[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

كيف يكون الجيش وطنياً

لا ينكر عاقل ما للجيوش من أهمية قصوى في حماية الأوطان والدفاع عن سيادتها وحراسة ممتلكاتها ومقدراتها، ولكي يكون الجيش وطنياً من أجل الوطن فقط لابد له أن يتحلى بصفات، ولابد أن يعكس توجهات أبناء الوطن كافة، ولابد أن يقف في صف الشعب، وقبل أن أسرد صفات الجيش الوطني، دعوني ألقي نظرةً على الجيش اليمني الحالي، وهل تنطبق عليه الوطنية؟

الجيش اليمني الحالي لا يطلق عليه الجيش اليمني، بل جيش علي صالح، وجيش يحيى، وجيش أحمد علي، وجيش علي محسن، وجيش محمد صالح، هذا هو الاسم، أما المهام فهل يدرك هذا الجيش ما هي مهامه؟ غالبية الجيش - إلا من رحم الله - لا يعلم لماذا هو في الجيش، وما هي رسالته تجاه وطنه، وإلا لما رأينا الطاعة العمياء من قبل بعض الجنود وبعض الضباط لقائدهم الذي يسيّرهم لأهداف أسرية بحتة، ولا أدل على ذلك من ضرب منازل المواطنين، وضرب المعتصمين والمتظاهرين، وضرب القبائل، وقتل السياسيين، والتمركز حول القصور الخاصة، وانتشار المعسكرات في المدن وترك الحدود البرية والبحرية، فالكثير من المعسكرات تدور حيثما دارت مصلحة القائد وأسرته، لا حيث دارت مصلحة الوطن وأمته.

ولكي يكون جيشنا وطنياً بعد نجاح الثورة الشبابية السلمية – إن شاء الله - يجب أن تتوفر في الجيش الصفات التالية، حتى يكون جيشاً وطنياً من أجل اليمن فقط، ولا يسخّر لخدمة فرد أياً كان، حتى ولو كان سادس الخلفاء الراشدين - كما يزعمون - :

أولاً: لابد أن يقاد الجيش من قبل مجلس عسكري يمثل كل المحافظات، أي على الأقل من كل محافظة قائد في هذا المجلس.

ثانياً: أن لا يحتكر الجيش فرد أو أسرة أو قبيلة، أو حزب أو جماعة، بل تعطى فرصة لكل أبناء المحافظات للالتحاق بالجيش، كي يساهموا في خدمة وطنهم، وأن تكون هناك نسب معينة لكل محافظة على حسب التعداد السكاني.

ثالثاً: تكون الترقيات على حسب الكفاءات والتعليم والنزاهة، وأن لا تكون القيادات من محافظة واحدة، بل توزع على كل المحافظات.

رابعاً: يستبعد من الجيش كل من تلطخت يده بنهب ممتلكات المواطنين أو ممتلكات الدولة، ويقدم للمحاكمة، لأنه استغل قدرات الجيش الذي هو تحت إمرته لأخذ ما يريد بالقوة.

خامساً: أن يكون للجيش منهج تربوي وطني، يعد الجيش إعداداً وطنياً، يبصّره بدوره في الحياة وبمهامه، حتى لا يسير كالأعمى من أجل مصالح أشخاص، وينبه إلى أنه سيحاكم إذا هو خالف الدستور والقانون، بل يفضل أن تدرس المواد الخاصة به في الدستور، حتى يعرف ما هي حقوقه وما هي واجباته.

سادساً: أن يعطى من المرتبات والحوافز والعلاوات ما يسد حاجته وأفراد أسرته، وما يجعله يعيش بكرامة، حتى لا يضطر إلى أن يبيع وطنه ومبادئه ليسد جوعه أو حاجته.

سابعاً: يفضل أن تبرم عقود مع كل من يريد أن ينتسب إلى القوات المسلحة، يحدد فيها وبشكل قانوني مهام كل جندي وضابط وواجباته، وما هي أيضاً حقوقه، وما هي العقوبات المترتبة على مخالفته، حتى يكون كل فرد في الجيش على بينة.

ثامناً: يحرم على كل فرد في الجيش مزاولة العمل السياسي والحزبي والتجاري، لأنه بالتأكيد سيسير الجند لخدمة مصالحه إذا لم توجد مراقبة ومحاسبة شديدة.

هذه وجهة نظر لما يجب أن يكون عليه الجيش الوطني اليمني مستقبلاً، ولعل هناك من هو أعرف مني بأمور الجيش، ولكني أردت أن أضع مقترحاً من باب النصح والمشاركة ببناء غد مشرق لا يعكر صفوه كدر، وبحيث لا تتكرر أخطاء الماضي، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وحتى يكون الحرس الجمهوري حارساً للجمهورية والجمهوريين، ولا يسخر نفسه لحراسة من يحول الجمهورية إلى ملكية، ويحول البلد إلى ملكية خاصة به وبأسرته.

زر الذهاب إلى الأعلى