[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الحوار والرقص مع الثعابين

من ما لا ريب فيه ولا جدال أن الحوار الوطني الصادق النابع من النوايا الصادقة التي يحملها من يحب هذا الوطن الحبيب دون المساس بالثوابت الوطنية دليل واضح على حسن النوايا لدى جميع القوى الوطنية الصادقة التي تقود سفينة اليمن الحائرة..

في خضم المحيط المحاط بألوان الصراع بين معترك الأمواج إلى شاطئ الأمن والاستقرار الذي يعد النقطة الهامة للبناء والتطوير لمواكبة التقدم والتكتل الذي يشهده العالم اليوم إن دل هذا فإنما يدل على حرصهم الشديد لإخراج الوطن من مستنقع الصراع وحقناً للدماء انطلاقاً من قول الحق عز وجل: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)..

وكذلك إن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية إن الخلاف والاختلاف ظاهرة طبيعية وفطرية اقتضته حكمة الخالق عز وجل بين البشر من خلاله تكشف النوايا وتتغربل المواقف وتعرف معادن الرجال الصادقين الأوفياء لهذا الوطن حتى وأن رقصت الثعابين على جثث الشهداء على أنغام أنين الوطن المعطاء هاهي اليوم ترقص رقصتها الأخيرة على مائدة الحوار المستطيلة تحرك أذيالها طرباً لتصفية ما تبقى من الشرفاء تحمل في أنيابها مشروعها ألتمزيقي الذي عجزة على تنفيذه بالسلاح هاهي اليوم تلبس حلةً جديد اسمها (الفدرالية) علها تحفي سمها القاتل تحت أنيابها الملطخة بالعار والدماء مغلفةُ إياه بالحكم المحلي الذي يعد اخطر من ثوبها الجديد تظن أنها قادرةً على تنفيذ أجندة إيران الحية الكبرى التي سعت منذ القدم إلى تدمير حضارتي معيناًَ وسبأ وهاهي اليوم تدعم أحفادها الأبناء الذين اخترقوا كل القوى السياسية في الساحة اليمنية منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر..

وحتى الحين اخترقوا السلطة والمعارضة بعد أن اغرقوا الوطن بشلال من الدماء والفوضى العارمة التي جابت معظم أرجاء الوطن بعد أن فشل مشروعها الدموي في تحقيق ما يصبوا أليه لجئوا إلى ارتداء عباءة (التقية) مستخدمين الحوار وسيلةً ليس لإخراج الوطن من دائرة العنف والفوضى الخلاقة وإنما لتحقيق غاية وهي الحفاظ على ما تبقى من عناصرها السذج الذين قد فت بهم في محرقة الحقد والكراهية للوطن..

لقد استطاعوا بحكم تجاربهم وخبراتهم السابقة في زرع بذور الفتن أن يؤثروا على قيادات اللقاء المشترك والحزب الحاكم بحكم تواجدهم في هذه الآليات السياسية لقد جمعتهم على المائدة المستطيلة لتفرقهم، والوطن هو الضحية، النظام الحاكم من سلمها، والمعارضة عليها سيكبر ثم تذبح وتسلخ وتقسم وتأخذ الثعابين نصيب الأسد عليهم أن يدركوا حقيقة المؤامرة الدنيئة التي تحاك ضد الوطن قبل أن يقسم باسم حق المواطنة المتساوية وباسم الفدرالية وباسم الحكم المحلي والقائمة النسبية المعدة في وثيقة الإنقاذ التي تعد اخطر من مشروع الانفصال والتي تعتبر وثيقة الإجهاض للمشروع الوحدوي عليها أن تعي ذلك إذا كانت جادة وصادقة ولديها مشروع إنقاذ حقيقي عليها أن تستفيد من التجربة التركية حيث كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة استطاع الوصول إلى السلطة بعملة الدءوب في البناء التنظيمي والاقتصادي لم يتبنى الإصلاحات السياسية قبل الإصلاحات الاقتصادية حيث سعى إلى الأهم قبل المهم وهو العمل التنظيمي و البناء المؤسسي وهذا لن يتم في اليمن إلا بعنصرين:

العنصر الأول: الالتفات إلى بناء قواعد جماهيرية وذلك من خلال إعادة بناء الهيكلية التنظيمية بأساليب وطرق حديثة تكون مواكبة لمتطلبات العصر بحيث تكون قادرةً على التأثير والاستقطاب للدماء الجديدة التي ملت من رفع الشعارات التحريضية عليها أن تؤمن أولاً بفكرتها إلى درجة الاعتقاد كي يؤمن بها الآخرين وأن لا تعيش لذاتها ومصالحها بل تعيش للآخرين فإنها سوف تعيش حياة مضاعه تحملها الأجيال عبر التاريخ ويضرب بها المثل.

العنصر الثاني: الالتفات إلى البناء المؤسسي والذي يمثل العمود الفقري لبقاء فكرتها حية وذلك من خلال الإستثمارت في المجالات الاقتصادية حيث سيمكنها إلى توظيف طاقات أعضائها والحفاظ عليهم وأن تعمل تحت شعار (بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة) فالوطن اليوم بحاجة إلى البناء لا الهدم والشعب سيختار من يقدم الأفضل فلا تنجروا وراء الثعابين التي وضعت لكم السم في العسل لكي تقضي عليكم جميعاً وتدفنوا في مزابل التاريخ فلا تحرقوا أنفسكم بأيديكم وتلعنكم الأجيال عبر التاريخ..

إن فكرة الفدرالية والتي تعني تقسيم اليمن إلى كاونتات وأقاليم وحكومات مصغرة لم تكن وليدة اللحظة أو فكرة جاءت بمحض الصدفة وأنما هي مخطط عمرها بعمر الوحدة المباركة إن الثعابين تعمل منذ زمن بعيد خلف الكواليس على خلق الأزمات السياسية هكذا تربت على موائد اللئام لقد حاولت أن تحدث شرخاً كبيراً في جدار الوحدة عام 94م ولكنها فشلت إلا أنها تركت جرحاً كبيراً لا زال ينزف حتى اليوم ماضيةً في تمزيق النسيج الاجتماعي عبر الخطابات التحريضية والدعوات المناطقية والطائفية..

وهاهي اليوم تجني ثمار عملها الدءوب بجعل الوطن وأبنائه على صفيحاً ساخن مليء بأحداث العنف والفوضى هنا وهناك منتظرين ساعة الصفر لانفلات امني للإجهاز على الوحدة الوطنية وهذا صعب المنال لن ينالوا سوى الخزي والعار وسيدفنون في مزابل التاريخ كما دفن أسلافهم إنني لا اكتب هذا الكلام لكي اشبع نهم النخب السياسية ويسرقهم الوقت في التحليل بين مصدقاً ومكذب وبين شاك وجازم وبين من يقول مبتدأ وآخر خبر ولا اكتب هذا الكلام من باب الفرضية أو التنبؤ..

إنما اكتب عن واقع وحقائق ودراسة عميقة لما يدور في الملعب السياسي على ارض الواقع مستنداً إلى مراجع دون انحياز أو ظلم للآخرين وإنما الحق أقول لكي ادحض الشك باليقين على ما قاله فيلسوف التجزئة الذي حاك كفن الوحدة بعد ولادتها بشهرين وهاهي المعارضة تثبت آخر مسمار في نعشها..

حيث قال في كتابه الذي صاغه في منتجعات السواحل الأنجلوأمريكية تحت عنوان ((نحو وحدة يمنية لا مركزية)) والذي قال فيه في ص(15-16) ضارباً المثل بأصغر ولاية في أمريكا التي يعيش فيها حالياً بعد أن تجرع ثقافة التجزئة وتشبع بالثقافة الغربية التي اعتبرها مرجعية حضاريه له ولأمثاله ضارباً عرض الحائط بالإسلام وثقافته وحضارته وتاريخه الذي يدعو إلى الوحدة قبل التوحيد وضم اكبر إمبراطوريتين تحت رايته حيث أردف قائلا: إن اصغر ولاية في أمريكا هي ولاية (رود ايلاند) وهي أول جمهورية أمريكية هذه الجمهورية لا يتجاوز مساحتها (1212) ميلاً مربعاً وعدد سكانها (2024640) نسمة وعلى هذه الرقعة الصغيرة قامت خمس (كاونتات) أي خمس محافظات معنى ذلك أن كل محافظة قامت على مساحة قدرها (242) ميلاً مربعاُ فإذا كانت مساحة الجمهورية اليمنية حوالي (207286) ميلاً مربعاً ثم قسمناها على (1212) وهي مساحة جمهورية (رود ايلاند) ثم أردف قائلاً يكون عندنا (171) ولاية مستقلة في حجم ولاية (رود ايلاند) وعلى أساس أن كل ولاية بها خمس محافظات مستقلة فسيكون عندنا (855) محافظة مستقلة..

وبالتالي (855) رئيساً منتخب وأردف قائلاً إذا ما قمنا بعملية توزيع على حسب السكان وقسمنا الثلاثة عشر مليون نفس في اليمن وهذا عدد سكان اليمن عام 93م قال نقسمه على (855) محافظة يكون الحاصل (15204) نفساًً لكل محافظة ولكم الرد والتعقيب على ما قاله في الطبعة الثانية في تاريخ 9 يوليو 1993م في ولاية ماريلاند الأمريكية..

أما ما قاله في الطبعة الأولى في لندن في يونيو عام 90م تناقض الكاتب معا ما قاله في الطبعة الثانية حيث قال في ص(74-75) حيث أردف قائلاً إن الأسس الإسلامية الثابتة في صياغة الأمة الإسلامية قد أسهمت إلى حد كبير في المحافظة على وحدة الأمة في حالة التمزق السياسي وبسبب الحفاظ على وحدة الأمة ظلت الوحدة السياسية قائمة رغم تمزق الإدارة وأردف قائلاً إن المركزية في الحكم أسهم إلى حد كبير في وحدة الأمة و إلى نشأت الدولة الحديثة الموحدة بمفهومها السياسي بعد أن كانت مجموعة من الاقتطاعات يحكمه النبلاء والأشراف..

وفي اعتقادي هذا دليلاً واضح وجلي أن حجم المؤامرة التي يمر بها الوطن اكبر من ما يتصوره البعض فما زالت تنسج خيوطها حتى اليوم مهما اختلفت الأساليب والطرق فالهدف واحد وكل الطرق تؤدي إلى التقسيم حتى وأن صوره لنا البعض انه هو العلاج الشافي لهذا الوطن الذي انهكة ضماء التخاذل والتأمر ضناً منهم أنه سيستسلم لرياح التمزيق القادم من أرض المجوس على أيدي من تم توزيع الكتاب لهم بطريقة سرية من أصحاب النخب السياسية وأصحاب القرار الذين كانوا شركاء في السلطة وخارجها وتم حقنهم بفيروس (اللامركزية) بطريقةً جديدة وبأسلوب جديد..

فإذا كانوا حريصين على التقسيم فليعلموا أولا أن الحرص هو من اخرج أبونا آدم من الجنة وعليهم أيضا أن يدركوا أن ما يمر به الوطن من مخاض إنما هو مخاض لميلاد جديد حيث لابد للميلاد من مخاض ولابد للمخاض من آلام وسيبقى علم الوحدة عالياُ وخفاقاً يرفرف تحت قبة السماء مهما حاول المرجفون والمتربصون سواءً في الداخل أو الخارج أن يخدشوا صورة الوحدة الوطنية التي رسمت بدماء الشهداء نقول لهم جدار الوحدة صلب ومتين كالبنيان المرصوص..

زر الذهاب إلى الأعلى