[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

من يؤدي الحقوق لن يجد العقوق

حرم الله سبحانه وتع إلى عقوق الوالدين ، لجملة من الأسباب أهمها ، أن الوالدين تعبا وسهرا على ذلك الابن منذ تكونه جنيناً في بطن امة ، بالإضافة إلى السهر والتعب والرعاية والتعليم وغيرها من الحقوق التي يؤديها كلا الأبوين لذلك الطفل منذ صغره ، ومن هنا جاءت العقوبة شديدة على عاق والدية ، لأنة كيف يقدم الابن على ذلك العمل أي العقوق وقد تمتع ولا يزال يتمتع بكافة الحقوق والرعاية التي يلمسها من الأبوين منذ إدراكه للوجود وقبلها في بطن امة.

كذلك الحاكم كيف لشعبه أن يتمرد عليه ويظهر له العقوق وهو ينعم بحقوقه ، وكيف للناس أن يقدموا العون ويساعدوا ذلك العاق المتمرد على حد قول البعض ، وهم يتمتعون بكامل حقوقهم في وطنهم ، لا اعتقد ذلك لأن المتمرد وهو ليس متمرد بالأساس ولن يتمرد إلا لمصادرة حقوقه.

إن الحاكم لو اقتنع من بداية الأمر بأنه مجرد موظف في وطناً كبير وفرد من الأفراد الذين يقطنون في هذا الوطن وشأنه شأنهم بزيادة أنة متحمل همهم ومسئولياتهم ، لسارت الأمور بشكلاً طبيعي وسلم الحاكم من المطالبة المستمرة بالحقوق المنتهكة على كافة الأصعدة والجوانب.

إن المواطن المسكين واقصد هنا المواطن اليمني، لا يشعر بأنة يمتلك شيء في الدولة التي ينتمي إليها ، شعوره الوحيد هو أنة يعاني من التهميش والظلم في توزيع الثروات ويكابد من اجل لقمة العيش التي تعتبر جهاداً يؤجر علية المواطن إنشاء الله في هذا البلد.

أصبح المواطن اليمني من أكثر الناس هجرة إلى بلاد الغربة والاغتراب، هل يا ترى يذهب المواطن اليمني للسياحة والنقاهة مثل بقية شعوب الله ، أم أنه يذهب من اجل لقمة عيش كريمة لم يجدها في وطنه الذي تمنى أن يجد ضالته فيه ، إن الطيور لا تغادر عشها وتذهب للهجرة إلا من اجل أن تجد لها ما تسد بة رمق صغارها وتسكت صراخهم بقليل من المأكل والمشرب وتتحمل تلك الطيور مرارة فراق أطفالها وكذلك مخاطر الغربة ، كذلك هو المغترب اليمني.

إن المواطن اليمني يرغب بالهجرة من بلدة لأنه فقد احترامه كإنسان فيها كونه مواطن له حقوق، انه يشعر بأن السلطة والثروة الموضوعة في يد قلة قليلة في الدولة وضعت لكي تنهب وترسل إلى شتى البنوك.

ظللنا سنوات نطالب ونترجى دول الخليج أن تقبلنا كعضو في مجلس التعاون الخليجي لكن بدون فائدة ، كان الأحرى بنا أن نشد على أنفسنا وننهض بالاستثمارات ونشجع المستثمرين بدلاً من أن نشترط الشراكة معهم ونبني بلدنا على أساس المؤسسات والنظام والقانون ومن ثم نلح إلحاح فقط على دول مجلس التعاون ومن ثم تأتي الموافقة ونحن رافعي الرأس ، أصبحنا اليوم نلح عليهم أن ينزعوا فتيل الأزمة لم نعد نريد أن ندخل معهم في شيء ، إن اخوننا المغتربين في دول الخليج يعانون اشد المعاناة من الذل والهوان الذي يلاقوه في موطن الاغتراب ، أطفالنا يستغلون في المنافذ والحدود ، الشباب يموتون في الصحاري وهم يتسللون إلى تلك الدول بقصد أن يهنئوا بلقمة عيشاً كريمة لم يجدوها في بلدهم.
.
على مدار السنوات الطويلة الماضية، هل عرف المواطن اليمني الرفاهية والعيش في حياته..؟؟ هل عاش المواطن اليمني الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية..؟؟" هل كان للفرد والمواطن اليمني نصيباً من الثروات التي تستخرج من أراضيه..؟؟ هل كان النظام اليمني وحكومته الرشيدة تتعامل بمصداقية مع المواطن وتتعامل معه كمواطن له دور فاعل ووجود، في الكشف عن كل ما يدور على الساحة اليمنية، وعن حجم الأراضي التي تم نهبها والاستيلاء عليها في مختلف محافظات الجمهورية ، في حين أن المواطن المسكين لا يجد مسكن له يؤويه وترك ذلك المواطن ضحية للمؤجر يأكل من جسده وتتناقص ساعات عمرة كلما ذكر أن موعد إيجار البيت قرب ، ناهيك عن متطلبات العيش الثانية المتمثلة بالمأكل والمشرب والملبس والتعليم ، أما إذا جاء مرض على ذلك المواطن المسكين إضافة إلى ما سبق فإنها الطامة الكبرى ومصيبة المصائب التي من المفترض على الحكومة أن توفر الرعاية الصحية التي تعتبر في جميع الدول المتقدمة والنامية من أدنى واجبات الدولة.

ترى هل استطاع الشاب المسكين أن يتعلم مثل الشاب الذي يمتلك وساطة سواءً كان والده أو قريبة مسئولاً في الدولة ، المسئول ينهب الوزارة تلك أو المؤسسة ويستطيع من خلال ذلك النهب أن يقوم بتعليم أولادة في أرقى الجامعات العالمية ، لكن ذلك المسئول يعمل على اخذ منحة لولده على حساب الدولة ومن حصة تلك الوزارة أو المؤسسة ، فليتهم اكتفوا بالمال الذي ينهبوه من خزانة الدولة وليتهم تركوا المجال والمنح التعليمية للمساكين ذوي الدخل المحدود.

هل عاش المواطن اليمني وهو ينعم بأبسط الخدمات التي تقدم للدول الفقيرة والنامية..؟؟ هل استطاعت حكومتنا الرشيدة توفير وتأمين الطاقة الكهربائية للمواطن اليمني؟؟ مع أننا كنا نتوقع كهرباء بالطاقة النووية.

على مدار الأعوام الطويلة الماضية، والمواطن اليمني يفتقر إلى الخدمات البسيطة، ويعاني من غياب ورداءة البنى التحتية ، البنى التحتية التي لا يستطيع أي بلد على وجه المعمورة الاستغناء عنها، البنى التحتية التي لازالت الحكومة تتسول باسم اليمن، وعلى مدار سنوات الحكم.

سياسة التجويع التي مارستها الحكومة والسلطة أبعدت المواطن اليمني عن ممارسة أبسط حقوقه، حرمته من المطالبة بالعدالة، المساواة ، توزيع الثروات ، فسياسة التجويع جعلت ذلك المواطن لا يفكر إلا بلقمة العيش ، وعلى الجميع هنا أن يفرق بين معنى الرزق والحق ، فهناك من يخلط بين المصطلحين ، لأن الرزق من الله سبحانه وتع إلى يقدره كيف يشاء على عبادة ومن هنا لايأتي التذمر ، أما الحق فهو التزام تلتزم بة الدولة لمواطنيها ولا فضل لتلك الحكومة في إعطاء ذلك الحق فيجب أن يشمل الجميع.

إن المواطن في هذا الوضع المزري يحس باختناق شديد نتيجة للأوضاع المحيطة به، في نظر البعض يرون أن السبيل الوحيد للتخلص من المأزق والحالة المعيشية التي يعيشونها أن يحاولوا موالاة الحكومة مع الرغم أن هؤلاء غير مقتنعين بالأداء العام لتلك الحكومة ، ولكن لكي ترضى عنهم وتمدهم بشيء من فضلاتها ، إنهم يبتعدون عن أي شيء يعارض الحكومة وسياساتها إنهم يحاولون أن يكونوا كما يقال ( ملكيون أكثر من الملك)، إنهم يطيعون السلطة في كل شيء حتى على حساب عزتهم وكرامتهم ، إنهم يتبعون المثل القائل (كن جبان تعيش لأمك زمان) إنهم يرون هذا المثل غاية في الإبداع الفكري وكل ما هوا عقلاني.

ويقال إن الطريقة السابقة التي يعيش بها المواطن هي الطريق الوحيد في الدول المتخلفة من اجل أن ينعم ذلك المواطن في الرفاهية والعيشة الكريمة ، إن هذا الوضع المتخلف هو ما يجعل السلطة تتصرف بكل حرية دون أن تراعي أي محاسب أو مراقب إن وجد في تلك البلدان المتخلفة.

تلوم السلطة في الدول المتخلفة الشعب على أنهم لا يحملون الوطنية اللازمة لأنهم بدءوا بالتفكير بحقوقهم ، إن الحاكم يريد من المواطنين أن يكونوا وطنيين ، إن الوطنية التي يعرفها الحكام ويطلبونها من الشعب هي عدم انتقادهم وعدم معارضة الأعمال التي يقوم بها ولي الأمر ، يعني الطاعة الكاملة والشاملة للحاكم ، أي انك إذا أحببت الوطن فالوطن هو الحاكم وإذا كرهت الوطن فالوطن هو الحاكم ، إن الحاكم في الدول المتخلفة هو الأول والآخر في تلك الدولة المتخلفة ، إنهم يريدونك أن تكون وطنياً على طريقة انك عبداً للحاكم.

إن المواطن في الدولة الضعيفة المتخلفة هو السبب في كل شيء ، فهو يحمل ثقافة لا ترتقي إلى مستوى معين، وان كل المصائب التي تصيب الدولة سببها المواطن وان أي إخفاق في أي عملية من عمليات التنمية سببه المواطن.

مسكين أنت أيها المواطن أنت سبب التخلف وأنت سبب المصائب كلها وأنت السبب في كل الفساد والمحسوبية والوساطة ونهب المال العام ، بل أنت يا مواطن السبب في العواصف والزلازل والبراكين...

أقول في الأخير إن أي حكومة إذا كانت صالحة وإذا وجدت عندها الإرادة في الإصلاح ستجد المواطن من أول المرحبين بهذا العمل ، وأقول متى ما وجد القانون على الصغير والكبير ترى المواطن يذعن ويخضع طواعية دون إكراه ، ومن لم يرضخ طواعية فسيجبره القانون ، شريطة أن يكون علي الجميع ، فلا نلوم احدا بالعقوق والحقوق مسلوبة.

المدير التنفيذي لمؤسسة حياد للدراسات السياسية

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى