[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

إني ارى .. فأرى جموعا جمة!

من المحرر:
وأنا أتجول في بعض المحافظات اليمنية، وأرى والتقي بالكثير من فئات مختلفة وأفكر بالواقع اليمني وأزماته ، تذكرت هذه القصيدة للشاعر الثائر العربي التونسي الكبير أبوالقاسم الشابي من أبرز الشعراء والمفكرين في مطلع القرن المنصرم.. وهو القائل:

إذ الشعب يوماً أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر

ومن روائع ما قاله:

ألقى من الدنيا حنانا طاهرا .. وأبثها نجوى المحب الصابي
أيعد هذا في الوجود جريمة ؟! أين العدالة يا رفاق شبابي؟
لا أين؟، فالشرع المقدس ههنا .. رأي القوي، وفكرة الغلاب!
وسعادة الضعفاء جرم، ما له .. عند القوي سوى أشد عقاب!
ولتشهد- الدنيا التي غنيتها .. حلم الشباب، وروعة الإعجاب
«أن السلام حقيقة ، مكذوبة .. والعدل فلسفة اللهيب الخابي
لا عدل، إلا إن تعادلت القوى .. وتصادم الإرهاب بالإرهاب

"نشوان نيوز" اختار لزواره هذه القصيدة التي تلامس واقعنا اليمني والعربي إلى حد كبير..

إني ارى ..، فأرى جموعا جمة
لكنها تحيا بلا ألباب

يدوي حواليها الزمان، كأنما
يدوي حوالي جندل وتراب

وإذا استجابوا للزمان تناكروا
وتراشقوا بالشوك والأحطاب

وقضوا على روح الأخوة بينهم
جهلا وعاشوا عيشة الأغراب

فرحت بهم غول التعاسة والفنا
ومطامع السلاب والغلاب

لعب، تحركها المطامع، واللهى
وصغائر الأحقاد والآراب

وأرى نفوسا، من دخان، جامد
ميت، كأشباح، وراء ضباب

موتى ، نسوا شوق الحياة وعزمها
وتحركوا كتحرك الأنصاب

وخبا بهم لهب الوجود، فما بقوا
إلا كمحترق من الأخشاب

لا قلب يقتحم الحياة ، ولا حجى
يسمو سمو الطائر الجواب

بل في اليراب الميت، في حزن الثرى
تنمو مشاعرهم مع الأعشاب

وتموت خاملة ، كزهر بائس
ينمو ويذبل في ظلام الغاب

أبدا تحدق في التراب..، ولا ترى
نور السماء..، فروحها كتراب..!

الشاعر الموهوب يهرق فنه
هدرا على الأقدام والأعتاب

ويعيش في كون، عقيم، ميت
قد شيدته غباوة الأحقاب

والعالم النحرير ينفق عمره
في فهم ألفاظ، ودرس كتاب

يحيا على رمم القديم المجتوى
كالدود في حمم الرماد الخابي

والشعب بينهما قطيع، ضائع
دنياه دنيا مأكل وشراب

الويل للحساس في دنياهم
ماذا يلاقي من أسى وعذاب!

زر الذهاب إلى الأعلى