[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عن واقع الشباب العربي

هل يمكن القول إن ما يحدث في الوطن العربي الآن من غضب شبابي، ودعوة صاخبة إلى التغيير كفيل بأن يرفع الاهتمام بهذه الشريحة الواسعة من ينابيع الفتوة إلى ما تستحقه وتتمناه ، بعد عقود من الإهمال والتجاهل ؟ وما لا بد من الجزم به - رداً عن هذا السؤال - أن مرحلة جديدة من الاهتمام بشباب الأمة قد بدأت، انطلاقاً من الاقتناع بأن كل جهد لا يبدأ معهم ومنهم وينتهي بهم، هو جهد ناقص إن لم يكن جهداً ضائعاً.

فالشباب هذا النبع الصافي الفتيّ ، هو الأمل الحقيقي ، إن لم يكن في الحاضر الراهن ففي المستقبل القريب. ويصعب تصور حياة متطورة ومتقدمة في أي بلد عربي أو غير عربي دون دور كامل بشباب يشق طريقه نحو الغد بثقة واطمئنان وحب للحياة وللناس والوطن ، وحتى لا تسبق القوى المعادية إليه لكي تدغدغ عواطفه ، وتبعده عن هموم أمته وهويته ، وعن المبادئ التي تميزه عن غيره من شباب الأمم الأخرى.

ولعل أهم ما يتميز به الشباب العربي في كل الأقطار العربية، دون استثناء ، هو ذلك الإحساس بالنقاء الذي يجعل روحه صافية خالية من العقد والخلافات المذهبية والطائفية، ومن أحقاد الماضي القديم والقريب. وهو بذلك أقدر على أن يكون صمام الأمان في الخلاص المرتقب من الضغائن التي سكنت نفوس كثير من الآباء المتصارعين، على ما لم يعد بالنسبة لهذا الجيل من الشباب موضع اهتمام ، أو إدراك في زمن تطور فيه كل شيء وتغير، وأصبح العمل وحده والكفاءة وحدها قيمة الإنسان الباقية والدافعة إلى بناء الحياة وإسعاد الناس، لا الشعارات ولا الخلافات السياسية التي يجترها البعض ويسعون من خلالها - عن حسن نية أو سوء نية - إلى تمزيق أواصر المواطنة والقربى، وتحويل الأقطار العربية إلى جزر متصارعة ومتنافرة ، في عالم يتوحد ويتجاوز كل الخلافات اللغوية والقومية.

ومن هنا، فالشباب هو الأجدر بأن يقود حركة النهوض، وأن يعيد إلى هذه الأمة الضائعة المنهكة كرامتها وشبابها وحيويتها، وأن يبذل أقصى جهوده في بناء الدولة الحديثة القائمة على العدل والحق والمساواة. ومن حسن حظ الوطن العربي أن ثلاثة أرباع سكانه من الشباب، على خلاف الدول الأوروبية، وغيرها من الدول المتقدمة التي تفتح أبوابها للهجرات المتلاحقة ، لكي تسد العجز الذي تعاني منه في مجال ضآلة السواعد الشابة الفتية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الفضيلة الوحيدة التي قد تنسب لبعض الأنظمة القمعية في الوطن العربي ، أنها بعد أن سلبت كل حريات المواطنين، تركت لهم حرية واحدة، هي حرية التناسل ، ولم تكن تدري أن هذه الحرية ستؤدي إلى الانتقام من الحكومات من خلال مزيد من الأفواه المطالبة بحقها في لقمة العيش أولاً ، ثم بحقها في الحياة الكريمة المتساوية.

والواقع يفرض على الأنظمة العربية أن تدرك بوضوح لا يقبل اللبس ، أن تجديد شباب الشعوب وإبعاد شبح الشيخوخة عنها ، لا يكون إلاَّ من خلال الإيمان التام بقدرات الشباب وبما لديهم من ملكات التطوير والتغيير ، ومن الاستعداد اللامحدود للتضحية. وعلى هذه الأنظمة أن تمنحه الثقة الكاملة بدلاً من أن تعمل بعضها على إفساد حياته ، وتحويله إلى آلة جاهزة للتحطيم والانتقام ، وركوب موجات التطرف ، أو البحث عن ذاته ووجوده الإنساني في عوالم الوهم والعزلة.

عصام واصل في كتابه الأول:

في طبعة جزائرية جميلة وفاخرة صدر كتاب (التناص في الشعر العربي المعاصر أحمد العواضي نموذجاً) للشاعر والباحث المتميز عصام واصل، وهو نص رسالة علمية نال بها الشاعر درجة الماجستير من كلية الآداب واللغات بجامعة الجزائر ، والكتاب - بالإضافة إلى دراسات أدبية أخرى منشورة له - يقدم ناقداً مهماً وباحثاً على درجة عالية من استيعاب مناهج النقد الأدبي القديم منها والجديد . وهذا ما يضمن له مستقبلاً حافلاً في هذا المجال الذي يعاني من التخلف والضمور والقصور.

تأملات شعرية:

لا وقت للكلامْ
لا وقت للخصامْ
لا وقت لاسترجاع ما جرى
في سالف الأيامْ .
وعزة الله الجليل والصمدْ
أن البلاد في كبدْ .
والناس في كمدْ .
وليس من حلٍّ سوى الحوار والوفاق
أو يكون الانفجار والبددْ

زر الذهاب إلى الأعلى