[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

القضية الجنوبية المحور الرئيس في التغيير

جاء شعار إسقاط النظام جامعاً ومعبرا عن كل آمال وطموحات المجتمع اليمني بكل مكوناته وفئاته بمعنى أن إسقاط النظام يمثل مدخلاً أساسياً لإصلاح الأوضاع المختلفة في المجتمع اليمني، إذ لا يمكن إصلاح أو معالجة تلك القضايا المحورية إلا بزوال النظام الذي كان يمثل كابحاً كبيراً تجاه أصلاح قضايا المجتمع، وقد مدتنا الاحتجاجات العربية بشعار إسقاط النظام على الرغم من أن أولى الاحتجاجات في الساحة العربية قد بدأت بحركة الاحتجاجات التي قام بها شعب الجنوب.

وعليه لابد من توضيح القضية المحورية لمشروع اسقاط النظام بوصفه السبب الرئيسي لما آلت إليه الأوضاع في اليمن بعامة وبحسب تأكيدات بعض الرموز الوطنية والسياسية التي تمثل حركة الاحتجاجات الشبابية في صنعاء أو تعز أو غيرها من المحافظات الشمالية من ان النظام الحالي كان وراء كل تلك الاخطاءات والتعسف والنهب والفساد والتهميش وأولها الانقضاض على الوحدة اليمنية السلمية التي تمت في 1990م بين الشمال والجنوب. وشن حرب 1994م بهدف التخلص من الشريك الاساسي للوحدة.

وعليه وبموجب هذا الاعتراف العلني والواقعي والصريح والشجاع الذي ظل أبناء الجنوب ينتظرون من يجرؤ على ذلك فإن العمل اليوم يتطلب بلورة وإعادة صياغة الثقافة المشوهة التي كرسها النظام طوال العشرون العام الماضية بأن الجنوب فرع عاد إلى الأصل دولة القبيلة في الشمال " الجمهورية العربية اليمنية" وبالتالي تم تعميم ثقافة مشوهة تنال من الجنوبيين الذين ذهبوا إلى الوحدة السلمية طواعيا واعتبرتهم انفصاليين وجب محاربتهم وكرست هذه الثقافة في الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وبالتالي حرمان الجنوبيين من حقوقهم المشروعة. حيث عمل النظام على محاربة وتدمير الهوية الجنوبية تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة ومنع الانفصال وتجاذب معه كثيرا من القوى السياسية والاجتماعية والتي كان ممكن أن تقف في صف الجنوب ومنع استمرار المظالم والبطش بحق أبناء الجنوب، الذي يطلعنا تاريخهم الكفاحي والنضالي الطويل بعدم استسلامهم، حيث وجدوا أنفسهم مرغمين في التعبير عن حقهم بالوسائل الممكنة.

وفي هذا الاتجاه على الجميع في الساحة اليمنية الذي تجمعهم مصلحة إسقاط النظام التفكير جيداً بمشروعية استحقاق الآخرين وبان القضية الجنوبية تشكل المحور الرئيسي في اسقاط النظام والدليل على ذلك المحاولات والخطابات والأفعال التي يلجأ إليها النظام بمحاوله توظيفها في اتجاه أضعاف الثورة الشبابية والشعبية في الشمال على قرار المسك باليد التي توجع.

هنا يجب على القوى الأساسية والسياسية أن تعيد النظر في حساباتها وجعل هذه القضية الأساس في مشروع اسقاط النظام، فإن للجنوبيين الحق في التعبير عن حقوقهم بالأسلوب الذي يرونه مناسب وفي مقدمتها حق تقرير المصير والخروج من العقدة التي صنعتها ماكنة الأعلام والخطاب الرسمي، بانه إذا انفصل الجنوب ماتوا الشماليين وفق شعار الوحدة أو الموت، وفي المقابل لا يتصور الجنوبيون بأنهم سيعيشون مكرمين آمنين ومعززين بالانفصال. لذا وجب التعمق والبحث بتلك القضايا بدءاً بالتفتيش عن تلك المظالم الجائرة والأخطاءات الفظيعة التي ارتكبها النظام ضد أبناء الجنوب وعودة الحقوق السياسية والمدنية للناس أولاً ومعرفة أن النظام ومن وقف معه هم الانفصاليين أولاً وما هي الآليات والعوامل الأساسية لعودة الثقة إلى الجنوبيين. وحتى لا يكرر ما فعله النظام من قبل القوى الحديثة التي تنادي بتغيير أو إسقاط النظام، كما تلوح الأفق وتتضمنها خطابات وتصريحات البعض من هولا وتخوفهم من شعار الانفصال عليهم أن يدركون أن هذا الشعار لمصلحتهم في اتجاه إسقاط النظام وليس العكس والمؤسف له أن الأعلام الذي يعبر عن تلك القوى الداعية للتغيير وإسقاط النظام تتعامل مع القضية الجنوبية بأسلوب أسواء مما يتبعه النظام.

فقناة سهيل على سبيل المثال تتحاشى الاتصال بالشخصيات الإعلامية والسياسية والمحلليين ومراكز الدراسات والباحثين الجنوبيين أو تجري المقابلات المباشرة من ساحات التغيير والتحرير في المحافظات الجنوبية إلاّ في الإطار الذي يتم له التخطيط المسبق محاولين آبهات دور القوى الشبابية في الجنوب والتركيز على إعلاميين محدودين ومن لون واحد وهذا الأسلوب متبع مع القنوات الإعلامية الخارجية أننا نقول لهؤلا ان ذلك لا يبهت القضية الجنوبية بل على العكس سوف تدفع بقيادات وكفاءات جنوبية صامته للتعبير عن حقوقهم ورفض استمرار أسلوب التهميش كما يقوم به النظام.

* باحث اكاديمي
رئيس مركز مدار للدراسات الاجتماعية، عدن

زر الذهاب إلى الأعلى