[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

المبادرة الخليجية.. لم يزل هناك أمل

كان أمرا محرجا ومخجلا لكل يمني، لديه ذرة خلق وعقل، وسواء كان سلطة أو معارضة، أن يتنصل الرئيس علي عبدالله صالح عن توقيع الاتفاق الناجم عن مبادرة أشقائنا الخليجيين، وفقا لما كان متفقا عليه أن يوقع الرئيس في صنعاء، عوضا عن حضوره إلى العاصمة السعودية الرياض جنبا إلى جنب مع قادة تكتل المشترك المعارض.

التنصل وأسلوب المراوغة، أمر معيب في نواميس الأمور وفي قواميس الرجال، فما بالك حين يأتي من رجل في موقع رئيس جمهورية، وأيا يكن هذا التنصل فإنه لن يغير من الأمر شيئا، ومسألة نقل السلطة في اليمن باتت شيئا حتميا بإجماع السلطة والمعارضة وتحت ضغوط شارع منتفض يأبى مغادرة الساحات إلا بعد تغيير النظام الذي أوصل البلد إلى كل هذا السوء.

مع هذا، لا ينبغي أن يعتبر تنصل الرئيس عن توقيع الاتفاق، يوم السبت في صنعاء، سببا في فشل المبادرة الخليجية التي تحظى بمباركة عربية وعالمية؛ إذ لايزال هناك متسع لنجاح المبادرة، على الأقل عملا بالمثل الشعبي القائل "جازع الكذاب إلى جنب الباب"، والرئيس حاليا لا يبحث عن شيء آخر سوى الوقت، أملا في حصد ضمانات أكبر تحفظه من المساءلة والملاحقة بعد مغادرة كرسي الحكم، لكنه خلال ذلك، يرتكب، دون أن يدري ربما، العديد من الأخطاء التي تباعد المسافة يوميا، بينه وما يسمى "الخروج المشرف".

وليس جديدا ولا غريبا ولا مغايرا ما فعله الرئيس مساء السبت من تنصل، فسياسة التنصل صارت، للأسف، ديدنا مألوفا منه منذ العام 1999 وحتى اليوم، ولعل هذا الخلق هو ما أوصل الرئيس إلى هذه الحال من عدم السيطرة وفقدان السلطة، وكل ما يمكن أن يفعله اليمنيون اليوم بمساعدة أشقائهم في السعودية وعمان والإمارات والكويت وقطر والبحرين، هو أن يفوتوا الفرصة على الرجل في أن يتحول إلى قذافي آخر، لأن مضار الحالة القذافية في اليمن أكثر منها في ليبيا، ومأمول اليوم من كل قادر في اليمن ألا يسهم في إطالة المعاناة وأن يبذل اليمنيون وسعهم في التقارب فيما بينهم حتى لا يجد صالح من يشجعه على النكث، رأفة به، وصونا للجسد اليمني من أية أوجاع إضافية.

وفي تقديرنا فإن الكرة الآن هي في ملعب المعارضة في كيفية إدارة الملف بعد كسبهم التعاطف الخليجي والدولي جراء تنصلات صالح، وفي قدرتهم على إبقاء الإخوة الخليجيين في الصورة لأن الأوضاع لازالت رغم التجاوزات تتخذ مسارا أكثر أمنا في وجودهم، أما إذا وصلت الأمور إلى أن يغسل الأشقاء أيديهم من ممكنات الحل في اليمن فإن الفاتورة ستكون أكثر كلفة، وأما التغيير فقد صار في حكم المؤكد، والمطلوب الأساسي الآن هو عنصر الصبر، ووحده الصبر مفتاح الفرج.

زر الذهاب إلى الأعلى