[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

هل هناك نية مبيتة لإبقاء مجتمعات البدو على جهالتها!!

مدخل:

حنّا البدو
حنّا البداوة أصلنا
حنّا البداوة فصلنا
حنّا بدو متماسكين
وهذي نتيجة وصلنا

حنّا بدو
حنّا البداوة عيدنا
ما ناكل إلا صيدنا
ما نعيش عالة مجتمع
نموت .. مانمد أيدنا

حنّا بدو
حنّا البداوة عمرنا
ماحد بيصبر صبرنا
لأنها مصنع للرجال
نمشي وتمشي بأمرنا

كلمة بدو !!
تعني التمسك بالجذور
ماهو التخلف والجهل
ولا بعد حب الظهور
ولا التنكر للأهل

كلمة بدو
تعني الشمم
فعل وكرم
مبدأ حضارات الأمم
حنّا القمم
نارٍ على راس العلم
يشهد لنا سيف وقلم

~~~~~~~

في قرية صغيرة تنتشر مجموعة من البيوت الطينية، حين تراها تشعر للوهلة الأولى بأنك انتقلت عبر آلة الزمن إلى ماض تليد عاشه أجدادك.

تنظر إلى الوجوه هناك فتشعر بأن ملامحها لازالت تحتفظ بأصولها،، ولم تخالطها أوجه أخرى. تشعر بأن البساطة هناك تحتويك.. تحتضنك أينما ذهبت.

هناك رجال نبلاء، فضلاء، ضمن أطرهم التي لم تعد معاصرة، ضمن قيم متوارثة اهترأت ولم يجدوا بديلاً عنها. كرمهم ما يزال بدوي الصيغة. ولازالت تعيش فيهم الحمية العربية الأصيلة.

النساء يعملن إلى جانب الرجال في الزراعة أو في الرعي، وكأنهن يدركن حديث المصطفى "النساء شقائق الرجال"" هذا الحديث الذي لم تستوعبه عقول بعض مثقفينا.

الأطفال يلبسون الجنابي، ويتباهون بها لأن وطنهم لم يورثهم علماً. عندما تنظر إليهم، يرعبك البريق التي تخفيه أعينهم، ف"أي مستقبل سنعول عليه ممن يولد وفي يده خنجر"!

هذا هو المجتمع القبلي الذي رأيته وعايشته بنفسي. دخلت إلى البيوت الطينية، وعشت فيها أياماً، عايشت اولئك الناس وعشت حياتهم، وعرفت الحقيقة التي يحاول البعض تشويهها:

الحياة البدوية ليست حياة همج وتخلف.. هي حياه أصيلة، كريمة، رغم ما يشوبها من مظاهر الجهل التي تنتقصها.

لازالت تلك القبائل تملك العدالة المرهفة بين طياتها، ولازالت تحمل الكثير من الأخلاق العربية التي هي من صلب ديننا. ربما الخلاف الوحيد بينهم وبين المدنية هي ادعاء الحضارة، مع ان الحضارة _ لمن لا يدرك _ هي ليست أدوات وآلات تستورد بقدر ماهي سلوك وعقلية وأسلوب في استعمالها. فما جدوى ان يستبدل البدوي "المدني" قطيع نوقه بسيارات فارهة إذا كان سيستعملها بالعقليه نفسها، وللأغراض ذاتها. وقس على هذا كل ماهو حضاري !!

الجميع هناك يشكون الفقر وقسوة الحياة، وافتقارهم إلى أبسط ضروريات الحياة الكريمة المدرسة، الدواء، الرغيف، والكتاب!! والواقع الاقتصادي والاجتماعي المزري، من الطبيعي أن يقف في وجه دخول الحضارة إليهم، من الطبيعي ان تستمر تلك القبائل في حياتها وكأنها تعيش في القرون الوسطى، مادامت الدول لا تكترث لوجود أولئك الناس، ولا تراهم حتى!!

قد تسمع اصوات صراعهم حينا، حينما تثور فيهم حمية الجاهلية، والتي يشعل جذوتها الجهل بالدين!! ولا تمت بصلة إلى مبادئ العدالة والانسانية التي عاش ومات نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، من أجل إحيائها.

فلازالت كرة الثأر تدور هناك بينهم، حاملة لهم الموت والدمار. ولا ادري إن كان هناك نية مبيتة للإبقاء على جهالتهم!!

أيا كان، الناس هناك _ليسوا كمان نتصورهم _ محض جهلة فرغت قلوبهم من الرحمة، ويصنعون واقعهم البشع بأيديهم!!

الناس هناك بسطاء جداً، وإجرامهم ليس سوى انعكاس لحالة الجهل التي يتجرعونها وكذلك رد فعل على إهمال الآخرين لهم.

فمع أصوات الناس هناك؛ تسمع حينا حوافر الخيل العربية وهي تصطك برمال الصحراء، وترى فيهم بقايا أخلاقيات ديننا التي جعلتنا نقود العالم ذات يوم!!

الخطأ ليس في قوانين البداوة، الخطأ هو في تسرب الفساد إلى تطبيقاتها الأمر الذي أحالها إلى عوامل تمزق وشتات وتخلف!!

على الدول العربية عموما واليمن بوجه الخصوص، أن تصل إلى مجاهل تلك الأرياف بالعلم، وهذا أضعف الإيمان، علهم يستطيعون هم بناء حياتهم. هم بحاجة فقط إلى من ينتشلهم من واقعهم. والعلم هو الحل لتقويم حياتهم والحفاظ على أصالتها.

بإيجاز، هذا الأمر لن يقوم إلا بما قامت عليه الحضارة الأولى.. حضارة النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام الذي جاء ليرسخ قسما من السجايا والخصال العربية في البيئة الاجتماعية القبيلة التي بُعث فيها، وليرفض بالمقابل كل مظاهر الهمجية والتخلف التي تعتريها!

إلا إن كنا سنختار أن نعيش في أوطان تغرق في وحل الهمجية، وتعيش نكسة أزلية.

* يمانية مقيمة بالمملكة العربية السعودية

زر الذهاب إلى الأعلى