[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

شقائق... في أشرف

أعرف شقائق أخرى صغيرة بريئة كانت طفلة صغيرة تراهم يعذبون أمها في سجن ايفين بطهران

الشقائق وردة كبيرة جميلة حمراء وفي قاعدتها الزهرية ترى لطخة سوداء تسمى ب"الجذوة". وتسمى هذه الوردة بالانكليزية "clematis "وفي التراث العربي القديم ب "شقائق النعمان" وفي الثقافة العربية الحديثة ب "ياسمين البر".

ولكن "شقائق" مقالنا هذا شابة في مخيم أشرف. ولا اعرف لماذا عندما سمعت اسمها للمرة الاولى توارد إلى ذهني شعريا قول حافظ الشيرازي :
ايا زهرة نادية بدفء شرب الصباح .. انا شقائق وُلدت وبرفقتي جذوة

شقائقي هذه رأيتها في التلفاز، شابة بريئة طاهرة تقول: "السلام عليكم، إني شقائق، خرجت من إيران بسبب ضغوط النظام الإيراني في المدارس علي وعلى أهلي لأمثل جيل الشباب الإيراني وجئت إلى أشرف إلى صفوف مجاهدي خلق.. إني أمثل الشابات والشباب الذين تحن قلوبهم للحرية ويبحثون عن مكان ليتمكنوا فيه ومنه ابداء رأيهم بحرية، وهذا المكان أشرف حيث وصفها الكبار باجمل الوصف ك "وردة في الصحراء" وتسترسل في حديثها قائلة "اعتقلوا أمي بسبب مجيئها إلى أشرف لزيارتي والآن هي تحت التعذيب وتمضي أيامها الصعبة في السجن متحملة مرض MS المستعصي.."

وفاض فؤادي قبل عيناي بالدمع الذي لم يترك مجالا لسماع ما تقوله شقائق.. واندفع نحو رسالة كتبتها إلى امها السجينة تقول فيها "أمي العزيزة الاسيرة، السلام عليك، لا امكن البدء بكتابة هذه السطور دون تجسيد خصل شعرك التي شابت ووجهك المتعب المثقل بحمل الآلام. ولكن هناك ما يشجعني ويستنهض عزيمتي ويشحذ همتي وهي تلك الارادة والعزيمة التي تتحلين بهما وقلبك المفعم بالايمان ..انه الطريق الذي اخترته انت وانا على دربك وهديك اهتدي.." وهنا أتوقف عن قراءة الرسالة..

وتستعرض ذاكرتي أمام عيني آلاف السجينات، سياسيات أم غير سياسيات وآلاف شقائق اللواتي وخلافا لـ"شقائقنا، يضعن رؤؤسهن على الارض الباردة من دون خيار أو ملاذ أو ملجأ في زاوية من شوارع المدن الكبيرة في إيران، بانتظار أمهاتهن وقد لا يكون لديهن آباء ،. وربما يمسين على دموعهن وآلامهن ولا يصبحن أيضا. و يعلم الله كم من شقائق ذبلت وتذبل.. ولدى بعض "شقائق" فرصة أكبر ويستفدن من رأفة "النظام المقدس في الجمهورية الاسلامية" لأنهن رضيعات يمضين الليالي بجانب امهاتهن السجينات.. وكم من شقائق سيسمعن صباح يوم ما خبر اعدام امهاتهن أو يمضين الليالي بكابوس رجم أمهاتهن السجينات.

واعرف شقائق أخرى صغيرة بريئة: الآن قد كبرت، كانت في حينها طفلة بعمر ثلاث سنوات، في سجن إيفين سيء الصيت بطهران، وقد كانوا يعذبون أمها أمامها لينتزعوا منها بعض المعلومات، وعند عودتهما إلى الزنزانة وأمها في حالة الغيبوبة، كانت تلعب دور أمها أي تستلقي على الارض ويأتي طفل آخر وهو أيضا ابن لسجينة أخرى في الزنزانة نفسها وكان يأخذ قطعة من القماش بيده مشبها اياها بالسوط ويقوم بجلدها وكانت شقائق تصرخ وتقول: "لا لن أقول" كما سمعت من امها الصابرة.

وكم من "شقائق" اعدمت شنقا أو رميا بالرصاص وكم من شقائق أصبحت عرضة للمجازر مثل: "شقائق رضائي"، "شقائق مولائي"، "شقائق بور حسن"، "شقائق تبريزي"، وأرضي المغتصبة مليئة بالشقائق. لا; لن يكون هذا البلد مكانا للملالي سفاكي الدماء وقاتلي الشقائق. وغدا ستحتفل "شقائق"الحرية مع أمها المحررة من السجن ومعهما آلاف شقائق "المولودة ترافقها جذوة"المحررة من ظلم الملالي وسيكون مكان آلاف الشقائق في ذلك اليوم فارغا ولكن ارواحهن سترفرف في سماء الاحتفال، وسيكون لحافظ الشيرازي الخالد وشعره طعم آخر وسيكون للحق يوم نصر ترقص له السماء طربا.

*خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى