[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

تعددت المبادرات وغابت الإرادات

ربما تكون حققت الأزمة اليمنية رقما قياسيا في عدد المبادرات لكنها فشلت ولم تحقق ما يريده اليمنيون المعارضون أو المؤيدون للنظام حتى الآن.

في يونيو 2006م تم التوافق على اتفاق سمي لضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة واعتبرت حينها أهم وثيقة وطنية ملزمة لا تقبل التسويف أ وتكون ذلك الاتفاق من (12) بند تتمحور تلك البنود حول إصلاح المنظومة الانتخابية وحيادية كلاً من المال العام والوظيفة العامة والقوات المسلحة والأمن والإعلام الرسمي.

وفي يونيو 2007م بعد سنة من توقيع اتفاق المبادئ حيث وقعت الأحزاب الممثلة في البرلمان في 6يونيو 2007م على وثيقة قضايا وضمانات وضوابط الحوار بعد سلسلة متقطعة من المشاورات والحوارات حتى نهاية العام 2008.

في 23فبراير 2009م جاء اتفاق سمي اتفاق فبراير ، حيث فوجئت الأوساط السياسية وكل المتابعين للتوقيع على ذلك الاتفاق والذي يتكون من ثلاثة بنود أسفر عن تعديل المادة (65) من الدستور المتمثلة بالتمديد لمجلس النواب المنتهية فترته في 27ابريل 2009م سنتين إضافيتين ، وبالتالي تأجلت الانتخابات النيابية إلى 27ابريل 2011م ، حيث جاء ذلك الاتفاق بعد حوارات عده رعاها الرئيس ، ونص ذلك الاتفاق على ضرورة الحرص على إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة.

وفي 17 يوليو 2010م مثل غيره من الاتفاقات والحوارات السابقة بزيادة أن تلك الفترة كانت في أجواء سياسية مفعمة بالتوتر والاتهامات المتبادلة والتمترس وراء المواقف الأحادية ، إلا أن طرفي الأزمة اتفقوا على توقيع محضر مشترك لتنفيذ اتفاق فبراير ، والمتعلق بتشكيل لجنة للتهيئة والإعداد لحوار وطني شامل برعاية الرئيس ، وتم تشكيل تلك اللجنة من طرفي الأزمة ، حيث اقترحت المعارضة على المؤتمر أن تكلف لجنة للتشاور الوطني وتقوم بمهمة الحوار وان يفضي في نهاية المطاف لمناقشة مخرجات الجانبين والعمل على إيجاد صيغة توافقية ، تمسك الطرفين كلاً برؤيته ، إضافة إلى عوامل أخرى ، بعد ذلك أوصدت الأبواب التي كان قد فتحها اتفاق فبراير.

في تلك الأثناء كان حميد الأحمر من ضمن العوامل التي عرقلت ذلك الاتفاق ،وقتها رفض التوقيع وأراد أن لا يمضي أي اتفاق إلا تحت سقف لجنته التي كانت تسمى لجنة الحوار وحاول حينها الضغط على بقية أعضاء المشترك ، وهو ما يدفعنا إلى تصديق الوثيقة التي سربت من قبل ويكليكس الخاصة بأن حميد الأحمر سينشر الفوضى خلال العام 2011م ولن يدع الرئيس علي عبد لله صالح يكمل فترته الدستورية ، وأصبح المشترك في تلك الفترة يتحدث عن وساطة خارجية ، والتي كان أهمها الوساطة السورية التي قام بها عبدلله الأحمر وكذلك وساطة المعهد الديمقراطي الأمريكي.

ينطبق على ما سبق من المبادرات والتعامل معها من قبل طرفي الأزمة السياسية.

( نظرية المباريات) (مباراة شبة صفرية) ، الهدف المعلن لكل طرف من الأطراف المتنازعة في هذه اللعبة هو العمل والسعي إلى إضعاف الطرف الآخر تمهيداً للقضاء علية سياسياً، ، وهذا ما رأينا خلال هذه المراحل والفترات السابقة.

مع فشل المبادرات السابقة عملت أحزاب اللقاء المشترك على تصعيد خطابها ، وكانت تكرر في أكثر من تصريح ومناسبة عن جديتها في اللجوء إلى الشارع وهو ما لم يدركه النظام ولم يأخذه بالحسبان.

استغل المشترك قضية الجعاشن في البداية وحاول أن يوظفها التوظيف المناسب ولكن ذلك لم يجدي ، بعدها عمل المشترك على دعوة انصارة للنزول إلى الشارع من اجل الضغط على النظام ، لكن المواطنين لم يأخذوا تلك الدعوة بحماسة وبحسب زعمهم أنها مناكفات سياسية لا تعنينا.

استبق الرئيس علي عبدللة صالح موجة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظامه بإعلان مبادرة عدم التوريث ، حيث لم تكن الاحتجاجات قد توسعت بل بدأت شرارتها في العاصمة صنعاء فقط ، وجاء في المبادرة التي تقدم بها الرئيس ، وعرضها يوم 2 فبراير 2011 أمام أعضاء مجلسيْ النواب والشورى والحكومة وقيادة الجيش والأمن، اقتراحه تأجيل الانتخابات التشريعية من أجل الإعداد لتعديلات دستورية تمهد لإصلاحات سياسية وانتخابية، مؤكدا أنه لا ينوي الترشح لفترة رئاسية جديدة بعد أن تنتهي فترة رئاسته الحالية في عام 2013 ومتعهِدا بعدم توريث مقاليد الحكم لنجله.

لم تعمل تلك المبادرة أي شيء على ارض الواقع ، وأصبح هناك فجوة بين الحاكم والرعية في التعامل بمصداقية والعمل على اتخاذ سياسة المراوغة على حد قول المعارضة ، ومن هنا بدأت نظرية جديدة من نظريات المباريات في هذه الفترة تسمى ( نظرية اللعبة الصفرية ) وأصبح الوضع يدار على أساس سياسية ( يا غالب يا مغلوب ) مع أن هذه السياسية لا يمكن أن تتخذ داخل الوطن الواحد وإنما تتخذ في مجال العلاقات الدولية ، لكن مع الأسف الواقع والتعنت في المواقف فرض ذلك.

وما زاد الطين بله هو ظهور ثورة تونس ومصر ، حيث هب الشارع واستطاع المشترك من خلال الشباب والمواطنين الذين تأثروا بالموقف من ناحية ، ومن ناحية أخرى الغبن الذي لاقوه من سوء إدارة البلاد والتي أغرقها الفساد والنهب والتي من شأن تلك الممارسات انعكست على واقع المواطن المسكين المسكين ، ومن هنا جاء قبول المواطن لتلك الإعتصامات ومن لم يقبل فإنة لزم الصمت.

جاء بعد ذلك علماء اليمن ليقدموا مبادرة لحل الأزمة اليمنية في 28 فبراير 2011 إلا أن تلك االمبادرة لم يكتب لها النجاح وقد تضمنت 7 نقاط تمثلت في (سحب قانون الانتخابات والاستفتاء وإعادته لمجلس النواب لإقراره بالتوافق .. وسحب مشروع التعديلات الدستورية المنظورة حاليا أمام مجلس النواب.. وتشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوافق.. و إحالة الفاسدين إلي القضاء وسرعة البت في قضايا الفساد المنظورة أمام القضاء.. وإطلاق أي سجين ممن لم يثبت إدانته ولم يكن له قضايا منظورة أمام القضاء.. ويتم اختيار خمسة قضاة يقوم كل طرف باختيار اثنين منهم والخامس يتم اختياره من لجنة العلماء المرجعية أو بالتوافق بين القضاة الأربعة وذلك للفصل في النزاع القائم بين أطراف العمل السياسي.. وإيقاف الحملات الإعلامية والمهاترات والتحريض وذلك بما يهيئ الأجواء لإنجاح الحوار الوطن ، هذا ما عرفناه عن المبادرة وهناك أشياء لم نعرف ما هي كانت وراء الكواليس وهي السبب في رفض الأخ الرئيس لتلك المبادرة.

وهناك مبادرة تقدمت بها أحزاب اللقاء المشترك في الأول من مارس 2011 ، لنقل السلطة سلميا وسميت بمبادرة الخمس النقاط هي : استمرار التظاهرات والاعتصامات وحق الشعب في التعبير عن رأيه بكل الطرق والوسائل السلمية.. التحقيق في جرائم القتل التي ارتكبت في مختلف محافظات اليمن خلال الفترة الماضية ، تحقيق شفاف نزيه وعادل وتقديم القتلة ومن يقفون ورائهم إلى محاكمات مستعجلة وإنزال القصاص العادل بهم وتعويض اسر القتلى والجرحى.. الانتقال السلس للسلطة استنادا إلى التزامات الرئيس المعلنة بعدم التوريث والتمديد وعدم الترشح في انتخابات 2013م.. يحدد الرئيس مجموعة الخطوات التي سيجري عبرها نقل السلطة وعدم توريثها خلال فترة زمنية لا تتعدى نهاية هذا العام.. يعلن الرئيس هذه الخطوات للشعب وكافة القوى السياسية بتحديد موقف منها بالقبول أو الرفض.

وفى مبادرة أخرى في 10 مارس 2011م دعا الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى مؤتمر عام حضره أكثر من 40 ألف مشارك وتقدم بالمبادرة التالية ( تشكيل لجنة من مجلسي النواب والشورى والفعاليات الوطنية لإعداد دستور جديد يرتكز على الفصل بين السلطات ويستفتى عليه في نهاية هذا العام 2011م.. والانتقال إلى النظام البرلماني وبحيث تنتقل كافة الصلاحيات التنفيذية إلى الحكومة البرلمانية في نهاية العام 2011 وبداية 2012 .. وتطوير نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات على أساس اللامركزية المالية والإدارية وإنشاء الأقاليم اليمنية على ضوء المعايير الجغرافية والاقتصادية.. بالإضافة إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تقوم بإعداد قانون جديد للانتخابات بما في ذلك القائمة النسبية، وعلى أن يلتئم مجلس النواب بمختلف كتله من السلطة والمعارضة لإقرار قانون الانتخابات والاستفتاء.

وتأتى المبادرة السرية لنقل السلطات(30 مارس) وهي مبادرة تقدم بها رئيس الجمهورية للسفير الأمريكي بصنعاء في 30 مارس 2011 وكانت تنص على الآتي (تشكيل حكومة انتقالية مشتركة من المؤتمر والمشترك الذي يتولى رئاستها- نقل الصلاحيات الدستورية للرئيس إلى هذه الحكومة مقابل بقاؤه في منصبه حتى نهاية ولايته عام 2013 – احتفاظ الرئيس بصلاحياته على وزارتي الدفاع والخارجية- استقالة اللواء علي محسن صالح وتنحية أبناء الرئيس وأقاربه من السلطة).

في 1 ابريل تقدمت أحزاب اللقاء المشترك بمبادرة تضمنت 5 نقاط وهي (أن يعلن الرئيس تنحية عن منصبه، وتنتقل سلطاته وصلاحياته لنائبه ، وأن يقوم النائب فور توليه السلطة بإعادة هيكلة الأمن القومي ، والأمن المركزي ، وكذا الحرس الجمهوري ، وان يتم التوافق مع الرئيس المؤقت (النائب سابقاً ) على صيغة للسلطة خلال الفترة الانتقالية تقوم على قاعدة التوافق الوطني ، بحيث يتم تشكيل مجلس وطني انتقالي تمثل فيه كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وشباب الساحات ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني والمرأة على أن يشمل كل مناطق اليمن.. ويعمل المجلس على تشكيل مجلس عسكري مؤقت من القيادات العسكرية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة وتحظى باحترام وتقدير في أوساط الجيش، بحيث تمثل في المجلس كل تكوينات القوات المسلحة ، ويشرك فيه ممثلون عن المقاعدين قسرياً بعد حرب 1994 .. بالإضافة إلى تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاءات العامة تتولى : إجراء الاستفتاء على مشروع الإصلاحات الدستورية ، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحسب الدستور الجديد.. وتضمنت الخطوة الخامسة التأكيد على حق التعبير السلمي وحرية التظاهر والاعتصامات السلمية وغيرها لجميع أبناء اليمن وأن يتم التحقق في الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون في كافة الساحات... وتقديم المسئولين عنها للمحاكمة ، وتعويض الجرحى والمعوقين وأسر الشهداء.

وقد تقدمت دول مجلس التعاون الخليجي بمبادرة في 3 ابريل لحل الأزمة اليمنية وتضمنت آلاتي ( إعلان الرئيس اليمني التنحي ونقل صلاحياته لنائبه.. والتأكيد على ضمان وسلامة وعدم إجراء ملاحقة له ولجميع أقاربه وأركان نظامه..

وتشكيل حكومة وحدة وطنية مهمتها تسيير أعمال البلاد لفترة محدودة والإعداد لإجراء استفتاء على الدستور وانتخابات نيابية ورئاسية ويحق ايضا تشكيل اللجان التي تراها ضرورية.. وفي حال تمت الموافقة من جميع الأطراف على هذه المبادرة يتم دعوتهم إلى الرياض للتوقيع عليها والبدأ بتنفيذها ، وتم تعديل بعض نصوص المبادرة التي تقدمت بها دول الخليج في 3 ابريل إلى الصيغة التالية .. يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته إلى نائب رئيس الجمهورية.. وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة ، لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً ووضع دستور وإجراء الانتخابات.

وفي إطار مبادرات حل الأزمة اليمنية تقدم الجانبان الأمريكي والأوربي برؤية لجدولة المبادرة الخليجية في 16 ابريل تنص على توقيع اتفاق بين الرئيس وأحزاب اللقاء المشترك المعارض برعاية واشنطن يتضمن أن ينقل صالح صلاحياته خلال أسبوع من قيامه بإصدار قرار بتعيين نائب جديد للرئيس.. وأوضحت الرؤية أن يقوم النائب الذي تم نقل صلاحيات الرئيس له بإصدار قرار بتشكيل حكومة مؤقتة برئاسة شخصية من المعارضة اليمنية.. وان يقوم الرئيس صالح بمغادرة البلاد إلى جانب اللواء المنشق على الجيش علي محسن الأحمر بعد إعلان الرئيس تنحيه عن السلطة.. بالإضافة إلى أن يقوم نجل الرئيس أحمد قائد الحرس الجمهوري وابناء اخية يحيى محمد عبدلله صالح وعمار محمد عبدلله صالح.

وبعد مرور أسابيع منذ بدء إطلاق أول مبادرة والتي أعلنها الرئيس والتي يعدها مراقبون حتى الآن بأنها كانت بمثابة مبادرة لإخماد الثورة وبالإضافة إلى توالي المبادرات المحلية والخارجية إلا أن الأزمة المطالبة بإسقاط النظام في اليمن لا تزال تشتعل وفي تطور مستمر خاصة وان الأزمة تدخل مرحلة الانسداد الشامل بعد رفض المعارضة للمبادرة الخليجية المعدلة وتمسكهم بالمبادرة التي تقدمت بها دول الخليج في 3 ابريل وهي المبادرة التي ترفضها الحكومة اليمنية والرئيس علي عبدا لله صالح ، والتي اعتبرها الرئيس مبادرة قطرية بحتة.

عملت دول الخليج الأسبوع الماضي على دعوة المعارضة والسلطة إلى الجلوس للحوار مع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ، لكن أسفرت المباحثات مع المعارضة بالإخفاق ، وفي 19 من الشهر الجاري زار وفد من الحزب الحاكم ابوظبي وتحاور مع وزراء خارجية مجلس التعاون لكن بدون تقدم يذكر.

وفي يوم 21 من الشهر الجاري ابريل اجتمع أمين عام مجلس التعاون الخليجي مع الرئيس علي عبدلله صالح، حيث نقل إلية المبادرة الخليجية وما توصلت إلية بعد المباحثات.

في الأخير نقول كانت مبادرة واحدة تكفي لكن مع جهل الجميع بمصالح الوطن ، وصلنا إلى ما وصلنا إلية ، تعددت المبادرات وغابت الإرادات.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى