[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هل استدرج الحوثيون المملكة!

هذا سؤال يطرحه الكثيرون عن حسن نية وعن سوئها، ويتفذلك في إجابته المتفذلكون، ويزعم البعض أن المملكة قد تم استدراجها وجرها إلى معركة غير محسوبة العواقب، وحرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، وأنها كانت تستطيع تفادي ما جرى بشيء من الديبلوماسية والسياسة الواعية!

هكذا يطرح البعض ويتساءل، وهكذا يدير البعض الحوارات العقيمة والأسئلة غير المثمرة وغير المجدية، محاولة لإثارة الغبار حول حقائق لا تحتمل مثل هذه الإثارة، ووقائع لا تقبل بأنصاف الحلول، وذلك ينبئ عن غبش في التصور قبل أن يخبر عن ضبابية في الرؤية لدى هؤلاء السائلين.

ربما تبدو الإجابة بالنسبة للسعودية سهلة، ولكنها لديهم ليست كذلك، فبالنسبة للسعودية الأمور واضحة فثمة اعتداء واضح على حدودها، وهو اعتداء مسلح ومغرض ومرتبط بأجندة إقليمية تنتهج سياسات معادية للسعودية وتضيف إليها تصريحات أشد عداء وأبلغ كراهية، أما بالنسبة لبعض المتسائلين فالمسألة محل بحث ونقاش ونظر، وربما لا ينتهي لديهم هذا البحث ولا ينقضى النقاش ولا يصل النظر إلى الحقيقة. ولن يستطيع صانع القرار وحامل المسؤولية أن ينتظر أن ينجلي غبش التصور أو أن ينقشع ضباب الرؤية، فلديه هموم غير همومهم وشأن غير شأنهم، فهم وإن رضوا بالقبوع في وخم التردد فهو لا يملك إلا اتخاذ القرار الحاسم، وهم إن قنعوا بفسحة التأمل فهو لا يمكن أن يفارق مصلحة الوطن، وحدود الوطن وسيادته ليست محل نقاش ولا حوار ولا نظر.

ثمة موقف سياسي وسيادي واضح وجلي في طول السياسة السعودية وعرضها مفاده أنها رغم قدراتها الكبيرة في شتى المجالات إلا أنها لا تريد أن يحسب عليها أي اعتداء أو تجاوز على الآخرين، ولكنها في الوقت ذاته لا يمكن أن تقبل بأية حال من الأحوال باعتداء مسلح على أراضيها، أو تخويف لسكانها ومواطنيها فضلا عن أن تهادن أو تتهاون في حرب تشنها مجموعة مسلحة «كالحوثيين» ضد سيادتها، وهي حرب يعلم الجميع أنها حرب تحركها أطراف إقليمية لها أهداف كبرى للتخريب في المنطقة بأكملها وفي السعودية بشكل خاص، ومن الطبيعي أن يكون من حق السعودية أن تتصرف وتتحدث بصراحة وبقوة أنها ليست الطرف الأضعف في معادلات المنطقة، بل إن وزنها وحجمها الإقليمي والعالمي أكبر بكثير من أن تشوشر عليه محاولات بعض المخربين المدعومين إقليميا مهما كان ما يتذرعون به من الحجج.

ولئن بادر قائد الحوثيين بالأمس القريب بالتراجع عن كل مواقفه العدائية ضد السعودية وحدودها وسيادتها فإنه إنما فعل هذا جراء ما وجده وأتباعه من صلابة وصرامة في الموقف السعودي، خصوصا أنه قد رأى بأم عينه أثر تجرؤه على السعودية في أتباعه ومعاونيه وتنظيمه، فآثر السلامة بعد لأي واختار النكوص بعد الإقدام، وله أن يتفكر في مآل ما صنع ما شاء، وسيقر وإن بعد حين بخطئه ويكتشف حجم الحماقة التي ارتكبها.

ماذا كان يريد هذا المعتدي الحوثي؟ وماذا كان يتوقع وقد تلاعبت به الأوهام، وغره عن نفسه الغرور؟ ماذا يبتغي وقد تبرأت منه دولته اليمن، وتبرأ منه أئمة مذهبه الزيدي المعتدلون على طول التاريخ؟.

سيظل ما فعلته السعودية درسا لكل من تسول له نفسه الاعتداء عليها بقوة السلاح أو انتهاك سيادتها بأي شكلٍ من الأشكال، وهي لم تستدرج لهذه الحرب ولكنها خاضتها دفاعا عن وطنها ومصالحها وأرضها، ولم يكن السكوت خيارا ولا الاكتفاء بالتفرج ممكنا.

زر الذهاب إلى الأعلى