[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إلى قناتي اليمن وسهيل.. اتقوا الله

سيذهب علي عبدالله صالح سواء وفق الطريقة التي يريدها هو، أو وفق ما يريده خصومه، والثائرون عليه، أو وفقا لما يمكن أن تفرز عنه مبادرات الخليج وطاولات النقاش.. سيذهب علي عبدالله صالح ويبقى اليمن واليمنيون، الحزبي فيهم والمستقل، المؤتمري والمعارض، الشمالي والجنوبي، الاسلامي والليبرالي، الفقير والغني، الجاهل والمتعلم، وكل هؤلاء قدرهم ومصيرهم أنهم سيعيشون مع بعضهم البعض، وأبناؤهم سيدرسون مع بعضهم، ونفس الشوارع والطرقات ستقلهم جميعا إلى وجهاتهم سواء استقلوا الباصات أو السيارات الخاصة أو مشوا على الأقدام.. فلماذا إذن لا نبني خطابنا الاعلامي على هذا الأساس؟ لماذا لا نذهب بعقولنا سنتين أو خمسا إلى الأمام بعد ذهاب الرئيس ثم نعود إلى الحاضر فنسطر خطابا مسؤولا لا يحبل بالكراهية ولا يؤسس للعداوة؟!

أجمل ما في الثورة المصرية أنها كانت خالية من العنف اللفظي تجاه المصريين بعضهم البعض، وأن خطاب الثورة كان يستهدف رموز الفساد في الحزب الوطني ولم يستهدف جماهيره ولم يتوعدهم ولم ييأس لحظة من كسبهم إلى ان عجز مبارك أن يحشد في بلد الثمانين مليون نسمة مئتي ألف متظاهر يناصره.

نفس الشيء، حاولت وسائل الاعلام الحكومية المصرية بداية الثورة، الاساءة للشباب المصري الثائر وحاولت تشكيكه بنفسه، والصاق التهم به، والوقيعة فيما بينه، لكنها سرعان ما تراجعت وتعاملت بشيء من المسؤولية وأبدى المصريون حرصا كبيرا على النسيج الاجتماعي والتواد الشعبي والتحاب الأسري حتى غدت متابعتنا لمجريات الثورة في مصر تحفل بالكثير من دموع الغبطة لذلك الشعب الحميم الرائع، لتلك الأسرة المليونية العظيمة التي يسمونها مصر، الأمر الذي جعل قلوبهم قادرة على الدعاء المستجاب وما هي إلا جُمَع معدودة حتى سقط الفرعون وعاد الناس إلى بيوتهم يعانقون بعضهم ويتجمعون في ميدان التحرير كلما تطلب الأمر.

قناة اليمن وأخواتها تتصرف الآن وكأن الرئيس خالد مخلد وكأن الثائرين عليه كائنات هبطت من كوكب آخر وليسوا مواطنين يمنيين، وتبلور هذه القنوات مشاعر العداء تجاه هؤلاء بأسلوب كربلائي مدمر، يهدد النسيج الاجتماعي ويؤسس لعداوات مستديمة تستمر إلى عهد لا يختلف اثنان على أنه قادم لامحالة.

بث الكراهية والتخوين الوطني والاستعلاء الثوري كلها أمراض خبيثة تهدد القادم ويتحمل وزرها مجموعة "المتجملين" والمتحمسين والبائعين دينا، وهو ما يتطلب من العقلاء في اليمن وقفة جريئة وجادة لايقاف هذا الحقن اللامسؤول حتى لا يتلوث المستقبل بخلافات الحاضر.. وجل ربنا القائل سبحانه: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". رئيس يأتي ورئيس يغادر، حزب يفوز وآخر يفشل، المهم هو أن نظل أحبابا وأخوة متفاهمين، أو على الأقل ألا نصبح أعداء، والله المستعان.

هذه رسالة نوجهها إلى كل العقلاء في اليمن ونخص زملاءنا القائمين على وسائل الإعلام وفي مقدمتها قناتا اليمن وسهيل، ولن نبخل بكلمة شكر لكل منبر مسؤول لا يعطي الأمر أكثر من حجمه ولا يحمل البلاد أكثر مما تحتمل. سائلين الله العلي القدير أن يجنب بلادنا كل مكروه وأن يختم لنا بخير.

زر الذهاب إلى الأعلى