[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

مواطن من الدرجة الثالثة!

ما إن نسمع كلمة (الدرجة الثالثة) إلاّ ويتبادر إلى أذهاننا (أسوأ حال يصل إليه المرء) وما إن نسمع عن (مواطن من الدرجة الثالثة) إلاّ ويتبادر إلى أذهاننا المواطن اليمني باستثناء أصحاب المقامات الرفيعة!!

فمواطن من الدرجة الثالثة معناه: فقير ، معدوم ، مديون ، مريض ؛ ولفظة مريض تحمل تحت طياتها الكثير من المفاهيم التي تعرفونها جيداً .. خصوصاً الحالات النفسية المستعصية التي أعجزت أصحاب الطب النفسي أنفسهم.

إن المواطن في اليمن تحمّل ما لا يتحمله أي مواطن في أي بلد من البلدان النامية كما يحلو للغرب أن يدللنا بين فينة وأخرى .. لقد دمر الغلاء جبالاً لا تنهد ولا تتزعزع من الصبر والتحمل وجعلتها قاعاً صفصفاً !!!

أما أصحاب السعادة والفخامة لا يفكرون في راحة هذا المواطن !! فأي راحة يجدها أصحاب الدرجة الثالثة سوى بناء أكبر عدد ممكن من المستشفيات والمراكز الصحية وجلب الأدوية المتنوعة ذات الألوان الزاهية التي تفتح الشهية لتناولها وما بعدها مرض أضافي .. لأنهم يعلمون علم اليقين أن هذا الوضع في هذا البلد لا يكون مآله سوى بوتقة متنوعة من الأمراض الغريبة والتي تضيف للسجل المرضي أمراضاً أخرى لم تسمع عنها أذن ، ولم تخطر على قلب بشر !!!

المشكلة أن قاموس الغرب لم يستحدث إلى الآن درجات أخرى واقتصر على الدرجة الثالثة لأنه يعلم أنه من المحال أن تأتي بعدها درجات أشد وأنكى ، ولكن على ما يبدو أننا وباعتبارنا في اليمن سنستحدث درجات أخرى وأعلى، مخالفين بذلك الأوامر الدولية !!! وربما نصل إلى الدرجة المائة وهي في تعريفها الاصطلاحي الجديد : تحول المواطن اليمني إلى جثة هامدة لا يسترها غير التراب!!

إننا هامش ، إننا أمانة مضيعة لنا حقوق وليست بحقوق ، وحتى حقوقنا نساوم عليها ولا نحصل عليها إلاّ بالمن والأذى !!! نعم نحن نشكو ونندد بالغلاء وتوابعه ، إذن أكبر واجب يُعمل لنا هو الترحم على أرواحنا (جزاء صبرنا) نحن نحصل على ألقاب يفرح بها غيرنا في غير بلدنا ولكن في يمننا السعيد لا تعني لنا الألقاب أي شيء ، فنحن الصابرون الصامدون ... لقبان فخرنا بهما إبان الثورتين سبتمبر وأكتوبر وإبان الحفاظ على وحدتنا ولكن الآن لا نريدهما ولا نتشرف بهما.

إن الشعب اليمني لا يستحق أن يعامل هذه المعاملة ، بلده مليء بالخيرات التي لا يعلمها إلاّ الله ثم القائمون على أمره ، ولكنه التلاعب أوصل أصحاب النفوذ إلى نفوذهم وأوصل أصحاب الدرجات المتوسطة إلى الدرجة الثالثة وما بعدها!!

لك الله شعبنا المناضل الكريم.. الذي ذل بعد عز ، وقُهر تحت يد من وثق بهم ، وذاق الويلات من تحت رؤوسهم ... ولكن صبراً فما بعد الصبر إلاّ الفرج وما بعد العسر إلاّ اليسر وما بوسعي إلاّ أن أقول : اصبروا وثقوا بالله ولن يخذلكم.

زر الذهاب إلى الأعلى