[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

حل المشكلة.. فخامة الرئيس!

لا شك في جدوى استعراض مسار الوحدة المباركة وموقف بعض الرفاق وإحدى القوى من مشاريع تحقيقها، مثلما أفاض فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لدى افتتاحه ندوة جامعة عدن تحت شعار "اليمن أولاً"..

وعنوانها الرئيسي "الأبعاد السياسية والقانونية للاستحقاق الدستوري لدولة الوحدة" يوم الإثنين الموافق 20 ديسمبر – كانون الأول 2010م. وستعم الفائدة دون ريب بعقد ندوة حول أحداث 13 يناير - كانون الثاني 1986م لمرور ربع قرن على اندلاعها، فيتيسر استيضاح بواطن الأمور عنها.

قطعاً.. ليس نبش الماضي هدفاً، لتلك الندوة المرتقبة لا سيما وهي تصب في خدمة إجلاء الحقيقة التاريخية وأن الصراع لم ينحُ منحىً حضارياً خلاقاً، بل مضى لتكريس ثقافة العنف والتدمير والتخريب، ما جر على كل الوطن، شماله وجنوبه، ويلات سوء الظن والتربص والشك والتردد وانعدام الثقة في النفس وفي الآخر.. حتى اليوم!

لكنها مقدمة حقيقية لتصالح وتسامح يتسقان وشيم اليمانين المجبولين على الصفح والعفو.. والتغاضي حتى عن الخطايا والجرائم، حد تفسير أحد المتابعين.

وتُحدّد -في الأساس- مسئوليات وأدوار تلافي كلّما أدى إلى الاقتتال الدامي بعد طهو رديء لـ"وجبة صراع أهلي"! والحق أن إصابة هذا الهدف بالتحديد خير ما يمكن إصابته:

- تلافي الأسباب المماثلة.
- الالتفات إلى المشاكل الماثلة.

لذلك أحسن الرئيس، لا بالدعوة المتجددة إلى عدم نبش الماضي -وإن استذكره ونبشه قليلاً لنفع المؤمنين بما ناسب المقام-، وإنما بعدم تحميله مسئولية الصراع لأحد المتصارعين (أو الضحايا!)، أي أنه يمضي إلى تحمل "ذاتي" وتحميل "جماعي" لمسئولية البناء والإصلاح.. اليوم، لا التخريب والاصطراع.. بالأمس.. وفي الأمس تكمن المشكلة.

والمشكلة ليست في استعراض المسار التاريخي للتعامل الانفعالي مع القضايا المصيرية والجوهرية، كالوحدة من قبل أعدائها وأحبتها شمالاً وجنوباً، ولا هي في الثقافة والتربية السياسية، ولا في إرث الماضي التشطيري، وسلوك "الشعاراتيين"، وإن شكّل كل ذلك جزء من المشكلة. بل هي كما تفضل الرئيس يوم أمس الأول، في عدم التكيف مع متغيرات الحياة، وأن اليوم غير الأمس.

ففي الأمس كانت الوحدة شعاراً يتكسب من ورائه بعض الناس، أما اليوم فيفترض صيرورتها (حياةً) ينعم فيها كل الناس.

وما سبق إحياء الشعار قابل للدفن لا يراد عودة الروح إليه. فالوحدة حياة اليمنيين، ولم تعد مجالاً للمفاوضة، وحمايتها وتعزيزها لا يكون بغير صنوها: الديمقراطية.. وكذا تمثل أحداثه ومسار تاريخه مكتملاً لا مجتزئاً.

إن التاريخ بوقائعه الكاملة بوابة ينفذ منها أهل الحاضر إلى المستقبل، غير أنه ماضٍ لا ينبغي التعلق بأهدابه أو امتطاء آلة الزمن إليه لإعادة بحث (وتجريب!) المشاريع المقدمة أثناءه من "كونفدرالية وفيدرالية" بعد إقرار "وحدة اندماجية فورية!" فلا تبك على اللبن المسكوب ولا تنع الدم المراق!

ومن أجل الوحدة، لا لأشخاص بعينهم، أو فئات محددة، يغدو المطلوب اليوم، وبوسائل ديمقراطية وممارسة واعية لا بمناكفة ومزاجية، بحث مشاكل اليوم وحلها بشكل حاسم وموضوعي لا يعبر عن "شخصنة" من أي جانب. وليتنازل أطراف المعادلة السياسية قليلاً من أجل الوطن، تجنباً لتكرار ما يستدعي ندوة لمناقشته بعد ربع قرن على حدوثه!

ولتمض كل "الأطراف المعنية" بالوحدة والديمقراطية إلى سبل امتلاك المستقبل وعدم توريثه مشكلات "وملفات الماضي"، فتشق الطريق –بثقة- إلى صناديق الاقتراع، لا –بتربص ماضوي- إلى صناديق الأكفان!

زر الذهاب إلى الأعلى