[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الثورة اليمنية وتجريف (الفلول)

إذا كانت الثورتان التونسية والمصرية قد أنهت كل منهما فصلها الأول بإسقاط الرئيسين بن على ومبارك على التوالى، حين فوض الأول صلاحياته للغنوشى الوزير الأول آنذاك،

بينما انتقلت صلاحيات الثانى للمجلس العسكرى. ومنذ ذاك الحين لم يتوقف الحراك السياسى في البلدين، ففى تونس استمر الشعب في المقاومة والانتفاض حتى أسقط بالفعل هذه الحكومة وتشكلت حكومة انتقالية جديدة، وبدأ العديد من الأحزاب في ممارسة دورها السياسى، وعاد المبعدون السياسيون إلى وطنهم. وفى مصر تفجرت الساحة السياسية بالعديد من الأحداث والمفارقات، وهو أمر طبيعى مألوف في مرحلة انتقالية أعقبت عقودا من الثبات. وفى الحالتين لايزال الشعب يطارد ويقاوم فلول النظام السابق التى تحاول الانقضاض على الثورة وتقويض منجزاتها.

وإذا حاولنا استعراض التطورات في اليمن نجد أن الثورة قامت في الأساس لإسقاط النظام وعلى رأسه الرئيس صالح الذى حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود. وبعد حادث جامع النهدين ومغادرة رأس النظام وكبار أعمدته للعلاج، وما يتسرب من أنباء عن تدهور أوضاعهم الصحية، مما يقلل من احتمالات عودتهم، حتى وإن عادوا فإن عجزهم عن أداء مهامهم بات في حكم المؤكد. منذ ذاك الحين والبلاد تعيش في فترة المرحلة الانتقالية بالأمر الواقع، كل ما يحدث هو أصداء لهذه المرحلة؛ النشاط السياسى والجولات الدبلوماسية المحمومة، المناوشات في كل مكان، غياب الحكومة أو النظام، رغم الإعلان عن نقل الصلاحيات للنائب. صحيح أن الصورة في جزء منها ضبابية، لكن ما نود التأكيد عليه أن الثورة اليمنية قد طوت بالفعل الصفحة الأولى تماما مثلما هو الحال لدى نظيرتيها في مصر وتونس، أما ما تبقى من أفراد الأسرة وأبواق النظام الذين لم يعد لهم دور سوى رفع السلاح في مواجهة شعبهم، والتبشير بعودة صالح المنتظرة عبر إطلاله إعلامية، فهم لا يعدون كونهم ضمن ما يطلق عليهم فلول النظام، الذين لايزال شعبنا يقاومهم ضمن المرحلة الثانية من مراحل الثورة.

لكن لايزال هناك من يصر على أن الثورة اليمنية فشلت وأن ما يجرى هو مجرد استهلاك واستنزاف للوقت؟ وهذا قطعا غير صحيح. هم يستكثرون على أبناء شعبنا أن يفرحوا بإنجازاتهم التى فاقت التوقعات. فلايزال الثوار رابضين في الساحات والميادين بعد مرور خمسة أشهر جرى فيها ما جرى، وفى ظروف إنسانية غاية في السوء.

يبقى استمرار هذا الوجود الشعبى يضيف للثورة اليمنية زخما يحصنها ضد أى مؤامرات تحاك في الخفاء للالتفاف على إرادة الثوار، فجميع السياسيين والدبلوماسيين يأخذون هذا الوجود والصمود بعين الاعتبار في كل المبادرات والأطروحات المقدمة لقيادة المرحلة الانتقالية شاءوا أم أبوا.

زر الذهاب إلى الأعلى