[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

العبث والفساد.. أولى من أي حوار أو اتفاق!

" أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم " (29محمد)

جميل أن يتراضى الفرقاء في السلطة والمعارضة.. وتحت أي عنوان من الاتفاق أو أي مسمى لا يهم.. لكن الملفت للنظر والمثير للشبهات... حجم التهاني والتبريكات والترحاب العجيب من هنا وهناك، وترداد ذلك وطغيانه على كل مانشتات الصحف الرسمية والمعنية.. وتصدرها أخبار التلفزيون مرحبة ومشيدة..

وكأن ما تعيشه البلاد من المصاعب قد تم تجاوزها، وكأن معاناة الملايين من أبناء هذا الشعب الطيب قد تم حلها بمجرد هذا الاتفاق.. بل إن بعض ردود الفعل قد ربط الاتفاق الأخير بالحكمة ويالها من حكمة ! ولا ادري هل ظلمنا الحكمة اليمانية. فاستخدمناها في غير مكانها ؟ أم أنها جارت علينا لدرجة ضعنا معها في متاهات النظرة الضيقة للأمور..

" تقول إحدى الطرائف حول الحكمة اليمانية.. وقد عبر عنها احد السياح حين تم نشله وهو يجول في احد الأسواق ولم يبق له السارق شيئا مما كان معه من الفلوس، فقال له احدهم: اليمن.. تمام سديك الإيمان يمان والحكمة يمانية. فرد السائح بامتعاض : إيمان ما في... بس حكمة في.."

ونحن نقول لأصحاب القرار في هذا البلد لا نريد حكمة من هذا النوع الذي يختزل معاناة البلاد والعباد على هذه الصورة الفجة من الفرح المبكي.. ويكفينا حكم وحكماء لم ينتجوا لنا إلا الأزمة تلو الأزمة والمعاناة تلو المعاناة.. واكبر منها سخرية هذا التغاضي وهذه اللامبالاة... والتي يراد من الجميع التصفيق لها والتغاضي عن كل الأفعال المشينة التي تستهدف القوت الضروري لملايين الجوعى وحقوق الضعفاء والمساكين والعاطلين، والمهضومين والمحرومين.. الخ من الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا والذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها.. فعن أي حكمة يتحدث هؤلاء؟ وعن أي فرحة يريدون للأشداق أن تنفرج أساريرها؟.

نعم اتفقتم.. شكرا لكم تمام التمام..! لكن ماذا عن الملايين التي تفرحون وتغنون وترقصون طربا لانجازكم الجديد أمامها.. من يمسح عنها دموع الأسى.؟. من يبعث فيها ولو بصيص أمل ويحاول انتشالها من بين ركام الفساد والمفسدين الذين تمادوا في غيهم.؟. وسلبوا كل آمالهم ولم يجدوا من يردعهم أو حتى يشير إليهم بالبنان لمجرد الإشارة.

وأمام أصحاب القرار أيضا وبعيدا عن الحكمة والحكماء.. لكن بصراحة الصرحاء ومن اجل اليمن المعطاء.. ألا ترون انه من أولى الأولويات ومن فقه الأولويات، أن تدرءوا عن البلاد والعباد الهاوية السحيقة التي بدأ يترنح حولها ويوشك أن يقع فيها بفعل هؤلاء الظلمة من العابثين والفاسدين الذين ترونهم أول المصفقين لكم بمناسبة وغير مناسبة.. ويستظلون بظلكم..ونقول بالتالي.. لقد سئمت الملايين المكلومة اختلافكم واتفاقكم وأصبح لا يهمها أن تتفقوا أو تصطفلوا... ! بعد أن أصبح همكم هم بعض..والشعب لا في العير ولا في النفير من همومكم بل انه يشعر باستخفافكم به وسخريتكم من قضاياه ومعاناته.. وكلما حاول المخلصون النصيحة وتقديم الذكرى إذا به يفاجأ بمهرجان هنا أو هناك.

ونقول لا بأس بالمهرجان السياحي الذي يستضيف الآخرين الذين لعلهم يتصدقون لهذا هنا أو ذاك هناك ولو بطريقة لا تدري اليسرى بما قدمت اليمنى، ولعل المغالطين وهواة الرقص الثم إلى يهتمون بالبني التحتية والنظافة العامة والخضرة ولأجل خاطر السياح وليس لأجل خاطر الجماهير التي سيسعى الجميع قريبا لطلب ودها ولو لفترة معينة.. ولعلها تفطن لذلك..

ولكن من الغريب أن تطلع علينا وزارتان مخضرمتان معنيتان بالإعلام والثقافة بمهرجان المفاجأة..جاء متأخرا عن مناسبة عظيمة كالوحدة سمي عبثا بمهرجان الأغنية والأنشودة الوحدوية. ولو أسموه مهرجان الرقص الوحدوي لتكلل بالنجاح المنقطع النظير.، لأنهم يجيدون الرقص على كل الحبال بينما الأغنية والأنشودة الوطنية تثير بعض اشمئزازهم ولذلك أخفقوا بشكل مريع.

فجاء مهرجانهم الظالم للوحدة الغالية مشوها هزيلا.. يعلم الله أن كثيرين أغلقوا أجهزة التلفاز ليس لرداءة الأداء والألحان وليس لهزالة الإعداد وبدائية أجهزة الصوت والتصوير.... ولكن كما قال البعض " حتى لا يشمت الأعداء بإنتاجنا الجديد المتردي ".. والذي أعادنا سنين طويلة إلى الوراء إلى الدرجة التي لا تبعد كثيرا عن محاولات إعادة ماضي التخلف إلى البلاد الثائرة على كل أنواع الطغيان والاستبداد.

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم...... ولا سراة إذا جهَالهم سادوا

* مذيع سابق في الفضائية اليمنية
رئيس تحرير مجلة عالم المسافر الخاصة بالخطوط الجوية اليمنية

زر الذهاب إلى الأعلى