[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

دعوة صريحة إلى (حرب أهلية)

في جمعة أسماها نظام علي صالح (( جمعة التصالح )) ، كان يفترض منه أن يعد خطاباً إيجابياً طبقاً لاسم الجمعة يتصالح فيه مع الشعب اليمني ، ويستجيب لمطالبه بالتنحي ونقل السلطة بشكل سلمي إلى حكومة وطنية ،

طالما وأن بقاءه على سدة الحكم يشكل عبئاً على الشعب اليمني سواء المؤيد له أو المطالبين بتنحيه من شباب أو معارضة في الداخل أو الخارج ، وأيضا يؤثر سلباً على اقتصاد البلد الذي يتدهور يوماً بعد يوم بشكل دراماتيكي ، ولكن - مع بالغ الأسف – فإن شياطين الإنس المحيطة به من المستشارين تجعله يتفوه بما لا يعي عواقبه وتجعله يجر البلاد إلى (( حرب أهلية )) .

لا يخفى على أي شخص حضر ميدان السبعين وسمع خطاب (( علي صالح )) أو شاهده في التلفاز ، الورقة الأخيرة قبل تفجير الوضع عسكرياً الذي ينوي له إذا ما فشل في إخماد ثورة الشباب – بحسب المصادر التي أوردت أخبارا إلى المصدر أونلاين - وهذه أخطر ورقة كشفها علي صالح منذ بدء ثورة الشباب وهي دعوة صريحة وسافرة إلى (( حرب أهلية)) وهي الكلمات التي تميزت عن بقية كلمات الخطاب المقتضب الذي يشبه خطابات الجمع التي سبقت (( جمعة التصالح)) فعلي صالح بقوله (( عليكم الصمود يا جماهير شعبنا اليمني العظيم )) الصمود أمام من ؟؟ كان يقولها في حرب صيف 94 ضد الانفصاليين ولكن أين الحرب الآن ومع من ؟؟

وكذلك قوله (( سنواجه التحدي بتحدي ، سنواجههم بكل الوسائل)) هذه الكلمات تفضي إلى إشعال فتنة بين الشعب والشعب أو مؤيديه و شباب الثورة ، هذا تحريض واضح ودفع الناس لمقاتلة بعضهم البعض ، حتى وإن صرح بعدم استخدام البندقية في المواجهة – وكان بالإمكان القول المواجهة السلمية بدلاً عن ذكر البندقية التي أراد بها التلويح بإمكانية استخدامها ضد المتظاهرين سلمياً – ولكن تعمد علي صالح إلى الاسهاب في ذكر البندقية في إشارة منه إلى شباب الثورة لتخويفهم أو تهديدهم ، فعوضا عن كون الحرب الأهلية كانت واحدة ً من الفزاعات التي استخدمها في تخويف الشعب اليمني والمجتمع الدولي في حال سقط نظامه ، أصبحت الآن وسيلة دعا إلى استخدامها للتشبث بالحكم حتى عام 2013 وربما إلى الأبد .

مع العلم أن علي صالح يستطيع وضع حراسة مشددة من المؤسسة العسكرية ( الحرس الجمهوري ، القوات الخاصة ، الأمن المركزي ، ألوية وزارة الدفاع المنضوية مؤخرا تحت قيادة الحرس الجمهوري ، وحتى أفراد النجدة ) على الوزارات التي يريد شباب الثورة الزحف إليها كما دأب عليها النظام عند حماية مكاتبه وقصوره ، ولكن هذه المرة سيتم الزحف على مبان لا تهمه وكأنه يقول (( أنا رب إبلي وللبيت رب يحميه )) فالشعب مسئول عن حماية هذه المنشآت الحكومية ، بينما يريد توفير طاقة المؤسسة العسكرية لحماية نفسه و أسرته وممتلكاتها.

إن أي قارئ أو محلل للوضع الحالي مع إمكانية تصعيد الثورة من قبل الشباب والمعارضة - الذي هو أمر لا محالة منه على حد قراءة الشارع لنوايا وإصرار شباب الثورة - يمكن أن يصل للتحليل التالي :
المواجهة بين المؤيدين لنظام علي صالح في ميدان السبعين - بغض النظر عن دوافع تجمع حشودهم فهي معلومة لدى الجميع - وبين شباب الثورة الذين هم بساحة التغيير لأكثر من شهرين ويعلوهم الإصرار والعزيمة لإسقاط نظام علي صالح وهذا ما يخيفه ويرعبه ، ستكون مواجهة فيها تحدي وصمود و بكل الوسائل - حسب قوله - فماذا يعني هذا ؟؟
كعادته في كل مرة يقمع فيها شباب الثورة في أنه يضع البعض من القناصة والأفراد من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة المتدربين على قمع الإرهابيين من قبل مدربين أمريكيين ، بين مؤيديه المدنيين ومزودين بالسلاح والعتاد اللازم لإحداث شرارة العنف بإطلاق أول رصاصة ضد المتظاهرين السلميين التي ستفجر الوضع بين الطرفين وعندها سيكون هو ونجله ونظامه بريئين بنظر المجتمع الدولي ولا يمكن إدانة شعب بأكمله الذي سفك الدماء رغم نصيحة رئيسه له بعدم استخدام البندقية في المواجهة ، وهذا يثبت للعالم والمجتمع الدولي بأن الشعب اليمني همجي و عدواني ويعتبر خطراً على الدول الشقيقة والصديقة على حد سواء والأفضل هو بقاء علي صالح في السلطة لكبح جماح هذا الشعب وحماية العالم من خطر تحرره .

ما لا يعلمه علي صالح وهو قادم على اختباره لهذا الشعب ، وسيخيب ظنه عندما يثبت الشعب اليمني سواء المؤيدين لنظام علي صالح وكذلك شباب الثورة مع المعارضة أنهم لا يواجهون عدوا لهم فكل صف يرى في الصف الآخر أخاه وابن عمه وخاله وجاره وصديقه وزميله في العمل ، وكلنا يعلم أن المجتمع اليمني مترابط بعلاقات اجتماعية وأسرية مع بعضه البعض ، فبالإمكان الاختلاف في الرأي والتعدد الحزبي في الأسرة الواحدة ولكن لا يصل الموضوع إلى سفك الدماء بينهم ، فيدرك الطرف المؤيد للنظام هذه المؤامرة من قبل النظام وخاصة حين يكتشف أن من بين الصفوف قد ظهرت البندقية التي أشار إليها علي صالح في خطابه ، وحينها أتوقع من هذا الجمع المؤيد سينضم وحسب فطرته البشرية التي تكره رؤية الدماء والإعتداء على الغير فما بالك بين الأخوة والأشقاء ، وحينها سيتحدون مع بعضهم للحيلولة دون سفك الدماء والقبض على هؤلاء المدسوسين ولا يلبثون أن ينضموا إلى ثورة التغيير وحينها ستكون نهاية النظام محسومة وفي أقرب وقت ، وهذا في حال وقعت المواجهة ولا نأمل ذلك أبداً .

أملنا كشباب يمني واعي وسلمي و حتى قبل وقوع أية أحداث علينا أن نتوخى الحذر و ألا ننصاع لخطاب ونصائح علي صالح التي يراد منها فتنة وحرب أهلية وعلى جميع الأخوة المؤيدين لبقاء علي صالح ألا يفضي حماسهم إلى إيذاء شباب الثورة وأن يعلموا أن نبيهم محمد (ص) قال (( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله )) فخير لهم أن يطيعوا الرسول خير من طاعة ولي الأمر الذي يقودهم إلى قتل بعضهم البعض .

اللهم جنب بلادنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، واحقن دماء الشعب اليمني في كل مكان ..
وارحم شهداءنا وداو مرضانا وعاف مبتلانا واجعل لنا من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا .
آمين يا رب العالمين .

زر الذهاب إلى الأعلى