتابتها هنا لأنها معروفة لكل الجيل الحاضر باستثناء مواليد ما بعد الكارثة في يناير 1986م .. الشهيد /عنتر ورفاقه الذين قضوا خلال فترة الصراع (الرفاقي) منذ الاستقلال وحتى أحداث يناير 86م المؤلمة ورغم كل الأخطاء التي ارتكبوها في حق أنفسهم ووطنهم..

لكن ربما يشفع لهم فيها ولائهم الشديد لوطنهم اليمني الكبير وحلمهم الوحدوي العظيم وصدقهم مع أنفسهم ووطنهم وهم يذكرون لإخوانهم أبناء المحافظات الشمالية نضالهم إلى جانبهم من أجل وطنهم الموحد أرضا وهوية، شعبا ولغة، دينا ودما وقدرا.. عنتر وفتاح وشايع ومصلح وعلي ناصر وسالمين وكل رفاقهم مدنيين وعسكريين وحتى (البيض) قبل أن - يفسد - كانوا وحدويون حتى النخاع والجينات والخارطة الوراثية لهم.. وثوريين من طراز نادر ومناضلين شرفاء يشهد لهم التاريخ والواقع بنقاء سرائرهم وصدق ضمائرهم وعفة أيديهم عن المال العام وممتلكات الوطن العامة وطبيعتهم البسيطة إلى درجة الزهد والتنسك ظاهرا وباطنا فلم يتركوا فيللا ولا قصور جميعهم بدون استثناء..

وعندما احترب الشطران في العام 1972 وفي العام 1979م وسقطت مدينة البيضاء بالكامل ودخلت قوات الطرف الجنوبي يومها إلى مديريتي (ذي ناعم والطفة) في محافظة البيضاء واستولت على مواقع عسكرية متقدمة ومهمة في (براش والرياشية ومُريس) في رداع وجَُبنْ.. تلك القوات العسكرية لم يكن لها مطمع في الاحتلال لغرض الاحتلال بل لغرض القصاص للشهيد/ الحمدي من ناحية والضغط السياسي من أجل إجبار الطرف الأخر في صنعاء للإسراع في التفاوض على تحقيق الوحدة وفرضها ولو بالقوة بعد حادثة اغتيال الشهيد / الحمدي المؤلمة..

باختصار كانت الغاية نبيلة يومها لكن الوسيلة غير ناضجة في تلك الحقبة من الزمن.. لكن الحادثتين العسكريتين أدتا إلى الإعلان عن أولى بشارات حدوث الحمل بالمولود الوحدوي العظيم على شكل اتفاقيات الوحدة الأولى في طرابلس الغرب 1972م وتبعها لقاء (قعطبة) والثانية اتفاقية (القاهرة) مطلع العام 73م إذا لم تخن ذاكرتي التي أكتب منها مباشرة الآن، أما الثالثة فكانت اتفاقية الكويت عام 79م عقب الإعلان عن إيقاف الأعمال العسكرية وجميعها تتحدث عن الوحدة وضرورة تحقيقها بأي ثمن ولم تتحدث عن مكاسب شخصية أو انتصارات وهزائم شطرية أبدا..

في تلك الفترة لم يكن أحد من الرفاق جميعهم سواء الذين قضوا نحبهم أو الذين لا زالوا بين ظهرانينا داخل الوطن أو خارجه، لم يعترض احد على الوحدة ونصوص اتفاقياتها بل الجميع طالب بالإسراع في تحقيقها منعا لتكرار الأعمال والحوادث العسكرية بين الشطرين وحقنا لدماء أبناء اليمن الواحد رغما عن أنف التشطير..

استحضاري اليوم لسرد بعض تفاصيل تلك الأيام هو خطاب الشهيد (علي عنتر) كما أسلفت الذي حرك في النفس ذكريات أشاهد اليوم عكسها تماما فيما يحدث في شوارع بعض محافظاتنا الجنوبية الغالية.. ماذا لو رأى أولئك الشهداء الأبرار ما يحدث اليوم من قبل بعض الحمقى والغوغاء الموجهين بالريموت من الخارج؟؟ لتحقيق أهداف وغايات شخصية ومناطقية ورخيصة و مشبوهة وقذرة..

هناك بعض الاختلالات المعيشية والتجاوزات القانونية من قبل بعض المسئولين هذه حقيقية لا غبار عليها لكن هؤلاء لا يمثلون سوى أنفسهم وذواتهم المريضة مثلهم مثل أي (متهبشين) ولصوص في أي وطن في العالم..

لكن السؤال: كم سيظل هؤلاء في مناصبهم من عمر الوطن؟؟ الجواب صفر على الشمال لأن الوطن هو الأبقى.. فأين الذين سبقوهم وماذا حملوا معهم غير الخزي والعار ولعنة التاريخ والشعب عليهم إلى يوم القيامة..

حقيقة أشعر بالألم يعتصرني عندما اسمع أن هناك مسلحين قطعوا الطريق بين تعز وعدن أو صنعاء وعدن وأتذكر بعض مقولات الشهيد/على عنتر ماذا سيقول عنهم لو كان حيا يرزق بين ظهرانينا؟؟ الجواب هو عبارته الشهيرة تلك (........) المعروفة لكل جيل الثورتين سبتمبر وأكتوبر.

ختاما المجد للوطن اليمني الكبير والخلود لشهدائنا الأبرار في طول وعرض الوطن الموحد ولا نامت أعين الجبناء والظلمة واللصوص وقطاع الطرق والقوادين سياسيا على أوطانهم والانفصاليين في الشمال والجنوب.

زر الذهاب إلى الأعلى