[esi views ttl="1"]
آراء

العالم خالد نشوان.. يبدأ الفجر بتغريد عصفور

المخترع اليمني الراحل خالد نشوان

قيمة كل مجتمع، بقيمة الأسماء اللامعة فيه، ولا حياة لمجتمع لا أسماء فيه ولا رموز.. وبلادنا تزخر بالكثير من الأسماء التي ترفع الرأس في كل مجال من مجالات الحياة.. غير أننا مجتمع لا يحتفي برموزه كما ينبغي، ولا يتابع نجومه بالقدر الذي يجب..

فوجئت وأنا أستعرض المشاركين في المؤتمر العام الثالث للمغتربين بمئات من الأسماء اللامعة والبارزة في كل بقاع الأرض، وكذلك يندهش المرؤ بحجم ونوعية الأسماء البارزة في مختلف العلوم الموجودة داخل اليمن، غير أن التزاحم الحزبي، وانشغال اليمن بتكريس الديمقراطية قد صرف الأذهان لفترة لا بأس بها، وأشغلها عن متابعة الأسماء الكبيرة..

وفي هذا الأسبوع يحتفل اليمن بمجيء واحد من أبنائه البررة الذين لطالما رفعوا رأسه في أكثر من مناسبة ومكان..
إنه فارس المخترعين الدوليين العالم اليمني البرفيسور خالد نشوان، صاحب العديد من الاختراعات والكثير من الجوائز والنياشين والأوسمة، والتي كان آخرها الأسبوع الماضي، براءة الاختراع الممنوحة له من المكتب الوطني الأمريكي للملكية الفكرية على اختراعه الشهير جهاز "نشوان باراساوند". وهو الجهاز الذي منح لأجله العام الماضي وسام "فارس المخترعين الدوليين" برتبة اوفيسور(ضابط) من قبل الاتحاد الدولي للمخترعين..

ل"نشوان" العديد من الاختراعات العلمية، اثنان منها مسجلان رسميا، وقد حصدت أبحاثه ومخترعاته أكثر من 25 جائزة دولية، وهو أول عالم من الشرق الأوسط يحصل على ميدالية ماريا كوري العلمية الدولية للعام 2005، التي تعتبر أهم جائزة عالمية بعد جائزة نوبل، كما حصل على جائزة ملك تايلاند للمخترعين، وجائزة ولقب مخترع العام 2006 في المجر، وكأس الاتحاد الدولي للمخترعين للعام 2006، وجائزة اتحاد المخترعين الألمان، وميدالية الشرف الفرنسية، وجائزة كوريا الجنوبية للمخترعين، وجائزة أفضل اختراع من تايوان، وميدالية "نيكولا تسلا" الذهبية للمخترعين، بالإضافة إلى العديد من الميداليات الذهبية الدولية للمخترعين في روسيا وسويسرا وماليزيا، كما حصل على جائزة العبقرية الأوروبية، وجائزة الجدارة الرومانية عن اختراعه الأخير.

وحظي نشوان بتكريم عربي ومحلي على ارفع المستويات حيث منحته الجامعة العربية درع الجامعة العربية واختارته الهيئة الإدارية والاستشارية لـ"مركز نشوان الحميري للدراسات والنشر" شخصية اليمن في العام 2009. إضافة إلى التكريم الرسمي إذ ظل الرئيس علي عبدالله صالح يتابعه باستمرار ويهنئه بعد كل إنجاز، وقد منحه "وسام الاستحقاق في العلوم".

وفي فيلم وثائقي أعده تلفزيون المجر عن العالم خالد نشوان، تحدث فارس المخترعين عن الدوافع الإنسانية التي دفعته لاختراع "نشوان باراسورد"، وفي ذلك الفلم يكتشف المشاهد مدى إجلال المجر للدكتور نشوان واعتزازهم به رغم كونه إلى الآن لم يقبل الجنسية المجرية، إذ ظل يقرن كافة إنجازاته بالحديث عن اليمن، ويرتفع معه علم اليمن، كلما ارتفعت يده بكأس أو زين صدره بوسام..

أكمل نشوان دراسته الثانوية بصنعاء، وانطلق بمنحة دراسية إلى المجر، وسرعان ما أسس خلال دراسته مركزاً للأبحاث والنشر، أصدر من خلاله العديد من الكتب التعريفية عن أكثر من قطر عربي باللغة المجرية في مجلدات فاخرة مدعمة بالصور؛ لهذا لا عجب أن نجد كافة سفراء الدول العربية في بودابست يحضرون كل فعالية تكريم للنابغة اليمني الذي أذهل الغرب وشرّف كل العرب.. أبو "أسعد الكامل" صار أيضاً أباً لأصغر مخترع في العالم، وهو أسعد الكامل ابن الثانية عشرة عاماً..

وبسبب تربعه على عرش الاختراعات الدولية استطاع أن يدخل اليمن ضمن أربع دول عربية فقط إلى اتحاد المخترعين الدوليين.. مؤسساً اتحاداً للمخترعين لليمنيين بمجهود ذاتي خالص..

ثمة أيضا جوانب أخرى في شخصية الدكتور خالد نشوان تجعل منه مادة بحث خصبة في النبوغ والتميز، ففارس المخترعين الدوليين هو أيضاً أديب وشاعر صدر له مجلدان أدبيان باللغة المجرية، أحدهما ديوان شعر بعنوان " "أتيت من ارض ملكة سبأ" والأخر كتاب أودع فيه تأملاته، بأسلوب أدبي رفيع، ومن كتابه الثاني اقتنصت تلك العبارة في العنوان: "يبدأ الفجر بتغريد عصفور"..

ومن هذا النتاج الأدبي الرفيع في بلد عرف بتميزه أدبيا على مستوى كل أوروبا، حصد الدكتور خالد نشوان جائزة الأدب المجري لعام 2001 من الفيدرالية العامة للاتحادات الاجتماعية المجرية..

اليوم، لا تفتخر اليمن وحدها، ولا العرب فحسب، بهذه العقلية الفذة، بل أصبح العالم خالد نشوان مصدر فخر واعتزاز للانسانية جمعاء، وهذا ما قالت به بعض كتابات الغرب..

ابن "خولان الطيال"، اثبت قدرة اليمني على التميز وبلا حدود، وأثبت أن نابغة اليمن وموسوعته نشوان بن سعيد الحميري (توفي 573ه) لازال نموجا يمنيا يتكرر صانعا دهشة الربا وفخار السنين وتاركا للناس أدبا وعلما لا يتوقف مده.

عن مثل هذه الشخصية الفذة ينبغي أن نحدث أبناءنا في المدارس، وأحلامنا في القلوب.. بمثل خالد نشوان يحتفل يمن الـ22 من مايو في عيده العشرين، وبصورته، تتجمل طوابع البريد، وبأشعاره تترنم الأجيال، ولمثله أصلا، تكتب الأشعار وتؤلف الكتب..

زر الذهاب إلى الأعلى