[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

قراءة في مبادرة الرئيس

ليس مستغربا أن يأتي الرئيس بمبادرة مثل هذه، فهو متعود على إطلاق تلك المبادرات في وقت الأزمات التي يعدها مطبخه المحترف بأعداد المبادرات لاسيما وقد اثبت التجربة الماضية فوائدها في ترحيل الأزمات في اليمن، بحيث تضمن كسب الوقت في استمرار النظام، بيد أن هذا الاستمرار الزمني لا يلغي مطالب المجتمع بل تزيد الواقع احتقاناً حيث ان كسب الوقت لا يحقق الكيفية الجديدة المنشودة، وبالتالي فإن الإسهاب في نثر المبادرات مهما حاولت التقرب من المطالب في بعدها المحوري والمفاهيم المطاطة.

فكلما خروج المجتمع اليمني للشارع تقاربت فئاته وقواه المحركة كلما استطاعوا الاقتراب من التشخيص الواقعي للازمات وتمركزت اهدافهم ولا يحتاجون إلى مشاريع عائمة مثل هذه، ربما هذه المبادرة كما أتوقع ستكون فائدتها في تحريك العملية السياسية من حيث تجاذبها ولاسيما في توجه التفكير في طرح مشاريع للدستور القادم بحيث يستوعب تطلعات القوى السياسية والاجتماعية، أما بقية ماجاءت به المبادرة فلا تثير الشارع ولاتهمه ولا تعبر عن تطلعاته، ونعتقد تصور مواقف القوى الاجتماعية والسياسية الضمنية منها والتي في مجملها سوف تساعد على تصعيد وتنظيم الاحتجاجات بصورة اكبر واوسع، فهناك من حددوا مواقف ثابتة لا تراجع عنها والمتمثلة في إسقاط النظام وهذه المبادرة لا تلامس هذا الموقف بل على العكس ربما تسند مواقفهم تلك.

والبعض من قوى النظام المتشددة قد تعتبرها بداية العد التنازلي ولهذا سوف تصعد من مواقفها في اتجاه قمع المظاهرات وهذا القمع سينعكس في تصعيد الاحتجاجات. بينما قد نلاحظ مواقف بعض القوى السياسية المعارضة ممن تتفق مع القوى الاجتماعية الأولى التي ترفع شعار إسقاط النظام وهم الأغلبية، في حين قد نجد البعض الآخر من يعتبر المبادرة مدخلاً للحل الآمن للازمة.

أما القوى الثالثة والتي هي أكثر حساسية عند الحاكم هي المعارضة الجنوبية، حيث يلحظ بأن جميع خطابات الرئيس التي سبقت مبادرته الأخيرة كانت تتركز حول مهاجمة هذه القوى والتي نعتت بعدد من الصفات التي تشير إلى تخويف الآخرين منهم بهدف اضعاف المعارضة في الشمال ومنح تلاحمها مع الجنوب، الا ان مبادرته لا تشير إلى ملامح معالجة القضية الجنوبية وهذا يؤكد أن المبادرة هذه للاستهلاك وكسب الوقت ليس إلا هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هي استفزازية للجنوبيين تستند إلى استقراء للخلفيات النفسية للجنوبيين التي خلقها القهر الاجتماعي الناتج عن ما لحق بهم من مظالم، وهذا الاستفزاز المراد منه دفع الجنوبيين للتخلي عن طرح شعار إسقاط النظام واستبداله بشعار الانفصال وله مخاطر سلبية على حركة الاحتجاجات العامة في الساحة اليمنية وهي النقطة الوحيدة التي قد يستفاد منها النظام من هذه المبادرة، وعليه يجب الانتباه لذلك جيداً في وسط الاحتجاجات الشعبية بعامة والوسط السياسي بخاصة.

هذه المبادرة شبيهة بالمبادرة التي أعلنت في 1993م بوثيقة العهد والاتفاق فقد كانت الوثيقة التي قاده نحو الحرب وتحولت إلى وثيقة الحرب والاختلاف، وهذه المبادرة قد تلحقها إجراءات من قبل النظام تحاول ضرب الاحتجاجات الشعبية ولاسيما في الجنوبية من خلال الدفع بعناصره نحو خلق مزيداً من الفوضى والنهب والاغتيالات ورفع شعارات انفصالية حيث يبدأ في ضرب هذه القوى بوصفها خارجة عن القانون كما يطرحه النظام محاولاً تبريره لقمع المظاهرات ، وهذا الأسلوب قد بدأ واضحاً منذ الأيام الأولى في الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية، والتي عجزت الاجهزة الامنية واللجان الرئاسية والبرلمانية في اطلاعنا عن نتائج اعمالها وكشفت عن من هم الذين قاموا باعمال القنص في عدن وادت إلى مقتل العديد من شباب عدن؟ حيث ان خلف الفوضى سيدفع بالناس إلى الخوف عن مصالحهم ويلزمون البقاء لحماية ممتلكاتهم وعدم الخروج للشارع وهذا مايخطط له النظام كما هو ملحوض من انتشار فوضى العشوائية في احيا عدن والسطو على املاك الغير أو المتنفسات العامة والغريب في الامر هو عدم تدخل الامن في هذه الحالات، في الوقت الذي مستعد للتدخل في قمع المظاهرات؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى