[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الطرود المفخخة.. هل تنقذ المالكي وَسَادَتَهُ!!

إذا غضضنا الطرف عن الحروب النظامية حيث يلتقي جيشان متصارعان وجهاً لوجه، فإن أعمل العنف الأخرى تقوم بها إحدى جهتين:إما منظمة تسعى إلى تحقيق غاية مشروعة-تحرير أرض من محتل مثلاً-أو مشروعة لديها فقط-كإحداث تغيير سياسي أو اجتماعي بالقوة.... -، وهذه الجهات تفاخر عادة بأعمالها ولا تخفيها ولا تتستر عليها بعد تنفيذها. بل إن بها تتبنى في بعض الأحيان عمليات لم تقم بها، كما فعل تنظيم القاعدة مع أحداث سبتمبر.

الصنف الآخر الذي يرتكب أفعالاً عنيفة في غير ساحات القتال، هي أجهزة الاستخبارات وعصابات الجريمة المنظمة. وهذه تختلف عن سابقتها بأنها تحرص على التكتم الشديد منذ التخطيط إلى ما بعد التنفيذ. بل إنها تبذل قصارى جهدها للتبرؤ من نسبة ذلك إليها إذا ما توجهت إليها أصابع الاتهام. ولعل المثال الأكثر اشتهاراً هنا هو تصفية السياسي المغربي المُعارض في باريس في عام1965م المهدي بن بركة!! إذ لم تتضح معالم الجريمة ومن قام بها حتى الآن، بالرغم من اتهام جهات استخبارية غربية وعربية بها ولكن بلا أدلة دامغة .

إن هذا التمهيد الموضوعي ليس ترفاً وإنما يعد ضرورة لازمة لفهم الأكذوبة الضخمة عن الطرود البريدية المفخخة التي تنفجر في هذا البلد أو ذاك، أو يجري اكتشافها وتفجريها على أيدي المختصين!! وقائع نمطية متلاحقة تشبه مسلسلاً أعدته وأخرجته ونفذته جهة واحدة، والاتهام الغربي جاهز والمتهم حاضر: تنظيم القاعدة بجسمه اللبّيس وسمعته الموائمة للهدف.

لكن المُخْرج الكبير بخلفيته الهوليودية ذائعة الصيت، خانه ذكاؤه لأنه ضخّم القصة وزاد فصول المسلسل الممل فانفضح المستور. فالتنظيم المحاصَر المطارَد المنبوذ يستحيل عليه القيام بهذا المسلسل في بضع دول معاً متباعدة جغرافياً ومتباينة في مواقفها السياسية. وهو تنظيم لا يتورع عن تبني أعماله بل إنه –كما ثبت بالتجربة الأكيدة-مستعد لادعاء أفعال سواه إذا توهم أن الادعاء يعزز حضوره أو يخدم صورته . فأين التبني الآن وأين الهدف ؟
ومن يقوم بذلك يحتاج إلى قدرات فائقة تقنياً ومرونة في الحركة وتسهيلات لوجستية وأهداف محددة تسعى إلى بلوغها. وهذه المواصفات لا تكتمل عند أحد اكتمالها لدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية تحديداً.

وربما كان الوقوف عند اختطاف رهائن في إحدى كنائس بغداد مؤشراً إضافياً مهماً لفك تعقيدات لغز الطرود البريدية المتجولة غرباً وشرقاً، فقد كان جلياً منذ اللحظة الأولى حرص حكومة المالكي -يدعمها الأمريكيون سياسياً وعسكرياً-على اقتحام الكنيسة لتحرير الرهائن، الأمر الذي أسفر عن كارثة إنسانية فقد لقي 52شخصاً مصرعهم، ولم يكن بينهم من الخاطفين المزعومين غير ستة أشخاص!! هذا مع تسجيل الفرق الذي يؤكد دقة تحليلنا، ففي جريمة الكنيسة التي اشترك فيها غلو القاعدة وتلهف طيش المالكي واستهتار الأمريكان، سارع التنظيم المشتط إلى التباهي بفعلته، في حين بقيت أكذوبة الطرود الطائرة من دون بيانات من القاعدة!! فهل تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من المؤامرة الغربية الصفيقة؟

وقد تزامن مع حكاية الطرود تفجيرٌ انتحاريّ في ميدان تقسيم الشهير بمدينة إسطنبول التركية، فسارعت عصابة الطرود إلى توظيفه في حملتها ثم صفعهم أردوجان بما كشفته أجهزة الأمن التركية من أن الانتحاري ينتمي إلى حزب العمال الكردستاني المحظور!!

ولنلاحظ أنه جرى توزيع تبعات الاتهام الأمريكي المعلب على عدة بلدان مسلمة من اليمن إلى قطر فمصر ...! ولا يحتاج المرء إلى ذكاء فذ كي يستوعب أبعاد القصة المختلقة، وسعي أصحابها إلى تحقيق جملة من الأهداف الماكرة التي تنحصر في الدائرة العربية الإسلامية الواسعة!! ولعل الهدف المباشر هو التمهيد لتدخل أمريكي سافر في اليمن بحجة وجود القاعدة، الأمر الذي يجلب مزيداً من الدمار ويحوّل الأنظار عن إخفاقات العم سام في العراق وأفغانستان!! وهذا –ويا للمفارقة-يتفق معنا فيه محللون معروفون بتبعيتهم الفكرية والسياسية لواشنطن-وما خفي أعظم-!!

وأما الغرض العاجل والمباشر لتلفيق حكاية الطرود، فليس أقل من منح أوباما ونجاد والمالكي فرصة ستر سوءتهم التي هتكها موقع ويكليكس من خلال 400ألف وثيقة التي نشرها ففضحت جرائم الثلاثي المجرم في حق بلاد الرافدين وأهلها الأحرار.

والسؤال: هل ستنفع أقصوصة الطرود في التغطية على فضيحة تآمر المحتل الصليبي وشريكه الصفوي وأداتهما :حكومة فرق القتل الطائفي ضد العراق والعراقيين؟

زر الذهاب إلى الأعلى