[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الثقافة التنظيمية ودورها في الحياة السياسية

الثقافة التنظيمية هي مجموعة قيم ومعايير ومعتقدات وسلوكيات وتصرفات يحملها أفراد التنظيم وتظهر في ممارساتهم اليومية وهذه الثقافة يندمج بها الفرد وتصبح من مكونات شخصيته حتى يمكن أن يقال عنه حاملا للثقافة التنظيمية المعينة.

وهناك الكثير من العوامل التي تدلل على الثقافة التنظيمية كالمصطلحات التي تستخدم، طريقة الإلقاء ونبرة الصوت، الرموز التي تحترم، الشعارات التي ترفع، الأفكار التي تحمل، والإلتزامات التي يتحملها الفرد..

إن للثقافة التنظيمية دور بالغ الأهمية في الحياة التنظيمية فمن خلالها يقاس التقدم والرقي الفكري والإيديولوجي للتنظيم وكوادره ومن خلالها يمكن للقيادة أن تستشكف قدرات التنظيم وإمكانياته وعلى ضوء ذلك تضع لها استراتيجية وتتحرك بمقتضاها. لذلك الأحزاب والتنظيمات تسعى جاهدة لإنشاء لجان تثقيفية تسهر على رفد وتزويد الكوادر بالمعلومات والأفكار وتسهر على إعدادهم وتوجيههم في العمل السياسي.

والشأن الداخلي للتنظيم لا يخلو من عناصر القوة وعناصر الضعف لذلك الكثير من المحللين يرون أن كشف هذه العناصر وتقوية عناصر القوة منها ومعاجلة عناصر الضعف والتغلب عليها، يُعتبر مهمة أساسية وخطيرة بعهدة اللجان المسؤولة في التنظيم. ويعتبرون مكتب الثقافة والإعداد أو اللجنة التثقيفية في التنظيم هي الجهة المسؤولة، التي يجب تطويرها وتقويتها ومنحها صلاحيات واسعة للقيام بهذا الدور الحساس.

وقد لا يدرك البعض أهمية الثقافة التنظيمية، فيهملها أو يختصرها بفئة قليلة. فتحدث الكثير من المشاكل والأخطاء في الحياة السياسية، لذلك يُواجه البعض هذا الخلل الناتج عن هكذا إهمال بتبرير هذه المشاكل والأخطاء باعتبارها شخصية ونابعة من موقف شخصي ولا تمثل وجهة نظر التنظيم. ولكن يفوتهم الموقف الصحيح في التعاطي مع هذا الخلل، لأن في العمل التنظيمي لا يوجد موقف شخصي للكادر من قضية تتعلق بعمل سياسي، مادام للتنظيم موقف محدد تجاهها.

ويرى البعض في منع الكادر من الدخول في نقاشات سياسية وفكرية خارج إطار التنظيم طريقة مناسبة لتجنب هذه الأخطاء والهفوات التي تحدث ورغم إن هذا الرأي يبدو أنه يجانب الصواب إلى حد ما لكن منع الكادر من الدخول في هكذا نقاشات قد يحجب وجهة نظر التنظيم ومواقفه تجاه القضايا، ويسبب في عقم التنظيم ويمنع نموه الفكري والعددي.

إن النتائج السلبية التي تترتب عن افتقار الكادر للثقافة التنظيمية لم تتوقف عند هذا الحد وإنما التنظيم سيفقد الوحدة الفكرية والإيديولوجية ويفقد التماسك العضوي، وستظهر تكتلات وجبهات داخل التنظيم، ويفتح المجال أمام التكهنات والتفسيرات للمواقف والقضايا، وبالتالي يمهد الطريق لحدوث انشقاقات داخل التنظيم أو على أقل تقدير يُضعّف التنظيم ويجعله غير قادر على اتخاذ المواقف والقرارت الحاسمة اثناء التعاطي مع القضايا الحساسة والمصيرية.

اللجنة التثقيفية تعد العقل الباطن للتنظيم
اللجنة التثقيفية لا يمكن الاستغناء عنها والثقافة التنظيمية تعتبر قوة دافعة باتجاه التقدم والنمو التنظيمي والتنظيم لن يقوى ويزداد تماسكا إلا من خلالها. يرى الكثير من المفكرين السياسيين إن الثقافة التنظيمية يمكن أن تُنشر بين الكوادر من خلال إصدار نشريات داخلية توزع أسبوعيا أو شهريا أو فصليا. وهذه النشريات والكراسات يجب أن تحمل مواد وأفكار تساعد في التنمية الفكرية والإيديولوجية للتنظيم ويجب أن تؤلف وتكتب من قبل اللجنة التثقيفية، حتى تصاغ بطريقة تتطابق مع استراتيجية التنظيم وتتناسب مع عقلية الكادر التنظيمي، كما أنه من الممكن لهذه اللجنة أن تنقي الأفكار والتحاليل التي تنشر في أماكن متفاوتة وتختار المناسب منها مع خطها الإيديولوجي والفكري وتضعه في متناول كوادرها.

وأيضا من الضروري أن توضع برامج ومحاضرات متنوعة، تلقى في فترات متتالية ومنتظمة من قبل الشخصيات المؤهلة في التنظيم على مسامع الكوادر آخذة بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات وأن تُشجع الحوارات والنقاشات الداخلية.

كما يُعتقد أيضا من الضروري أن تُؤخذ من قبل التنظيمات استطلاعات للآراء والأفكار بين فترة وأخرى وتحلل وتقيم وعلى ضوءها تضع اللجنة التثقيفية وتحت نظارة قيادتها السياسية برامجها التثقيفية. حتى تسطيع أن تصيغ أفكار كوادرها وتحدد توجهاتهم الإيديولوجية والسياسية وتهذب سلوكهم اليومي، بغية تجنب الأزمات الداخلية والخارجية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية المرجوة.

*كاتب عربي من الأحواز

زر الذهاب إلى الأعلى