[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

25 مليون موهبة!

انفجرت الأزمة أو انطلقت الثورة أو اندلعت الانتفاضة في اليمن، ولازمها اندلاع وانطلاق وانفجار تعدد مواهب اليمنيين جميعاً.
وجرياً على الأحكام المطلقة التي لا تنسجم والمنطق المعقول يقول أحدهم:
فجأة؛ صار هناك 25 مليون سياسي.
وفي لحظة المناقشات الاستراتيجية والغيبية يصبحون 25 مليون مفكر استراتيجي وعالم غيب.

وفي المسائل الدستورية والقانونية ينبري 25 مليون فقيه دستوري وقانون دولي.
أما في الفتاوى الدينية فاستمع بلا حرج إلى 25 مليون مفتٍ.
وعندما يحدث حادث أمني وعسكري ترى 25 مليون محلل أمني وعسكري.

وبوقوع جريمة لم يثبت فاعلها، تجد 25 مليون طبيب شرعي، ومدعٍ، وقاضٍ، ومتهم وضحية أيضاً!
وعند انفجار قذيفة صاروخية وقصف بيت أو مسجد تكتشف خبراء متفجرات عددهم 25 مليون خبير.
وحين يحضر التاريخ محور حديث تلقى 25 مليون مؤرخ وشاهد على العصر، وأن ذاك العصر أو العهد الذي لم يعشه الشاهد (...) خير ألف مرة من العهد الذي يعيش وسيعيش!

هذا وتُفصِّل فترات عهود الحكام مواهب واجتهادات لا تقارب معطياتها الحقيقة أبداً.. لأن الحقيقة أضعف أثراً من الإشاعة الرائجة كثيراً هذي الأيام لدى العامة والخاصة الذين لم يتبينوا ما يجيء من نبأ أصفر أو حقيقة ساطعة.. وإذا بالذين يعلمون والذين لا يعلمون يستوون في بناء رأيهم وفق تصورات ما أنزل الله بها من سلطان، ويُعد -رغم بطلانه- حقاً لا يقبل شك أو حتى فحص.

وفي مضمار التاريخ.. انتشرت مؤخراً، بفضل مؤرخ فطحل، صورة تقارن عدد سنوات عهدي الإمامين أحمد ويحيى حميدالدين رحمهما الله بسنوات عهد الرئيس الحالي علي عبدالله صالح، عافاه الله، سمّت الصورة الأخير "الإمام علي" وقالت إنه "حَكَمَ (اليمن) 33 عاماً (1978-2011م)، بينما حَكَمَ الإمام أحمد 14 عاماً (1948-1962م)، والإمام يحيى 13 عاماً"!

فقل لمن يدّعي في العلم معرفة عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء

لقد كانت فترة حكم الإمام المتوكل على الله يحيى بن محمد حميدالدين أطول فترات المذكورين جميعاً، إذ تبوأ سدة الحكم وراثة عن أبيه الإمام المنصور بالله محمد حميدالدين إثر وفاة الأخير عام 1904م حتى لقي حتفه غيلة وعدد من أبنائه عام 1948م؛ أي أنه عاش إماماً يحكم اليمن 44 عاماً انتقص منها 31 عاماً، كيداً ونكاية بـ33 عاماً!
أتُراه أمراً مطمئناً؟

الركون برسم المستقبل على من ينعم بجهل الماضي، متعاوناً مع مجتهدين موهوبين بفرض حقائق جذرها الإشاعة، استباقاً للحظة الحقيقة التي تتطلب زمناً طويلاً لكي تتجلى بعيداً عن موهبة الخبط العشوائي في كل شيء.. الأشد عدواناً من موهبة القصف العشوائي على كل شيء!

زر الذهاب إلى الأعلى