[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

كفى

لم تعد المماطلة تفيد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، لقد جربها مطولاً كسلاح يطيل به أمد حكمه، لكنه مع كل يوم يفقد صلاحيته، ويصبح تنحيه عن السلطة أكثر إلحاحاً في مواجهة حراك شعبي وعسكري متصاعد أخذ يكسب على الأرض ويتسع في مختلف المناطق .

كانت “المبادرة الخليجية” فرصة أخيرة للإنقاذ، وربما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، لكن الرئيس اليمني بددها بعناده وشروطه .

لقد بذل الأشقاء في دول مجلس التعاون جهداً حثيثاً ومشكوراً لإخراج اليمن من أزمته، تأكيداً لالتزامهم بأمنه واستقراره ووحدة أبنائه، وتجنيبه الشرور، وحمايته من مخططات خبيثة تستهدفه .

المماطلة تطيل أمد الأزمة وتغرق اليمن في مزيد من الدم وتعمق الجروح، وتصعب الحلول . فالذي قد يكون ممكناً ومتاحاً اليوم، قد لا يصبح كذلك في الغد أو بعد الغد .

يقال “الحكمة يمانية”، فليستلهم الرئيس علي عبدالله صالح مواقفه منها، ويتخذ قرار التنحي، وليخرج بشرف وكرامة، بعد أن جلس طويلاً في كرسي الحكم، مفسحاً الطريق أمام جيل جديد ينشد التغيير والإصلاح بأدوات حكم جديدة تخرج اليمن من محنة الفقر والجهل والفساد والتذرر .

ثلاثة وثلاثون عاماً تكفي، عانى خلالها اليمن ما عانى من حروب توحيد وانفصال وقبائل في جنوبه وشماله، أهدرت فيها دماء كثيرة وموارد كبيرة، وضاعت أحلام وخطط تنمية، وظل سجين مصالح وفئات وصراعات ومحاسيب، من دون أن يتلمس طريقه لولوج العصر، بأدوات جديدة، وأفكار جديدة، وخطط جديدة، وجيل جديد متوثب إلى التغيير .

لم يعد استمراء السلطة والتمسك بها تحت أي ظرف أو مبرر يجدي نفعاً أمام هذا المد الجماهيري الهائل المطالب بالتنحي والتغيير . هذه الجماهير هي الشعب بأغلبيته العظمى، وهي الشرعية الحقيقية .

ثلاثة وثلاثون عاماً تكفي لأن يشعر الإنسان بالتعب والضجر والملل، إلا إذا تحول كرسي السلطة إلى مرض عضال يصيب الجالسين عليه بشعور الخلود والأبدية طال الزمان أو قصر، لكنه في حال اليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية يتحول إلى كرسي من شوك إذا ما كان الجلوس عليه عنوة وبالقهر ورغم إرادة الجماهير .

لعل الرئيس اليمني يتعلم من غيره، ويؤمن بالحكمة المأثورة “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك” .

زر الذهاب إلى الأعلى