آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أي بدائل يا عمرو موسى؟

يوم قرر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن يتخلى عن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، كوفئ بموقفين عربيين، الأول: أن الجامعة العربية قالت إنها ستدرس الخيارات البديلة من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية،

والثاني: مرشد الإخوان المسلمين الذي عيَّر تراجع عباس بالهزيمة، وبشر الشعب الفلسطيني بأن السلطة، أعني السلطة الفلسطينية لا الإسرائيلية، توشك أن تلفظ أنفاسها.

أما الجامعة العربية، فلأن أمينها العام عمرو موسى متورط بين فريقين عربيين: واحد مع التفاوض، وآخر لا يريده، فقد حاول التوفيق بالتأجيل، فوعد الجميع بأن القمة العربية المقبلة في سرت تنوي البحث في الخيارات البديلة مكافأة لعباس؛ لأنه أوقف المفاوضات. نظريا لا يوجد إلا بديلان: إما الحرب وإما الفرجة. كل الذين مع الحرب يريدون غيرهم أن يحاربها، مرددين الآية «اذهب أنت وربك فقاتلا». يريدون من اللبنانيين فتح الجبهة الجنوبية، وحماس تريد محاربة إسرائيل عبر الضفة الغربية لا غزة، لكن لا الأردنيين ولا السوريين ولا فلسطينيي السلطة ولا فلسطينيي حماس يرغبون في فتح أراضيهم لمقاتلة المحتل الإسرائيلي. هذه الحقيقة معروفة للجميع، ما يعني استحالة اعتماد خيار الحرب. والخيار الثاني هو الجلوس خمسين عاما أخرى في انتظار أن يعجل الله بالفرج.

أما لماذا اختار الرئيس الفلسطيني الهروب من المفاوضات، فالأرجح لأنه يعتقد أنه يحقق بذلك ثلاثة أهداف: إسكات ناقديه مثل حماس، وإصلاح سمعته، فيصبح بطلا على اعتبار أن التفاوض يصنف استسلاما والجلوس بطولة، والثالث: لأنه سمع من أطراف مهمة أنه لا أمل من وراء هذه المفاوضات، وبالتالي لا داعي لتجربة الحمل فيها ميؤوس منه.

ولا بد أن عباس فوجئ أنه بدلا من أن يتلقى الورد على تحديه لإسرائيل ورفضه ضغوط أميركا تلقى اللكم والرفس من ناقديه مثل محمد بديع الذي أهداه سيلا من السب والدعاء عليه. وبديع هذا هو مرشد الإخوان المسلمين، الذي يفترض أنه زعيم الأمة الإسلامية، بحسب التفكير الإخواني الدولي، وبروتوكوليا يوازي المرشد عند الإيرانيين! ومرشد الإخوان أيضا، بروتوكوليا، رئيس قادة حركة حماس، وكان إسماعيل هنية من أوائل من اتصل ببديع، ولم يكتف بتهنئته بالمنصب، بل بايعه أيضا! ولأن حكومة أبو مازن لا تعرف الردح، بخلاف حكومة المرحوم الراحل ياسر عرفات، فقد خسرت الجولة الكلامية.

على أي حال، نحن في انتظار سرت، وعسى أن تفي القمة بما لم تف به القمة الماضية بتقديم المساعدة المالية للفلسطينيين. كما أننا على أحر من الجمر لمعرفة البدائل. ونتذكر أن الرئيس عباس كان قد أبلغ رؤساء تحرير الصحف المصرية بأن العرب فكروا في قمة سرت بخيار الحرب، ونسب إلى الرئيس القذافي قوله فيها: «لو كنت شابا لحملت بندقيتين»، وطرح بعضهم ورقة لدعم المقاومة، وعندما زاد تأييد المتحمسين للقتال قال لهم الرئيس عباس: «إذا أردتم إسقاط خيار السلام واعتماد خيار الحرب فنحن سنكون في طليعتكم، لكن أن تحاربوا بالشعب الفلسطيني فهو أمر مرفوض ولن نقبله، ولا شك أنكم علمتم بتصريحات محمود الزهار من حركة حماس، التي وصف فيها عملية إطلاق الصواريخ من غزة بأنها (عمل غير وطني)».

سننتظر مسرح سرت وسننظر من سيقاتل ومن سيقعد مع القاعدين!

زر الذهاب إلى الأعلى