[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

لماذا لا يفهم حسين الأحمر أن ما يقوم به عمل وطني؟!

ربما لن يستطيع الشيخ حسين الأحمر إقناع أحد أن ما يقوم به في حشد "حاشد" ضد التمدد الحوثي عمل وطني صرفا، ولكن لماذا لا يفهمه ونفهمه كذلك على ذلك النحو، على اعتبار حاشد حائط صد متقدم لمنع سيطرة الحوثيين على صنعاء.

مع تفهمنا تماما لمصلحة "حسين" وإخوته الخاصة في ذلك، فسيطرة الحوثيين على حاشد تعني فعليا نهاية سلطة المشائخ والقضاء تماما على أبناء "الشيخ" ومصدر قوتهم وتأثيرهم في الأحداث، وتفهمنا كذلك لأي دعم سعودي قد يتلقاه حسين، ليس على إعتباره مالا إستفزازيا يهدف لافشال الوساطة القطرية، كما صرح بذلك المكتب الإعلامي لعبدالملك الحوثي، وإنما مالا دفاعيا يهدف لمنع التمدد الحوثي على المزيد من الأراضي باتجاه العاصمة.

نشرت بعض الصحف المحلية مؤخرا أن القيادات السعودية أبدت أنها قد تتعامل مباشرة مع "الحوثيين" لتأمين مصالحها مع عجز الدولة اليمنية والقوى القبلية عن منع التقدم الحوثي، لا أعتقد صحة الخبر، ويبدو أنه تسريبا حوثيا مقصودا.

السيطرة الحوثية الكاملة والتعامل معهم مباشرة فكرة غير مقبولة ولا مهضومة سعوديا مهما كانت الظروف، وستعمل المملكة بكل قوة ومع كل من يتقاطع معها ومنهم "حسين" لمنع حدوث ذلك.

كما لا يمكن إعتبار ذلك تدخلا سعوديا في الشأن الداخلي فأي ما يحدث في اليمن لا يوفر السعودية، وقد حدث في المواجهات الحوثية السعودية على الحدود.. يريد المصدر "الحوثي" إيهامنا بفكرة تقبل المملكة لهم لتسهيل تقبلنا لهم كذلك وإفتراسنا الواحد تلو الآخر.

لم يستفد "الحوثي" من شئ أكثر من "المناكفات" السياسية الداخلية، ربما شعرت المعارضة "الإصلاح" في البداية باستخدام السلطة للحوثيين لإستهدافه، إلا أنه عندما ظن إنه يعيد ذات السهم لصدر السلطة كان السهم يخترق صدره أيضا..

ربما ليس مطلوبا من "الإصلاح" كحزب سياسي استخدام السلاح في وجه الحوثيين، كما فعل في الحروب الوسطى وحرب صيف 94، وربما يعد ذكاءا منه تبرير قياداته تجنب المواجهة مع الحوثيين بأنه يفشل مخططا سلطويا لزجهم في الحرب والإنسلال منها.

إلا أن ذلك الموقف من الحروب الحوثية والذي عادة ما يأتي في إطار "المشترك" سواء قصد الإصلاح أو لم يقصد ساهم إلى حد كبير في إفقاد الحرب غطائها الأخلاقي، وتم تصويرها كصراع بين النخبة الحاكمة والحوثيين، وليس بين الدولة و"متمردين"، ربما لإدارة قيادة الدولة للحرب السبب في ذلك أيضا.

في هذه "المناكفة" المتبادلة بين السلطة والمعارضة يكون الحوثي الرابح الأكبر دائما، من كان يتصور أن تقبل معارضة "عاقلة" في بلد ما مجانا باشراك "متمردين" في العملية السياسية وتصويرهم كذلك للخارج، لولا أن السلطة دفعتها لذلك عندما تجاهلتها تماما العام الماضي ولم تحرك معها ملف "الحوار" على أساس اتفاق فبراير، لا أبرر هنا للمعارضة، كما لا أبرر التنازلات التي قدمتها السلطة بعد ذلك في اتفاق الدوحة الثاني.

الغرض من ذلك أن استمرار المكاسب الحوثية من ورقة "المناكفات" ربما لن تتوقف حتى تبتلع الجميع.

قد يغري البعض السلطة بأن ما قد يحدث بين الحوثيين وحاشد بقيادة أولاد "الشيخ" فرصة لن تتكرر لضرب الطرفين ببعض، والتخلص منهما بدون خسائر، إلا أن ذلك أمر خطير ولا يقبل اللعب.

قد يكون التخلص من أولاد الشيخ ومصدر قوتهم "حاشد" بأيدي آخرين فكرة مغرية، إلا أن ما تمثله حاشد كحائط صد متقدم لمنع تمدد الحوثيين باتجاه العاصمة من الأهمية بما يستدعي الحفاظ عليها ودعمها أيضا، مع تحمل "وجع الرأس" الذي يسببه أولاد الشيخ.

على السلطة أن تفهم ذلك جيدا، كما على أولاد الشيخ مساعدتها في ذلك أيضا، ولأجل ذلك لا أفهم تصريح للشيخ حسين الأحمر في ديسمبر الماضي بدون مناسبة وأبلغه مباشرة لخدمة ناس موبايل هاجم فيه السلطة، وقال "إن مشكلة اليمن في الذين يريدون تحويل الجمهورية إلى مملكة"، في الوقت الذي كان فيه في أمس الحاجة إليها قبيل مهاجمة مسلحيه القبليين لمدينة "حوث" لإخلائها من التواجد الحوثي.

على "حسين" التخلي عن خلافاته السابقة مع السلطة، وعنترياته الأخرى الآن، والفهم أن ما يقوم به أكبر من حماية نفوذه ومجده الشخصي في "حاشد"، أو كونه مصدر للتكسب من المملكة، إن صح، وإعتبار ما يقوم به عملا وطنيا، يتطلب نوعا آخر من التصرف.

كماعلينا جميعا تقبل أن ما يحدث في حاشد عملا وطنيا كذلك، فالحوثي لا يخفي نواياه التوسعية باتجاه العاصمة، في رمضان تحدث ناطقه الرسمي للجزيرة عن مطالب في المحافظات الشمالية "شمال الشمال" وليس في صعدة فقط، وعمليا هو يتوسع بقضم "سفيان" ونصف "الجوف".

لا أحد يحلم بدولة مدنية يحب القبيلة وسلطة القبلية، وشخصيا لست معجبا بحسين الأحمر، إلا أن يكون الحوثيون البديل، فالقبيلة بحاشدها وبكيلها أفضل بكثير، فالحوثيون في إعتقادي الخطر الحقيقي و يجب أن يتوقف الجميع عن "المناكفات" في التعاطي معهم.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى