[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

وحدة سعودية يمانية بالإكراه العسكري (2)

قد يزهد من يُسمون أنفسهم بالساسة من السعودية واليمن في وحدة أو اتحاد سلمي، ولكن ثقوا أن الزمن لن يقف عند هؤلاء المطففين، فله ما بعده. إذ إن ثمة أشياء لا يمكن إخفاؤها أو التستر عليها، والإفصاح بها.. أقول قولاً مرضاة لله، وهي أن الجزيرة العربية لاتتسع للسعودية واليمن دولتين منفصلتين تدقان المعاطب وترصفان العوائق الساحقات الماحقات.

ولن يتسمر الوضع في زاوية العُطب التاريخي دون تصحيح، فملكيتهم وجمهوريتنا ماض أمرهما إلى الاتحاد، استكمالاً لمنجزات الملك عبدالعزيز الوحدوية، فقد كان طيب الله ثراه موحدا بمرتبة الشرف، ولا مناص من تتبع أقدام عبدالعزيز في أن يأخذ اليمن الشقيقة السعودية أخذ الكرام البررة، أو أن تضم السعودية نصفها الشقيق اليمن.

إنها الوحدة القادمة، عندما يسكن دار الرئاسة الجنرال اليماني القوي، أو عندما يتربع على عرش السيفين والنخلة القيصر السعودي القوي، عندها وحدة الإكراه العسكري ستحسم حدود الجغرافيا اللئيمة ونقاط حرس الحدود، فمحال ومحال ثانية أن نظل منفصلين في دوليتن يتطاحن نظاماهما سياسياً بلا هوادة بين حين وآخر، يتطاحنان كلما صعد رئيس في اليمن وابتعد عن مراسيم التصوف بالعاصمة الرياض، أو كلما تربع على عرش السيفين والنخلة ملك جديد يوسوسون له أن استمرار إضعاف وإنهاك اليمن يؤمن الملكية السعودية لألف عام.

وكأن اليمن ما خلق إلا لضرورات حربية.. سياسات القلق والتحوّط استفحلت واستوطنت هكذا في نفسيات الحاكمين في صحراء نجد واليمامة وجبال اليمن، تنشطها حبوب الأحداث غير المتنبأ بها في اليمن أو في الرياض أو الأحداث الإقليمية، كحادثة احتلال الكويت الخطيرة، أو احتلال إيران لمديريات صعدة، والتي أينعت عن تجربة فاشلة لنظامين يتحدان مؤقتاً لمواجهة خطر دموي يفتك بشعبيهما من صعدة ويفشلان في احتوائه لضعفهما مجزئين في مواجهة إيران المتحدة مع مران وحيدان. لم يحققا النصر على إيران لأنهما منهكان بحروب انعدام الثقة، حتى غدا اليمن السياسي والسعودية السياسية مثل شخص فصامي لا يعرف جزءه الأول ما يفعله جزءه الثاني حتى وإن اتفقا. إنها أيها العزيز الأكرم إرث رحلة المسيرة العظمى من علاقات سياسية سيئة بين السياسيين السعوديين واليمانيين قادتنا إلى هذه المحطة، والرحلة السيئة مستمرة بحكام مُراءين ودولتين ضعيفتين وتضعفان كل يوم. وإذا اشتد بؤس العلاقة وشخصت بين الناس يخرج حكام الرياض وصنعاء فيدلقون علينا العامة، بضاعة أهل الظاهر، بأنها سحابة صيف، وتنقضي عقود من الصيف ولاتبارح السحابة سماء الفصول الأخرى.

ويختلط عليك الأمر حين تمعن النظر في محن هذه العلاقة فلا تجد إجابة على لماذا كل هذا؟ وتسترجع لماذا. ولأنه لا أحد يرد، تستنج أن حكام صنعاء والرياض يشعران بعدم الاطمئنان لتغيير قواعد سياسة السلف متسترين بالحيل الماكرة.

لن أسترسل وأتوغل في محن الباطنية السياسية السعودية اليمانية، لكن على هؤلاء -وحتى يأتي رئيس قوي وملك قوي في صنعاء والرياض- أن يُسَلموا بأنه لن ينقل اليمن في ليل والناس نيام السعودية إلى بقاع أخرى، ولن تدفع السعودية بليل آخر اليمن إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، ففي الجغرافية الواقعية، لا الافتراضية، استحالة ذلك، ثابتان جغرافيان لا يمكن التصرف بهما.

هذا يدفعني كواحد من الأسرة اليمانية السعودية إلى التمسك بدعوتي لوحدة اندماجية أو اتحاد ووحدة من أي نوع مع شطرنا وأخينا الشمالي المملكة العربية السعودية، هذه هي الدعوة المكتملة البناء الشائك، هي شائكة لأني أجزم بغير كثير حذر أن هذا هو زمن الأفكار التفكيكية للدول العربية، وتشقيق الأوطان، تشقيق الأوطان متسارع الآن بمقاولين محليين وإقليميين، ففي المنطقة الشرقية من بلاد أخينا الشمالي (بلاد أبو متعب) مثلما ما في صعدة، مشققون إقليميون قلوبهم تهفوا للتبرك بعمامة الإمام القائد ولي الفقيه، وآخرون غيرهم تفكيكيون محليون يدفعهم متعهدون داخليون أو دوليون، كفضلينا طارق ومن في قافلته، ومجموعة آل الرشيد وأشراف الحجاز، والفرق أن أصحابنا في اليمن أوضح صوتاً وصخباً وإعلاماً ورايات ونارا، بينما أولئك يشتغلون عبر أشخاص نافذين أوربيين وأميركيين ومراكز الدراسات الاستراتيجية، ومن يدري فقد يستلهم انفصاليو المملكة التكتيك الميداني لأصحابنا، فطاعون التشظي ووباء الانشطارات يهب ناهضاً إلى سوقه يجره تاجر البازار وتجار اللحظة الأخيرة.

ولن يقطع الطريق على التجار والتفكيكيين، إلا وحدة سعودية يمانية، وإلا فإنّا بين الأحساء والرياض وحائل ونجد والحجاز وصنعاء وعدن والمهرة سنتجالد كشيعة كربلاء ألف سنة قادمة، وللحديث بقية إن شاء الله..

إعلامي يماني مقيم في قطر

زر الذهاب إلى الأعلى