[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

إلى يحيى علاو في أربعينية الغياب

شرف كبير انتمائي وأبناء بلدة (دمنة خدير) إلى مهد مسقط راسك، وشرفٌ كبير لكل أبناء محافظة تعز أن تكون أحد أبناء محافظتهم، وشرفٌ كبير لأبناء الحديدة والمهرة، وكل أبناء محافظاتِ اليمن..كلهم يفخرون أمام العالم بانتمائهم لموطن علاو، خزّاف وجه "السعيدة" ولعمري أنني أدري بأنك أكبر من مساحات "الأوراق" ومفردات الخطابة، وأدري أن استدعاء جُمل البلاغة محالٌ أن تفيك حقك، وأنت مخزون بلاغتها.

هاأنذا أقف على خشبة "أربعينية الغياب" ولا أدعي بأنني سأبلغُ ماتستحقه- وحسبي أنني ماجئتك إلا مشاركاً في الابتهاج ضمن هذه الحشود المؤلفة مراسيم استحقاق منحك "وسام الإنسانية" وكنتُ قد مررتُ قبلاً على كل الأمكنة في بلدة (الدمنة) ،تلك البلدة التي قضيت فيها ربيع طفولتك –حملتُ نفسي لأؤكد لك أن كل الناس هناك يحتفون بك منذ زمن..كل على طريقته ..ينسجون ذكرياتهم معك كل على سجيته المحببة، ويعتمرون روحاً وجسداً باتجاه مسقط رأسك..ويسبحون بحمد خالق يحيى، صغيرهم وكبيرهم.. شيوخهم وكهولهم نساؤهم ورجالهم جميعهم يحجون ويغسلون أعينهم ببريق كتاب مآثرك ويلتحفون السماء على كلمة شاكرين:

ما أكرمك ياالله لقد كَرَّمتَ خديرَ بيحيى وأعليت بعلاو اسم اليمنَ.

واقسم سيدي بأن كل من أراد سؤالي إلى أي ديار تنتمي ،اكتفي بالرد: "إلى بلاد يحيى علاو" يحدث هذا منذ أكثرمن عقد- وسأظل هكذا مفاخراً بك ماحييتُ، أليست تلك الحشود التي ودعتك خير دليل على عِظمِ مكانتك، وهي التي لامست شلال عطاءك منذ أشرقت فارساً في ميدان الإعلام ومضمار الصفاء الأخلاقي وساحة البذل الإنساني .. طيلة رحلتك الشاقة المتشحة ظاهرها وباطنها إنسانية.. وأي إنسانية تضاهيها؟

في أربعينية الغياب.. ما أحسبها أربعينية "الرحيل" أتساءل ومحبوك إلى أي مسارات الخير ارتحلت لتواصل مشوار المسرات" عُد ..فقد وعدت بإطلالة رمضانية على شاشة "السعيدة" ماعهدناك ناكثاً للعهود وأنت ضمير الأوفياء وسلوة البؤساء وناسك بهجة المسحوقين والفقراء.

- يا واهب الخير لأهله أحييت في السعيدة مكامن الحب والدِّيْنا وزرعت في كل شبر منها دروساً ستكفينا جيلاً وراء جيلا-

يستشهد الكاتب – سلمان الحميدي في مقال له في صحيفة"حديث المدينة" بعبارة لأحد الأدباء الصينيين" إن الإنسان حين يمشي ويرى إنسانا آخر سيسقط في البئر وبإمكانه إنقاذه ولا ينقذه فإن صفة الإنسانية تسقط منه فما بالنا بإنسان يقتل آخر".

أستطيع القول جازماً بأنك أنقذت مئات الأنفس من الغرق عبر برنامجك الأشهر " فرسان الميدان" وإنني في هذا المقام وفي حين نعيش كيمنيين الفوضى وقتل العباقرة أجدني مشدوداً فقط إلى عظمة سؤال كبير طرحه الكاتب عادل الأحمدي في إحدى مقالاته في صحيفة "الناس"،كأنه سؤال بلسان المسحوقين "ماذا قدمت الدولة لرعياها من خدمات مجانية أو شبه مجانية"؟

في حين وهبت حياتك لخدمة اليمن والبشرية مترجماً بذلك دروساً عظيمة بحجم عظمة ثرى اليمن الطاهر، فشلت كل مقدرات دولة في تحقيقه- فحصدت بذلك رصيداَ جماهيرياً –أسطورياً لم تعهده اليمن على مر العصور" إذا أحبك الله حببك إلى جميع خلقه " وأنت من أحببت الناس على امتداد ربوع "السعيدة"، من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، واحتفاؤنا بك اليوم ماهو إلا واحدٌ من احتفاءات أيام وسنين مضت، وسنظل نحتفي على الدوام، فالعظماء لايقتصر الاحتفاء بهم بظرف يومٍ أو مناسبة موسمية، خصوصاً.. وأنت من منحتنا كثيراً كثيراً الحبَ ولامست بصدق تواضعك أفراحنا وأتراحنا.

أما لذلك الفحََام الذي اقتربت منه يوماً وظللت تحادثه وقد أشعرته بأنك لاتقل أهمية عمن كان يساعده من أولاده..فسألته كم من المال يكسب في اليوم؟ فأجابك :750ريالاً أو يزيد، وهو من يعول 7 أنفس، فأكرمته خِلسة بمبلغ من المال بعيداً عن أضواء الكاميرا.

أتعرف يايحيى؟ بأنني لم اشهد في حياتي أن إنسانا أو مسؤولاً- وكيلاً أو فراشاً فعل مافعلته مع ذلك الفحّام واقترابك منه حتى كدت تكتوي بنار كيره، ذلك الفحّام يحترق اليوم كمداً وحسرة عليك ولسان حاله يقول "أتمنى أن أرى يحيى واقبل التراب الذي يمشي عليه وأموت".

والأبلغ أثراً ماتمناه الأستاذ والتربوي القدير (سعيد السامعي) أحد أترابك ، في معرض تناولة موسعة عن ذكرياته معك في صحيفة "الديار".. "تتوارد الأفكار والصور لشخصه فأتمنى لو أن العبقرية والعظمة والتدين كبسولات نعطيها أجيالنا فنرى جيلاً يعيد الكرامة والأخلاق وهذا مستحيل".

.........
يتخيّل الكاتب كأنه يلقي هذه السطور في مناسبة أربعينية الراحل يحيى.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى