[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الاحواز... إلى متى؟

هناك مثل عربي يقول "كيف أعاودك وهذا أثر فأسك وأنت فاجرُ لا تبالي بالعهد"? ويصلح أن يضرب بإيران وعملائها في المنطقة فما تزال إيران (فارس) الحديثة منذ عام 1925

تعتدي على السيادة العربية من جهة ومن جهة أخرى تريد من العرب أن يعتبروها الجارة المسلمة الصديقة وحتى الشقيقة عبر مطالبتها بأن تكون عضوا في جامعة الدول العربية !

يفصل الأحواز (الوطن العربي) عن إيران (الهضبة الفارسية) سلسلة جبال كردستان أو زاغروس وقد خلدها الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بقوله : ((ليت بيننا وبين فارس جبل من نار, لا يأتون إلينا ولا نذهب إليهم)). تبعد أهم مدن الجنوب الأحوازي (عبادان) أقل من 60 ميلاً بحرياً عن دولة الكويت ويجاور الأحواز كذلك, العراق غرباً بحدود برية وبحرية طويلة. والسؤال المهم المطروح اليوم عند كثير من أبناء الشعب العربي الأحوازي هو: أليس الضياع الكبير في الوجود والهوية التي يتعرضون لها هو نتاج لتخلي العرب عن مسؤولياتهم تجاه أقدم القضايا العربية منذ 85 عاماً, والأهم بالنسبة إلى المشرق العربي (العراق والخليج العربي). ثم أليس العنصر العربي الأحوازي هو العنصر العربي ذاته في البلاد العربية? ومتى يعي العرب ان الأمن القومي العربي الجماعي والمصير المشترك والأرض والثقافة والعقيدة, هي مسؤولية عربية واحدة.

قد يطرح آخر بأننا مشغولون في فلسطين والعراق! أوليس من يعبث بالوحدة الوطنية في فلسطين والعراق هي إيران? كما عبثت في الوحدتين الوطنية اليمنية واللبنانية وكادت أن تكرر السيناريوهات نفسها في كلٍ من مصر والمغرب لو لا أن كشف أمرها. وجزء من الإجابة عن هذا السؤال هو ما هي حدود الأطماع الإيرانية في المنطقة? هل تكتفي بحرب أهلية في اليمن? أم أنها تكتفي بتصدير الجهل للشعب العربي? المطلع على العقيدة السياسية والعسكرية والطموح القومي الإيراني يعي جيداً بإنها تطمح إلى أكثر من ذلك بكثير. أما بالنسبة إلى فلسطين فوجود قضيتها (60 عاماً) لا يعني على الإطلاق تجاهل وإهمال عشرة ملايين عربي أحوازي وأرض عربية, هي بوابة المشرق العربي والتي تشكل 13 ضعف مساحة فلسطين, أم أن الاحتلال حلال في الأحواز وحرام في فلسطين? أو إن غصن الزيتون أكثر قدسية وشأناً من النخلة العربية في الأحواز التي هي إمتداد طبيعي للهلال الخصيب الذي يبدأ بالأحواز وينتهي بفلسطين? كما إن دعم القضية العربية الأحوازية أو حلها ينتج عنه إضعاف أو قطع ليد عابثة في المنطقة العربية ومنها فلسطين وقطع لرأس الأفعى في المشرق العربي.

الأحواز ليست بعيدة ولا يصعب على العرب أن يسمعوا بعدد النكبات والدمار والتشرد والنفي لاهلهم في الأحواز وخارجها والتهديد الجدي بالقضاء على الهوية العربية فيها. فالاستعمار الإيراني على سبيل المثال ينوي توطين أكثر من 11 مليون إيراني في الأحواز علاوة على المستوطنين الإيرانيين الموجودين أصلاً فيها (راجع "السياسة" 19 نوفمبر عام 2008), في حين تستمر عمليات التهجير القسرية بأنواعها تجاه شعبنا وأبسطها الحرمان الاقتصادي والمدني والديني والقومي وغيرها من الحقوق فهو احتلال استعماري استئصالي دموي يستهدف الوجود والهوية بالدرجة الأساس ولا يرتاح له بال حتى يقضي بشكل نهائي على "الضاد" بالأحواز فهاهي عمليات التفريس المنهجية التي تستهدف حتى أسماء المواليد كما استهدفت أسماء الأحياء والأزقة في الأرض المحتلة ثم إن من الأبعاد الخطيرة الأخرى للاستعمار الإيراني منع المسلمين أخيراً وبشكل علني من زيارة الحرمين الشريفين.

ان العبث بالهوية والطبيعة السكانية في الأحواز يهدد بشكل جدي الأمن القومي العربي خصوصاً في الخليج العربي وهو مقدمة لعدوان أوسع على المنطقة. ولا أرى أن هناك عذراً حقيقياً أمام المسؤولين العرب من رد العدوان الإيراني ومقاومته بشكل فعلي يتناسب مع الظروف العربية ويعيد العرب لحجمهم الحقيقي ويفرض على الآخرين احترامهم للسيادة العربية فقدرات بعض الدول العربية فقط توازي بل تفوق قدرات الاحتلال الإيراني, كما إن الوضع الاقتصادي العربي عموماً أفضل بكثير من وضع إيران.

اذا ضاعت الأحواز للأبد لا سمح الله, فهذا له عواقبه العظيمة على العرب وأمنهم ووجودهم وتاريخهم فكل ما قد سلف هو بعض أسباب ونتائج إهمال العرب للقضية الأحوازية, لكن هناك مسؤولية وقيمة إنسانية وقومية وحتى دينية أهم من كل ذلك وهي أن الأحواز اليوم بهذا الظرف التاريخي الحساس هي مسؤولية العرب كافة من المحيط إلى الخليج وإن كان للشقيق القريب المسؤولية الأكبر.

تقترب الأرتال العسكرية الإيرانية يوماً بعد يوم من بعض دول الخليج العربي, فهي غزت العراق وتحاول إيجاد موطأ قدم لها في شمال اليمن كما لها من يدعمها في سورية وجنوب لبنان في حين كان كل ذلك من نتاج خسارة العرب لجبهة متقدمة لهم لحماية الوطن العربي وهي الأحواز وبخسارتها سهل ذلك لإيران التمدد غرباً ولولا التقصير العربي الواضح وعدم وجود الوعي المناسب بإن خسارة كل شبر عربي خسارة للعرب جميعاً لما حصل ما حصل ولما اقترب الخطر الفارسي إلى هذه الحدود.

قبل أيام أعلنت روسيا عقيدتها العسكرية الجديدة وهي إحترازية وقائية تجاه اقتراب حلف ال "ناتو" من أراضيها في حين يفتقد العرب حتى اليوم الحس الجماعي بالمسؤولية بأن خسارة حقل نفطي عراقي هو بالاهمية نفسها لخسارة معركة أو وطن وسيادة.

فهل أصبحت الأرض العربية رخيصة إلى هذا الحد أم المشكلة في التنازل عن المسؤوليات? وعدم وجود الإقدام والشجاعة لدعم مصير العنصر العربي من الزوال من شمال الخليج العربي, فالتاريخ لا يرحم ولا ندري هل سيسمح أحفاد كسرى للعرب بالبكاء على أطلال العرب في الأحواز كما بكوا على الأندلس? فإلى متى هذا الإهمال تجاه الأحواز? لا أقول إلا كما قال تع إلى على لسان موسى (عليه السلام): ((فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) صدق الله العظيم.

قيادي في المنظمة الإسلامية السُنية الأحوازية

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى