[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

نريد إعادة الاعتبار للوطن.. نكون أو لا نكون!

الجمهورية أو الموت، الوحدة أو الموت ( في اليمن )، شعار أدى دوره بكفاءة عالية في ورفع المعنويات إلى عنان السماء في مرحلة هامة وحاسمة من مراحل الدفاع عن الثورة والجمهورية في (حصار السبعين يوما (نوفمبر- 67 - فبراير 68) وفي الدفاع عن الوحدة (5 مايو-7 يوليو 94 م)..

اليوم يجب أن يستبدل هذا الشعار بشعار آخر أكثر نبضا وأملا ودعوة للحياة والمستقبل وأكثر احتراما وقابلية للبقاء والاستمرارية مثل ((الزراعة أو السؤال من يد الغير- الصناعة أو البطالة والضياع - لا خير في شعب يأكل ما لا يزرع ويلبس ما لا يصنع)) لكي نحافظ على أهداف ومبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر ومايو العظيم 90 م..

لقد كانت صحيفة ((الصباح)) في الحديدة في السبعينات رائدة في رفع هذه الشعارات الداعية للاعتماد على النفس في توفير الأمن الغذائي للوطن وكان صاحبها الأستاذ القدير/ سعيد الجريك أطال الله في عمره بالصحة والعافية يتفنن في إبداع الشعارات الوطنية المناسبة لثقافة تلك الفترة مثل ((ازرعوا تهامة تأكلوا وتشربوا إلى يوم القيامة - ازرعوا تهامة والجوف وسيصاب الفقر بالخوف - الولاء للأرض فرض))..

كانت ((الصباح)) برئيس تحريرها / الجريك - سجين الشطرين - الصوت الوطني الأبرز في ذلك الزمن وتحمل الكثير من المعاناة بسبب جرأته ومصداقيته ولم تظهر في " الحديدة " صحيفة أو صحفي بحجم وانتشار ((الصباح والجريك)) حتى الآن، ومع الأسف لم يتذكر الوطن ابنه البار/ الجريك وتركه اليوم يواجه مصيره بذاته في مدينة عدن!!

وما أحوجنا اليوم إلى رفع مثل تلك الشعارات العملية كما رفعت (ماليزيا) ذات يوم في الثمانينات شعارها الخالد (نكون أولا نكون) وتحديدا في عهد أبو المعجزة الماليزية طيب الذكر" مهاتير محمد " فكانوا وأصبحوا معجزة آسيا الحقيقية قياسا بشحة الإمكانات الوطنية وتضاريس البلاد القليلة المساحة الصالحة للزراعة والتنمية والبناء لكنها الإرادة حينما توجد في النفوس العظيمة تهون أمامها كل الصعاب ويتحول المستحيل إلى مجرد قزم ذليلا وصاغرا..

صحيح انه لا تنمية بدون أمن لكن الصحيح أيضا انه بالإمكان رفع شعار (يد تعمل ويد تحمل السلاح) كما رفعناه سابقا فكانت النتيجة خطط خمسيه جاءت بثمارها اليانعة سريعا ولا زلنا حتى اليوم ننعم ببقايا الكثير منها، الجمهورية والوحدة اليوم في وضع أفضل ولا خوف عليهما وهذا لا يعني الاسترخاء والنوم في العسل بل مطلوب تشريع بعض القوانين العاجلة وتفعيلها فورا مثل تجريم الإساءة للعلم الوطني، إحراقه أو إنزاله أو رفع علم آخر غيره أو الإساءة للوحدة بالسخرية منها أو المطالبة بالانفصال، ويجب إضافة التربية الوطنية من الصف الأول الابتدائي لا من الثانوية العامة وحسب، ورغم صوابية الفكرة إلاّ أنها تظل لا معنى لها ما لم تترجم التربية الوطنية في نفوس وسلوك رجالات الدولة وكافة القيادات التنفيذية أولاً ..

غياب القدوة في كافة مرافقنا الحكومية أضعف الشعور بالولاء الوطني في قلوب الشباب وهم كل المستقبل، كذلك عدم تطابق المناهج الدراسية مع ما هو واقع أوجد جيلا مشوها في التفكير لا يفهم هذا التناقض بين ما يتم تلقينهم في المدارس وبين واقعهم المعاش..

ذات يوم سألني أصغر أبنائي ما معنى تحية العلم؟؟ صعقني السؤال! ابني في الصف الخامس ولا يعرف معنى تحية العلم؟ سألته ألا يوجد في مدرستك علم مرفوع؟؟ أجاب بالنفي، فالمدرسة أهلية عبارة عن بناية كبيرة ولا يوجد بها حتى مجرد فناء مدرسي ولا سارية علم ولا يحزنون، فمن سمح بمثل هذه المهازل بإعطاء تصاريح لمدارس أهلية لا تمتلك أدنى مواصفات المدرسة، حيث كل من أفلس في متجر أو ورشه أو مطعم أو محل (بنشر) فتح له مدرسة أهلية..

ثم كانت الصدمة الثانية عندما سألني ماذا تعني خطوط عبور المشاة؟؟ لأن مربية الفصل أخبرتهم أن لا يقطعوا الشارع سوى من الأماكن المخصصة للمشاة حفاظا على حياتهم!! وعندما خرج التلاميذ ليشاهدوا تلك الخطوط لم يجدوا شارعا واحدا فيه خطوط عبور للمشاة حتى يفهموا ويتعلموا، وعندما نحدث أبنائنا الشباب عن الولاء الوطني يكون الجواب أسرع من رجع الصدى!!

أين هي حقوقنا أولا في توفير المدارس الصالحة للدراسة وتوفير الكتاب والمدرس في حينه، ثم نحن نذاكر على ضوء الشموع ليلا وفي النهار نقضي وقتنا في البحث عن اسطوانة غاز منزلي للأسرة، فكيف لنا أن نشعر بهذا الولاء، الدرجات الوظيفية تشترى أمامنا بكل وقاحة وإعطاء درجات وظيفية لخريجي سنوات حديثة وهناك من التسعينات لم تنزل أسمائهم حتى الآن، غياب القدوة والمعيار أدى إلى بروز هذه الأورام الخبيثة في جسد الوطن، فأي ولاء هذا الذي يغرس في نفوس شباب محبط يائس..

إن التربية الوطنية سلوك يمارس لا مواد جامدة تضاف لمناهج الثانوية أو الإعدادية وحسب، لكنها تغرس في النفوس من خلال القدوة ابتداء برأس الدولة والحكومة وانتهاء بعامل النظافة في الشارع عدا ذلك فانه حرث في البحر وضياع للأجيال والوطن .

آخر السطور :

شمعة جديدة أضاءت سمائنا بالأمل وهي نجاح أول عملية جراحية في إطالة العمود الفقري قبل أسابيع في الوطن على يد الطبيب اليمني الجراح الدكتور/ خليل الزريقي، استشاري جراحة الهيكل العظمي في اليمن هذا الطبيب كتبت عنه ذات يوم صحيفة ((الأهرام)) المصرية (الطبيب اليمني الذي أنقذ حياة الكثير من المصريين)) وهو معروف في مصر وألمانيا أكثر مما هو في وطنه حيث " لا كرامة لنبي في قومه " وله قصة طريفة في ألمانيا مع احد المرضى اليمنيين عندما عرف أن الذي سيجري له العملية طبيب يمني فقال(ولماذا أتينا إلى هنا)..

لكن المستشفى أقنعته بمسؤوليتها وبعد نجاح العملية اعتذر الرجل بخجل شديد من الطبيب اليمني، إن مثل هذا الفتح الطبي الهام سيوفر على آلاف المصابين عناء الذهاب والمتاجرة بأوجاعهم في الخارج ونقول للدكتور/ خليل الزريقي تهانينا لك بهذا النجاح الكبير الذي شرفت به وطنك وتشرفت أنت به في وطنك، ومن نجاح إلى آخر يا دكتور إن شاء الله أنت وأمثالك المتفوقين

زر الذهاب إلى الأعلى