[esi views ttl="1"]
دراسات وبحوث

الحكمة من تحريم الخروج على ولي الأمر في الإسلام

يقول الله تعالى: "يا أيها اللذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".. الآية..

ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.: "عليكم بالسمع والطاعة ولو تأمر عليكم عبد" حبشي رأسه كزبيبة أو كما قال رسول الله. فقال احد الصحابة وان كان ظالما.فقال رسول الله: "وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع وأطع" هذا كلام الله والرسول صلى الله عليه وسلم.

فالذي لا يقبل بكلام الله ولا بكلام رسول صلى الله عليه وسلم فهو في خطر عظيم عند الله أن لم يتوب وينصاع إلى كلام رسول الله. وان كل مسلم يشهد أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله ليس له الحق في الاعتراض على ما أمر به الله ورسوله لمجردان هذه الأوامر تتخالف تنظيماتهم وأفكارهم المأخوذة من اجتهادات بشر مثلهم وعظموا أوامرهم أعظم من أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم..

وقال تع إلى "وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله امرأ أن يكون لهم الخيرة من أمرهم".. الآية فجعل الإسلام مقام ولي الأمر مقام الأب في الأسرة حيث أن الأب إذا ضرب أولاده أو اخذ ما لهم فلا يحق لهم عصيانه وان فعلوا فقد ارتكبوا كبيرة من الكبائر وتشردت الأسر وتفككت المجتمعات وهذا منافي لأهداف الإسلام القائمة على بناء الفرد والأسرة والمجتمع..

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "السلطان ظل الله في الأرض" فليس شرطا بتشديد الله على طاعة ولي الأمر أن الله يحبه فقد لا يكون الله راضي عن سلطان معين ولكن من باب "جلب المصالح مقدم على درء المفاسد" بل الحكمة من ذلك هي عظمة حرمة دماء المسلمين حيث قال رسول الله صلى الله علية وسلم "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من سفك دم مسلم" فكانت حرمة دم المسلم أعظم عند الله من بيته الحرام الذي يغفر الله لكل من يزوره حاجاً ويرجعه كيوم ولدته أمه تكريماً لهذا البيت العظيم فلذلك حرّم الله الخروج على الحكام لما يحصل فيه من سفك عظيم للدماء وجعل للخروج ضوابط وشروط مشددة منها أن يكون الحاكم كافراً كفراً بواح بمعنى أنه حرّم ما أحلّ الله علناً أو أحلّ ما حرّم الله وحتى لو توفرت هذه الصفة فلا يجب الخروج إلا بتوفر الاستطاعة.

فما بالكم إذا تم الخروج على الحاكم وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولو لاحظنا معظم الحركات الانقلابية ونظرنا فيها بتمعن نجد أن أكثرها كانت بسبب انتقام شخصي وانتصاراً للنفس وليس للدين إذ لو كانت انتصارً للدين لتأدب الخارج قبل أن يخرج على كلام الله وكلام رسوله وكان أيضاُ تحقيقاً لمصالح شخصية أو حزبية مقيتة أو تنفيذاً لمخططات خارجية معادية للإسلام واستقرار الشعوب فلذالك نجدها كلها أو معظمها باءت بالفشل الذريع المخزي لأصحابه لأنهم تسببوا في غضب الله عليهم بمخالفتهم أوامره ونواهيه وأن الفساد المترتب على الخروج هائل وعظيم على المجتمعات والشعوب وان الفساد الذي خرجوا بسببه على حكامهم قد لا يساوي 5% من الفساد والأضرار التي جلبوها لشعوبهم التي ستظل تلعنهم لمئات السنين عبر العصور والأزمان إذ أنهم أعداء المجتمع الحقيقيون والقاعدة الشرعية الملزمة لكل مسلم تقول "إذا كان تغيير المنكر سيؤدي إلى منكر أكبر منه فتركة واجب وفعلة إثم عظيم".

فقد شدد الإسلام حتى على عدم تحريض العامة على ولي الأمر وإبداء عيوبه امامهم والتشهيربه والتنقيص من قدره.. اذ ان هذا كله يدعو إلى احتقار أوامر ورفضها وكل هذا سيؤدي إلى التمرد والخروج عن الطاعة التى قد تصل إلى الخروج المسلح الذي بدوره يؤدي إلى سفك الماء المسلمة المعظمة عند الله فليس الأمر بالمزاج بل ملزم لكل من يدعي الإسلام وقد حرم الإسلام خيانة ولي الأمر وحياكة المؤامرات ضده والدسائس وحرم غشه في النصيحة وعدم النصح الصادق له وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المستشار امين"..

بل لقد امرنا الله بما فيه خير البلاد والعباد وهى تقديم النصيحة المؤدبة المخلصة سرا لا علانية لأولياء امورنا من حفظ مقاماتهم وهنا يبرز دور العلماء الأجلاء في نصح ولي الأمر وان يصدقوا معه النصيحة اذ لا تجتمع نصيحة ودسيسة واذا ما صدقت النصيحة تحقق خيرها للحاكم والمحكوم فالكذب على ولي الأمر وغشه يعتبر كذبا وغشا لامة بأكملها اذ ان الحاكم لا يمثل نفسه فقط فمصدر الشعوب بعد الله بيد أولياء الامور.. فاتقوا الله يا من تخططون وتحللون التمرد والخروج وحافظوا على النعم التي انتم وبلادكم يمننا الحبيب تنعمون وتنعم بها جميعا.

والدعاء بالصلاح لولي الأمر فيه خير كثير في السر والعلن لكل العباد وهذه هي اخلاق المسلم الحق ان كان يحب الله ورسوله حقاً كما قال تعالى: "قول ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.. الآية".. وقد قيل للإمام العظيم احمد بن حنبل وهو في سجن ولي امره اتراك مجلود الظهر مخلوع الكتف مهان الكرامة إمام أنت صاحب دعوة مستجابة فلماذا لا تدعو على هذا الحاكم الظالم انتقاما لنفسك فقال: لو كنت اعلم ان لي دعوة مستجابة حقا لدعت الله ان يصلح الحاكم لان في صلاحه صلاح الأمة بأكملها.)

ليس كاهل زماننا اذا اصيب بشوكة أو خسر مصلحة معينة ا وعانا من بعض الغلاء وانعدام بعض المواد الضرورية بسبب خيانة الحثالة ضعفاء النفوس للأمانة الموكلة لهم من قبل ولي امرنا اقام الدنيا واقعدها ولا يهمه اذا ذهب الشعب كله ضحية لتهوره وانتقامه لشخصه ينتقم من شعب بأسره فأما بالنسبة لولي الأمر ان اصاب واحسن فيما ولاه الله فقد نفع نسه اولا وان قصر فحسابه عند الله عظيم اذ انه بقدر ما كرم الله ولي الأمر وأعطاه من الحقوق والرفعة والعظمة حيث قرن طاعته بطاعة الله ورسوله بقدر ما سيشدد عليه الحساب والمساءلة العظيمة عن كل صغيرة وكبيرة يوم القيامة وذلك لعظمة ما تحمل على عاتقه من المسؤولية العظيمة ولكن بنصحنا له ومساعدته تدبير شؤون البلاد بالصدق والإخلاص نكن بذلك قد ساعدنا ه في التخفيف عليه في أداء مسؤولياته ومهامه العظيمة اذ ان خروجنا عليه والتحريض عليه والإساءة اليه ومزاحمته في السلطة وخيانته لدى أعدائه يجعل منه وحشا كاسرا وتأتيه الشياطين من كل باب وتفوت على بلادنا كثير من المنجزات التي ستشغل عن تحقيقها لانشغاله بمحاربة الخارصين وهذا هو الواقع الان في بلادنا فأعتبروا يامن تريدون بلادنا عراقا آخراً أو صومالا داميا قاتلكم الله ان لم ترجعوا إلى رشدكم فلا تستهينوا بأوامر الله ورسوله فيحل عليكم غضب من الله وغضبه..

واختم كلامي بقوله تعالى: "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ".
والله من وراء القصد.

زر الذهاب إلى الأعلى