[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

"لا تبكي على من مات وابكي على من فقد عقله"

إن مقياس تقدم الدول يأتي من خلال اهتمامها بالحقوق الإنسانية التي تكفل لمواطنيها العيش حياة كريمة وآمنة تتوفر له أبسط وسائل العيش من صحة وتعليم ومسكن وغذاء.

وفي اليمن السعيد يلاحظ أن الفقر من أبرز سماته فقد وصل عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر والغير قادرين على توفير متطلباتهم المعيشية الضرورية إلى سبعة ملايين نسمة وذلك حسب الإحصاءات الرسمية.

حيث أن الارتفاع الحاد والمتصاعد في أسعار الغذاء زادت من معدلات التسرب في التعليم للبحث على لقمة العيش مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمية وزيادة نسبة البطالة والمتسولين والتي عملت بدورها إلى انتشار الجريمة والكسب غير المشروع وبرزت معها ظاهرة الانتحار وازدياد أعداد المصابين بالحالات النفسية (المجانين) لتصبح ظاهرة مجتمعية وهي نتيجة طبيعية لتلك الظروف التي تمر بها بلادنا وبشكل متسارع.

وإن من نعم الله علينا في يمننا الحبيب هي روح التكافل والتعاون وحب الخير المنتشر بين أفراد هذا المجتمع وخاصة أبناء حضرموت والمتمثل في إقامة الجمعيات والكثير من المؤسسات الخدمية والخيرية والتي جعلت من المجتمع في تواده وتعاطفه كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

وقد تنوعت أعمال الخير تبعا للخدمة التي تقدمها كل جهة فهناك جهات تهتم بالأيتام وهناك جهات تهتم بالأسر الفقيرة وهناك جهات تهتم بتزويج الشباب وكفالة طلاب العلم والمشائخ وهناك جهات تهتم بالمعاقين والصم والبكم من ذوي الاحتياجات الخاصة.. وهذه إيجابية طيبة تدل على إن هذه الأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

وإنني هنا أناشد تلك الجهات أن تقوم بلفتة كريمة للحالات النفسية والمصابة بمرض انفصام الشخصية (الجنون).. تلك الشريحة المنسية من أبنائنا وإخواننا في العقيدة والدين في حاجة ماسة لبناء دور رعاية خاص يهتم بها ويقدم لها العلاج حتى يعودوا أفراداً صالحين لخدمة أسرهم ومجتمعهم وقد قال حكيم (لا تبكي على من مات ولكن ابكي على من راح عقله).

والعقل بلا شك هو أهم ما يملكه الإنسان والذي فضله الله على سائر المخلوقات حين قال سبحانه (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فما أحوجنا لمثل تلك المشاريع التي تكفل مثل هذه الشريحة وترعاها وتقدم لها الخدمة المتكاملة من علاج وسكن، ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة).

زر الذهاب إلى الأعلى