[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أنجُّ عبُّود فقد هلك عبود

الكل موقنٌ أن عالمنا يتغير إلاّ حكامنا والنخب السياسية العربية ومرتزقة المثقفين العرب المسبحين بحمد أولئك الحكام.

لقد بات العالم العربي يعجُ ويلهج بأعلى صوته : الشعب يريد إسقاط النظام ، فلم تعد الشعوب العربية تطيق حكاماً حولوا الجيوش الوطنية إلى جيوش أسرة تدافع عنها ، وأجهزة الأمن إلى جهاز خاص بأمن النظام لا تهمه سلامة المجتمع ولا انتشار الجريمة فيه ، والأمن القومي صار أمن الرئيس أو الملك أو الأمير أو السلطان وأسرته أما المجتمعات فأنهكتها كل مشاريع الاختراق الصهيوني الصليبي الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية والثقافية؟!

لكل تلك التراكمات صار التغيير اليوم قدرٌ لا مفر منه ! لكن المشكلة أن ولاة الأمر في ديارنا لم يدركوا بعد حتميته على ما يبدو ، وهذا ما أوجب علينا التذكير اليوم بالمثل العربي : أنج سعد فقد هلك سعيد ، ووجب علينا التحذير من المتملقين مرتزقة المثقفين العرب الذين لا يحدِّثون الحكام عن حاجات شعوبهم ولكن يحدثونهم عما حباهم الله عز وجل به ، يحدثونهم عن أوهام ذلك الخير من تواصلهم معهم ويعتبرونه تواصل من شعوبهم ، يعتبرونه قدرٌ كبير من جسور الثقة بين الحاكم والمحكوم ، تواصل بين الحاكم والمحكوم ، ويعتبرون خنوع الشعوب وإذلالها شكل من أشكال طاعة الرعية يستحقه ولي الأمر ، كيف لا وهو قد أدى ما لم يدعِّ الخلفاء الراشدون أداؤه من حراسة الدين وسياسة الدنيا به ، والسمو بالإنسان إلى أعلى مراتب الكمال الخُلقي ، ومع كل ذلك الزيف والخرافة التي يتملق بها مرتزقة المثقفين العرب الحكام فليس الأمر ضرباً من التكلف أو الاصطناع لا أبداً فليست المجتمعات الغربية الكافرة خيراً منا وهي التي تقدم حكامها للقضاء بين حينٍ وآخر بتهمٍ شتى ونحن لم نقدِّم يوما حاكماً للقضاء ، كيف وهم العدول الأمناء على خيرات شعوبهم ! أهل الوسطية والاعتدال !! أهل العدل والعدالة!!

فالأمن باسط جناحيه في بلداننا والنظام سائد وخزينة الدولة بأيدٍ أمينة آمنة مطمئنة لا يعبث بها إلا هم ، والأمراء والحاشية والنخب الحاكمة وهؤلاء المرتزقة مسكين يغرمون في مواقعهم التي لا يحسدهم عليها أحد ولا يغنمون !؟ كيف ونحن نُحْكَمُ بالإسلام اسماً ونطبق شرع الله ولكن على الوضيع من الناس أما الشريف فمتروكٌ إلى الله عز وجل أمره.

إن العالم كله يقف مبهوراً بين يدي ما يقوم به حكامنا ، وأموالنا التي تهرب يومياً إلى خزائن البنوك الكبرى في العالم إلا شعوبنا التي يغلف لها الإعلام والمروجون الإعلاميون ومرتزقة المثقفين أننا بخير ما حكمنا هؤلاء فالسمع والطاعة وإن .. وإن .. وإن..

يا حكامنا قد صحَّت شعوبنا النوم فهل نستطيع تقليل الخسائر ، لكن لن يكون ذلك إلاّ بإصلاحات حقيقية ؟! لن يكون ذلك إلاّ بمراجعة حكامنا لأولوياتهم : شعوبهم أو عروشهم وكراسيهم ، المخلصون من أبناء الشعب أم المرتزقة الموتورون ، حجم إحساسكم بمعاناة شعوبكم من فقرٍ وعوزٍ وحاجة ، احتضانكم للمفسدين وإطلاق أيديهم في مقدرات الأمة إلى أين ؟ نهب خيرات شعوبكم إلى أين ؟ استقوائكم بالنظام العالمي إلى أين ؟ راجعوا المواقف : فكم نكلتم باسم مكافحة الإرهاب وسجنتم وقتلتم من الأبرياء.

يا حكامنا هل يجب أن تخشوا شعوبكم أم تذلوها وتقهروها لتخشاكم ؟ كم أنواع المعتقلات عندكم ؟ وكم عدد المعتقلين من معارضيكم ؟؟ كيف يمكن رأب صدع الفتن الطائفية أو القبيلة أو السلالية أو الأسرية التي فجرتها مكاتب إدارة الأزمات في دوركم ؟؟؟ يا للعار يا للشنار..

العلاقات بين النظم الحاكم والمحكومين مختلة في منطقتنا أليس كذلك ؟ ألا يتطلب ذلك مراجعة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ؟؟ تمدد النظم السياسية على حساب المجتمع المدني ألا يتطلب مراجعة ؟ توظيف عائدات الدخل القومي في مشاريع غير منتجة ألا يحتاج إلى مراجعة ؟ توزيع الثروة والسلطة بين أفراد الشعب ألا يحتاج إلى مراجعة ؟ تحول النظام السياسي إلى نظام استيراثي منذ سقوط الخلافة الراشدة ، ألا يحتاج قرار صارم صادق بأن نعود إلى فقه الخلافة الراشدة؟

والنظم الجمهورية التي تدثرت بالديمقراطية ثم هي تكافح اليوم بكل ما أوتيت من قوة وبمباركة مرتزقة المثقفين للتحول إلى نظم استيراثية عائلية هي الأخرى ؟ الثقة بين الحاكم والمحكوم ألا تحتاج إلى مراجعة ؟ ألا ترون مع من يرى أننا نحتاج إلى إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد لا بالانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وحده لكن بمشروعٍ وطني صادقٍ جادٍ مخلص ، نحتاج إلى تعزيز النزاهة وتأسيس حكم وطنيٍ برلماني يتم من خلاله تبادل سلمي للسلطة يمنح الحريات ويكافح الاستبداد ، ويقوم على مشاركة جماهيرية في صناعة القرار من خلال انتخاب ممثليها الذين تثق فيهم بعيداً عن الوصاية والمصادرة وتزوير إرادة الناخبين.

لقد أسستم معادلات مغلوطة انطلت على شعوبكم ردحاً من الزمن ولكن أشرقت شمس ثورات الربيع العربي:
فلا بد لليل أن ينجلي ولا بدَّ للقيد أن ينكسر

انج عبَّود فقد هلك عبود ، وأسس منظومة إصلاحات حقيقية ، فهل من مدكر وإلا: (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) [غافر:44]

زر الذهاب إلى الأعلى