[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

لكم الله يا مكرفسي الحديدة

لست ادري ماذا تنتظر وزارة الصحة , ولماذا لم تسارع منذ اللحظات الأولى التي انتشر فيها الوباء الغامض الذي يسمى بالكرفس , والذي بدأ ببعض مديريات الحديدة حتى انتقل إلى المدينة ذاتها , المرض

غريب والأغرب منه هو تجاهل وزارة الصحة ومحافظة الحديدة لمكافحة المرض الفتاك , والذي ما أن يدخل الجسم حتى يصيبه بحمى شديدة يتهيج على إثرها بعض الأمراض التي تكون في وضع خامد وما أن يدخل هذا الفيروس حتى تخور قوى الشخص المصاب , ويدخل الأغلبية منهم ممن لا يستطيعون مقاومته في غيبوبة , ويصبحون بين الأحياء وهم أموات .
الحال جد خطير ولا يقبل السكوت عنه فكم من روح بريئة أرداها والمصيبة بأن حالات الوفاة توزعت بين جميع الشرائح من صغار السن إلى كبارهم , ومن رجالهم إلى نسائهم , ولا فرق في ذلك الأغنياء منهم والفقراء , حتى غدت محافظة الحديدة مدينة أشباح تنتظر القدر المحتوم , وما يجلب على الأسى بأن الدولة وعبر الجهات المختصة لم تعر الأمر قدرا كبيرا من الأهمية , إن لم نقل أنها استخفت بأرواح الأبرياء , عندما تجاهلت شكواهم المتكررة لأكثر من حالة وفاة , ولا ادري لمصلحة من يبقى تمييع هذا الموضوع والتحدث عنه .
ينبغي على وزارة الصحة ألا تكتفي فقط بإرسال اللجان ينبغي لها أن تقيم غرفة عمليات وإذا اقتضت الحالة إعلان المحافظة منطقة موبوءة , وإعلان حالة طوارئ اسعافية , لإنقاذ المرضى , خصوصا بأن التكاليف المترتبة على الإصابة كثيرة خصوصا أن الشخص يكون في غيبوبة ويحتاج على أغذية خاصة تعطى عن طريق الدواء , وهي باهظة الثمن ومع هذا يظل مفعولها محدودا للغاية وتبقى حالة المريض في خطر والناجون ليسوا بمحظوظين على اعتبار أنهم يخضعون لغسيل كلوي مستمر , بمعنى أن الخطورة ليست فقط في مفارقة الحياة بل بما يترتب على الحياة المرتكزة على الغسيل المتكرر والأدوية الغالية التي لا يستطيع أهالي مدينة الحديدة البسطاء الفقراء والذين غالبيتهم يعيشون على الأجور اليومية .
لكم الله يا أهالي الحديدة البسطاء , فالكل مشغول عنكم هذه الأيام فالكل يثور وليتهم ينتبهون للمرض الغامض الذي فتك بإخوتهم بمحافظة الحديدة , من حق الحديدة هذه المدينة المسالمة الهادئة التي لا تقلق الدولة في شيئ , رغم أنها تعاني الأمّرين من قسوة في العيش وترد في الخدمات وإهمال المسئولين لها , رغم أن أبناء هذه المدينة يعدون الأكثر وفاء للدولة والأكثر مناصرة لها والمساندين لوحدة الوطن , فهل تبادلهم الجهات المختصة , وفائهم بحرصها على إنقاذ حياتهم من مرض غامض يفتك بهم وهم لا حول ولا قوة لهم في درأه أو المفر منه .
لا أتكلم من فراغ فأنا من بين العشرات ممن فجعوا بأقارب فارقوا الحياة بسبب هذا المرض , وأصبحت المناشدات تصلني هنا إلى الجزائر من اجل إبلاغ صوتهم عن هذا المرض الذي يواجهونه , في أسبوع واحد قدمت التعازي لأكثر من عائلة اثنتان منها تربطني بهما علاقة نسب , والأمّرُ من ذلك بأن الضحيتين في ريعان شبابهما , في عقدهما الثاني أي في ربيعهما العشرين , وبالطبع لا يحس بالجمر إلا من تلهبه لظاه , فنسال الله الرحمة لشهداء الكرفس بمحافظ الحديدة , ونسال الله العلي القدير أن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان , ومنّ على المرضى بالشفاء العاجل.
وهنا نوجه نداء عاجلا للأخ رئيس الجمهورية حفظه الله وحفظ معه اليمن أرضا وشعبا , بأن يولي هذا الموضوع فائق عنايته , فقد لمسنا تفاعله الكبير مع كثير من الفواجع التي ابتليّ بها الوطن في مناطق كثيرة في انهيار جبل الظفير , وبركان جبل النار , وسيول حضرموت وزلزال ذمار ,وغيرها من الكوارث الطبيعية , وأهل الحديدة يسحقون مثل ذلك , فخامة الرئيس الناس في الحديدة في حاجة ماسة لكم اليوم لكي توجدوا حلولا لهذا المرض وغيره من المشاكل التي تعاني منها الحديدة , إن أبناء الحديدة مسالمون وينبغي على الدولة أن تنتبه لهم , خصوصا الآن حتى لا يتم التغرير بهم فيما يمر به الوطن حاليا , فمن السهل تفجير الموضوع وإقلاق السكينة وإثارة القلاقل بدواعي عدم التجاوب مع مكافحة المرض , فلماذا لا نقطع الطريق على كثير من المزايدين واللاعبين بهموم المواطنين قبل فوات الأوان .

باحث دكتوراه بالجزائر

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى