فاجأ الأخ الرئيس الكثير من المراقبين بمبادرته الجديدة التي تقدم بها اليوم أمام حشد كبير من الموالين لما احتوته من تغيير جذري لنظام الحكم والانتقال من النظام المختلط – رئاسي, برلماني – إلى النظام البرلماني ونقل جميع الصلاحيات التنفيذية للحكومة المنتخبة بعد أن يتم صياغة دستور جديد للبلد يُستفتى عليه نهاية العام الحالي.
هذا التغيير الايجابي لا خلاف عليه واليمن تحتاج بالفعل لتجريب هذا النظام السياسي الجديد لعلها تخرج من دائرة الصراعات السياسية على كرسي الرئاسة الذي لازمها على مدار خمسون عاما لتتفرغ بعد ذلك للتنمية وتصحيح الاختلالات الإدارية الكبيرة في أجهزة الدولة بسلطاتها الثلاث , خاصة وهذه المبادرة تتضمن الفصل الفعلي بين سلطات الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية.
ما صدم الكثير في تصوري أن هذه المبادرة احتوت في نقاطها الأخرى على آليات خطيرة تمس في الصميم وحدة البلد كاعتماد الحكم المحلي (( كامل )) الصلاحيات , وكذلك (( إنشاء الأقاليم )) على ضوء المعايير الجغرافية والاقتصادية ... هذه الآليات الضبابية توقفت كثيرا أمامها ولم أجد لها أي تفسير واضح , بل لقد ذكرتني بالعطاس والجفري وياسين سعيد نعمان وحميد الأحمر ومحمد المتوكل وحسن زيد ودعوات الفيدرالية ومشاريع تقسيم اليمن إلى أقاليم ومخاليف.. الخ!!
فخامة الرئيس لا شك أن الضغوط من حولك كبيرة ومتشعبة وهو ما دفعك إلى تقديم هذه التنازلات الجسمية خاصة في موضوعي " الحكم المحلي وتقسيم اليمن إلى أقاليم " واجزم أن بعض مستشاريك " المخلصين " هم من دفعوك إلى تقديم هذا التنازل الخطير الذي يتناقض ومواقفك وتصريحاتك السابقة.
وأذكرك فقط بان المعتصمون في الشوارع هم اقليه وأحزاب اللقاء المشترك هي أحزاب الأقلية وفق نتائج آخر انتخابات نيابية وبالتالي لماذا هذا الهوان والضعف أمام أقلية تريد فرض شروطها وخياراتها السياسية ومشاريعها التمزيقيه على غالبية الشعب اليمني ؟! ... إذا كنت غير متيقن أو غير مؤمن بتلك الجماهير المليونية التي خرجت في العديد من المحافظات اليمنية لتأييدك وبالأحرى تأييد ودعم الشرعية الدستورية في البلد , فتنازل ولبي شرط هذه الأقلية ومطلبهم وكفى الله المؤمنين شر الصراع!!
ألا تعلم انك بهذا الكم الكبير من المبادرات تدفع أحزاب اللقاء المشترك للتصلب أكثر وأكثر لانها بكل بساطة تفسرها على أنها نتاج ضعف وبداية انهيار لنظامك وبالتالي هذه المبادرة لن تزيدها سوى قوة وتشبث بمطلب رحيلك وهو ما حدث بالفعل بعد دقائق معدودة من إلقاءها على الشعب فقد خرج قادة المشترك إلى الإعلام ليصرحوا بعدم موافقتهم على هذه المبادرة التي وصفوها بتجاوز " الواقع " الذي صنعوه بأيديهم للانقلاب على الشرعية الدستورية ونسبوه زورا إلى الشباب اليمني!!!