[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أدعياء الوطنية الجديدة!

أقول وبعد الصلاة والسلام على الرسول.. وأرجو من الله وحده القبول.. الله كم هو مثير للاستغراب آن يتبارى كثير من المسئولين والكتاب خلال الفترة الأخيرة في ماراثون الدفاع عن الوطنية والتعبير بشكل فج عن وطنية وولاء لدرجة تدعو للتندر، وإلى السخرية خاصة حين تصدر من أناس هم في مواقع اتخاذ القرار..

وتراهم يكيلون تهم التقصير على المؤسسات الإعلامية والثقافية ويتحدثون عن اختلالات فيها وفي المؤسسة التربوية والتعليمية، والعجيب أن في أيديهم إمكانية التغيير والتحويل والتبديل !!..

ثم لا ندري ماذا عن الأدوار الوطنية للأجهزة التنفيذية الأخرى..؟ وكلها فعلا تئن من غول الفساد وغوائل الفاسدين، وتشكو بمرارة من الإدارة الفاشلة وخصوصا في تلك المعنية بالاقتصاد والتجارة والزراعة والمياه والكهرباء وغيرها من المؤسسات المعول عليها توفير الاحتياجات المعيشية للمواطن.. في الوقت الذي يعاني فيه هؤلاء الوطنيون الجدد مشكلات التخمة و أمراض الثراء الفاحش غير المتوقع، وأصبح همّ هؤلاء التربية الوطنية والانتماء المفترى عليهما.. فعن أي وطنية يتحدث هؤلاء.؟

كان الأحرى أن يكونوا آخر من يتحدث عن الوطنية وحب الوطن المثخن بالجراح وتوالي الأزمات في وقتٍ تجدهم يتغنَون ويرقصون طربا ليلا ونهارا على بطون الملايين الخاوية، وآلاف المرضى الباحثين عمَن يخفف عنهم ألآم المرض الذي أصبح من مجالات الاستغلال المربح دونما وازع من ضمير ودونما ذرة من وطنية يدعون إليها، ويدّعون زورا أنهم يدافعون عنها بلا مؤاربة أو خجل.. ويضحكون على الآلاف من شباب الوطن التائهين والغارقين في بحر البطالة والفراغ القاتل..

ألا يدرك هؤلاء كم هم من السذاجة وربما الخبث حين يدركون تمام الإدراك حجم هذه المعاناة ويعترفون بكل هذه الأخطاء القاتلة في إدارة مؤسسات البلاد وفي مواقع هامة يعوَل عليها صياغة الشخصية الوطنية الحقيقية تربية وتعليما وإعلاما وثقافة، شخصية تعتز بانتمائها للوطن تاريخا وحضارة، وتذوب عشقا لكل ذرة تراب في الوطن، حقيقة مغروسة منذ التنشئة المبكرة.. لا يمكن أن يخالطها تقوّل أو ادَعاء كاذب مزعوم .

نقول لهؤلاء المنطق يقرر أن التغاضي عن تكرار الأخطاء والتهوين من نتائجها الكارثية إنما هو الوبال بعينه، كما أن القفز فوق حقائق الواقع المؤلم لا يجدي، ولا يمكن معه الوصول إلى الأهداف المبتغاة من تحقيق المعالجات الناجعة وتصحيح الاختلالات.. فما بالكم بمن يتنكر ولا يعترف بكل هذه الحقائق الماثلة والمعاشة ؟، ثم لا يقيم وزنا لمشاعر الملايين التي تعايش هذه الظروف وتكتوي بنارها، ثم يرغب في تصديق الناس له، والسير معه وراء سراب من أوهام الحديث عن وطنية جوفاء وإنتماء أجوف! (عجب وأيَُما عجب، ولتوًنا ودَعنا رجب).

نعتقد أنهم إما يسخرون من قضايا هذا الوطن، ويستخفَون بأبنائه وإما أنهم يريدون الترويج لوطنية من طراز جديد حين يقفزون على الحقائق ولا يلقون بالا لكل هذه المعاناة بل يتنكرون لكل هذه العذابات والمشكلات المتراكبة التي تعيشها كثير من فئات الشعب والشباب على وجه الخصوص الذي قد يدفعه الجوع للكفر والخروج من الملة.. فما بالكم بوطنية هلامية جوفاء، أو بدعوة للانتماء لوطن الجوعى والعطشى والمظلومين والمهضومين والمحرومين، وضحايا الفساد والإفساد فعن أي وطنية يتحدثون ؟ وليس في نيتهم تصويب الأخطاء و تصحيح الاختلالات، وتبديل الفاشلين وفضح الفاسدين، أو حتى مجرد تخويف الظلمة وأعوانهم من الفاسدين الذين هم أعداء الوطن الحقيقيون من شر العواقب، وسوء الخاتمة، وكل ذلك ليس في أجندة هؤلاء الأدعياء !.. أذّكر هنا بمثل مصري شهير يقول ( أشوف كلامك أصدقك.. أشوف عمايلك استعجب ) نقول كفى وكفى ثم كفى ياهؤلاء استحيوا على أنفسكم، وان لم يكن لأنفسكم عندكم قدر، وهانت عليكم فاستحيوا من الله حق الحياء – كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام .. إلا أن تكونوا قد تجاوزتم الله ورسوله – والعياذ بالله...

وأيضا نذكّر هؤلاء المتشدقين بالوطنية وهي منهم براء، كيف يصف الله تع إلى المنافقين والكذابين وخائني العهود والمواثيق و إلى ماذا تنتهي بهم الأمور أمام الحي القيوم الذي هو حسْبُ هذا الشعب ووليُه..وهو نعم المولى ونعم الوكيل والنصير؟..و من اليهود اكبر عبرة وعظة.الذين نكثوا بعهودهم ومواثيقهم، فاستحقوا اللعن والطرد من رحمة الله حين لم يأتمروا بينهم بالمعروف وحين لم يتناهوا عن منكر فعلوه، وباءوا بغضب من الله إلى يوم القيامة.. فخسروا دينهم ودنياهم..فهل البعض من أبناء وطننا أو جلدتنا يرضى بمثل هذا المصير ؟- لا يتصور أبدا - ويا لطيف.. اللطف..كم حلف كثير من أولئك وهم من منصب إلى منصب، ومن كرسي إلى ثان، ومن مجلس إلى أخر، والله اعلم بالسرائر.؟.!

وكما أن ذلك للتذكير – والذكرى تنفع المؤمنين، وليس غيرهم - هو أيضا للقادم من الأيام درس وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد... وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله...والله بصير بالعباد.. استمعوا لقول الحق الذي ليس بعده إلا الضلال " يحلفون لكم ليرضوكم.. والله أحق أن يرضوه " وفي آية أخرى " يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين " صدق الله العظيم ..

الوطن يا هؤلاء لم يعد يحتمل المزايدات من أي نوع باسم الوطنية أو غيرها من الشعارات الجوفاء والوطن اكبر وأغلى من ترهات المبطلين.وليس من دواع إلى الضحك على الذقون، وذر الرماد في العيون.بسيول من الأغاني والرقصات، وبمناسبات وغير مناسبات.تعبيرا عن اللامبالاة.. وستظل الأعمال والممارسات على ارض الواقع المعاش هي السبيل الوحيد للإثبات... لإثبات حب الوطن والتفاني في خدمة أبنائه وانتشالهم من واقعهم المعيشي المزري، والعمل الجاد والمخلص على تنفيذ خطط التنمية، ومحاسبة الفاسدين، وإبعاد الفاشلين، ووقف العبث بالأموال العامة ومقدرات الوطن المكلوم بأمثال هؤلاء المتنطعين تحت راية الوطنية الجديدة، والعمل من أجل وقف استغلال المواطن وابتزازه، لقد أصبح هذا المواطن المغلوب على أمره يدرك انه يتجرَع مرارة العيش.. ولا يدرك أي مجهول ربما ينتظره ؟..ولكنه يدرك جيدا أن هؤلاء يعيشون في أبراج واهية هي أوهن من بيت العنكبوت.. سوف تتساقط عند أول محاسبة وطنية حقيقية، ووقفة شعبية جادة.. وسيُخرج الله أضغان الفاسدين وأدعياء الوطنية الجديدة.. طال الدهر أم قصر.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون....!!

وللحديث بقية لا تنتهي إلاَ بزوال هؤلاء أو عودتهم إلى جادَة الصواب
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا

* مذيع سابق في الفضائية اليمنية
رئيس تحرير مجلة عالم المسافر الخاصة بالخطوط الجوية اليمنية

زر الذهاب إلى الأعلى