عاش اليمن منذ أكثر من شهرين أزمة سياسية طغت قعقعتها على كل صوتٍ داعٍ إلى الحوار، وامتدت آثارها إلى النواحي الاقتصادية حتى كادت أن تشل مجرى الحياة اليومية لليمنيين.
ومع اختلاف الفرقاء في الآراء، بين مطالبٍ بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح وآخر يسعى إلى إيجاد حل وسط، طفت الوساطة الخليجية مؤخراً على السطح، بهدف التوصل إلى مخرج يحمي اليمن من منزلقٍ خطير سيؤثر حتماً على الوضع الإقليمي، وليس في الداخل اليمني فقط. وحققت المبادرة الخليجية، التي برز دور دولة الإمارات فيها جلياً، المراد بإقناعها طرفي الخلاف، وهما السلطة والمعارضة، بإنهاء حالة الاحتقان وردم الهوة وأجواء عدم الثقة، التي ارتفعت في سماء المشهد السياسي منذ بدء الاعتصامات والتظاهرات شبه اليومية في فبراير الماضي.
وعليه، تبدو موافقة صنعاء وتكتل «اللقاء المشترك» على تلك المبادرة، بادرة انفراجة لحلحلة الأزمة التي قد تبدو للوهلة الأولى مركبة، إذ يعاني اليمن، فضلاً عن مسألة الاحتجاجات المطالبة برحيل صالح، مشكلة أمنية في الجنوب والشمال، وتواجد التنظيمات المتطرفة.
والحال، أن جوهر الوساطة يكمن في مبدأ الحفاظ على وحدة اليمن وتلبية رغبة الشعب في التغيير والإصلاح، على أن يتم انتقال السلطة بطريقةٍ سلسة وآمنة. كما يكمن في ضرورة تجنيب اليمن الانزلاق في أتون الفوضى والعنف الذي لن يفيد فريقاً سياسياً أياً كانت هويته، ولن يوفر يمنياً سواء في الجنوب أم في الشمال. وفي هذا السياق، حري بالتيارات السياسية أن تعمل على إزالة عناصر التوتر السياسي والأمني، والذي يبدو أنه سيكون من أولى أولويات حكومة الوحدة الوطنية، التي ستعمل أيضاً على صياغة دستور جديد تمهيداً لقيام انتخابات حرة ونزيهة.
وبعد بارقة الأمل التي تمثلت في موافقة النظام والمعارضة على المبادرة، يتوجب على الأطراف كافة العمل بروح الفريق الواحد، الذي سيقود دفة سفينة اليمن إلى بر الأمان والنمو الاقتصادي الذي سينعكس إيجاباً بالضرورة على حياة اليمنيين لكي يعود اليمن سعيداً، خاصةً أن ما حصل طيلة الفترة الماضية عطل إلى حدٍ بعيد مسيرة التنمية.