[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

إنهم يستهدفون الدول لا الأنظمة!

عندما يثور الناس في وجه الأنظمة السياسية الدكتاتورية فهذا شئ طبيعي لا لبس فيه، وعندما يرفض الناس الظلم والاستبداد والفساد فهذا شئ بديهي ومطلوب على الدوام، ولكن عندما يختلط الحابل بالنابل ويصعب على الإنسان التفريق بين نظام ديكتاتوري فاسد ومستبد وبين دولة تمثل الجميع وتحمي الجميع بمؤسساتها الدستورية فهنا لابد من وقفة عاجلة لإعادة هذا الإنسان "الثائر" إلى جادة الصواب بدفعة إلى مربع الحكمة والتعقل والحد من اندفاعه الغير محسوب.

هذه المهمة الصعبة في ظل اختلاط المعايير وغلبة التفكير العاطفي الناتج عن الكبت والاندفاع نحو "التغيير الجذري" الغير معد أو الغير مدروس تحتاج في تصوري إلى إعلام قوي وشخصيات اعتبارية ذات سمعة شعبية مقبولة تنزل إلى الميدان لتوعية الثائرين ورسم الطريق الآمن للشعب الذي سيوصلهم إلى أهدافهم وطموحاتهم التغييرية دون الأضرار بوطنهم وبمؤسساتهم الدستورية التي تمثلهم ككيان ودولة ذات سيادة.

الرئيس حسني مبارك خرج إلى الشعب المصري مساء أمس ليعلن بشكل غير مباشر استقالته من منصبة وتسليم صلاحياته الدستورية بالكامل لنائبة عمر سليمان، وبهذا التطور السريع تحقق لثوار الخامس والعشرين من يناير مطلبهم الأساسي وبطريقة ديمقراطية آمنه تهيئ بلادهم لمرحلة جديدة عنوانها الكبير التغيير الحتمي والتوجه البناء لتحقيق مطالب الشعب المصري المشروعة في الأمن والاستقرار والعدالة والحياة الكريمة.

المندسون والمحرضون والراكبون على ظهر موجة الانتفاضة المصرية لازالوا بعد هذه التطورات السياسية الايجابية مصرين على إسقاط الدولة المصرية برمتها وبمؤسساتها الدستورية تحت شعار فضفاض لازال يُرفع حتى اليوم (الشعب يريد إسقاط النظام) مع ان النظام قد سقط بالفعل ولم يعد له أي تأثير يذكر حتى وان بقي بعض المحسوبين عليه، هؤلاء المحرضون يستغلون اندفاع الكثير من الجماهير المصرية إلى ساحات ميدان التحرير ليوهموهم بان النظام القائم يناور فقط وان حسني مبارك سيعود وتفتح السجون والمعتقلات من جديد ويعود الظلم والاستبداد والفساد...الخ ، وبالتالي لابد من البقاء في الساحات حتى يسقط النظام بكل رموزه وحتى يمتثل المسئولين الحاليين لكل المطالب بما فيها إنهاء البطالة والقضاء على الفقر وتوفير المساكن لكل الناس....الخ، وان لم يتم ذلك عاجلا وليس آجلا فلابد عندئذ من التوجه إلى مؤسسات الدولة ومحاصرة مبانيها حتى وان أدى ذلك للمواجهة المباشرة مع الجيش المصري المستهدف من قبل الإعلام " الموجه" المرتبط بدوائر الاستخبارات الصهيوأمريكية باعتباره الأقوى في المنطقة وبالتالي لابد من إضعافه والتشويه من صورته ودفعة للتدخل والانقلاب على المؤسسات الدستورية، ومواجهه المتظاهرين بقصد أشغالة عن مهامه الدفاعية السيادية وزجه في الشأن السياسي حتى يفقد الشعب ثقته بجيشه وتعم الفوضى السياسية والأمنية وتحل ا لشرعيه الثورية محل المؤسسات المدنية الدستورية فتدخل في فراغ دستوري وسياسي الله العالم وحدة كيف سيملئ ومتى سينتهي .

هذا السيناريو المتوقع - إذا بقي الحال على ما هو عليه - سيدخل مصر كدولة وشعب في المجهول المخيف في ظل غياب الوعي السياسي والاستراتيجي، وفي ظل الانقسام الشعبي من الأحداث والتطورات الجارية، وفي ظل التباين السياسي والحزبي السائد في الساحة المصرية، وفي ظل وهنا الأخطر التدخل الخارجي الذي بدأت أمريكا وإسرائيل وإيران وفرنسا وبريطانيا وألمانيا تعد له العدة ضمن مخطط استراتيجي يستهدف مصر كدولة وشعب لتهيئة المنطقة العربية وشعوبها "المنقسمة" لتقبل التجزئة والتقسيم الجديد ومشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي سترأسه بحسب معاهدة (سايس بيكو) القرن الواحد والعشرين - أمريكا وإسرائيل وإيران!!

زر الذهاب إلى الأعلى