[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

من ضباط التغيير إلى جنرالات التحرير

هذه رسالة أسطرها أصالة عن نفسي ونيابة عن كل ضابط حر دفعته غيرته على وطنه المسلوب وخيرات شعبه المنهوبة ولهفته للتغيير إلى دعم ثورة الشعب المباركة، رسالة نبعثها إلى رفاق لنا في الدرب جمعنا بهم ميدان العمل العسكري وفرقنا عنهم إخلاصنا لوطن شوه الظلم كل شيء جميل فيه واستشرى الفساد في كل بقعة من ثراه الطيب.

رسالة من ضباط عاشوا مع الشعب متلمسين همومه متألمين لآلامه، لا يجد غالبيتهم المسكن المناسب الذي يؤويه هو ومن يعول، إلى جنرالات يعيشون في أفخر القصور ويمتلكون أرقى الفلل بعيدا عن هموم الناس ومعاناتهم.

رسالة من ضباط دفعهم إخلاصهم لوطنهم وحرصهم على حفظ خيراته والدفاع عن مقدراته إلى عدم اللهث وراء المال الحرام والاكتفاء بالرواتب التي لا تكاد تكفي لإعالة شخص بمفرده فضلا عن إعالة أسرة بأكملها، إلى جنرالات فتحت أمامهم خزائن المال العام على مصاريعها يأخذون منها ما يشاءون، دونما حسيب من قانون أو رقيب من ضمير أو وازع من دين.

رسالة من ضباط لا يكاد الواحد منهم يجد أجرة الحافلات التي يتواصل عليها من وإلى مقر عمله، إلى جنرالات يمتلك الواحد منهم رتلا من السيارات بمختلف الماركات وأحدث الموديلات.

رسالة من ضباط اضطرتهم الحاجة إلى أن يحرموا أنفسهم من الخلود إلى الراحة بعد أدائهم لوظائفهم، للعمل إما سائقي سيارات أجرة "تكاسي"، أو بائعين في محلات تجارية، أو سماسرة في معارض، أو ترك البلاد والهجرة للخارج لتوفير مصادر رزق إضافية يواجهون بها أعباء المعيشة الصعبة، إلى جنرالات مرفهين لا هم لهم إلا التنقل من مقيل إلى آخر والتباهي "بربط القات" التي تساوي قيمة الواحدة منها راتب شهر بأكمله من رواتب أولئك الضباط المحرومين.

رسالة من ضباط أعلنوا ولاءهم لله ثم للوطن وأفنوا أعمارهم في صون مقدرات البلد والحفاظ على شرعيتها الدستورية، إلى جنرالات أدانوا في ولائهم للشخص وللحزب وانتهكوا القوانين واللوائح وعبثوا بمكتسبات الوطن باسم الشرعية.

رسالة من ضباط أقسموا بأن "يحافظوا مخلصين على النظام الجمهوري" وأن "ينفذوا أوامر رؤساءهم الحقة في البر والبحر والجو" فسعوا جاهدين كي يبروا بما أقسموا به، إلى جنرالات حنثوا في أيمانهم فلم يحافظوا على النظام الجمهوري بل أحالوه إلى "ملكية جمهورية"، ونفذوا أوامر رؤساءهم "الباطلة" فأخافوا الآمنين وأقلقوا المسالمين، وأسالوا الدماء وأزهقوا الأرواح.

رسالة من ضباط ينتظر الواحد منهم ترقيته المستحقة بفارغ الصبر مع علمه أنها لن تضيف له من الرصيد إلا مزيدا من المسؤولية والأعباء المادية والمعنوية، إلى جنرالات يتقلدون أعلى الرتب ويقفزون إليها قفز الأرانب في البراري.
رسالة من ضباط يظل الواحد منهم في عمله الذي وزع فيه أعوام عديدة وأزمنة مديدة لا يزحزحه عنه إلا بلوغه أحد أجلي التقاعد أو الأجل المحتوم على كل حي وهو الموت، إلى جنرالات يتربعون أعلى المناصب و"أدسمها" ويتسلقون فيها تسلق القرود في الفيافي.

رسالة كتبتها بحرقة وألم شديدين على ما أعانيه ويعانيه غيري من الضباط الحالمين بالتغيير من مآسي، بل وما يعانيه عامة الشعب من ويلات، أتمنى أن تصل إلى رفاقنا في الدرب من جنرالات التحرير الذين ما زالوا لم يدركوا حتى الآن أن الشعب لم يعد يحتمل أكثر مما قد احتمل، وأن السيل قد بلغ الزبا، مع علمي بأنها لن تروق لكثير منهم ولكنها أمانة عزمت على أدائها وآليت أن لا أكتمها "ومَن يكتمها فإنه آثم قلبه"، وإن تضمنت شيء من التعنيف فحسبي قوله تعالى: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم".

ختاما أود أن تثقوا يا رفاق دربنا أن هذه هي أجندتنا ولا أجندة لنا غيرها مما تروج له وسائل الإعلام المضللة، كما أرجو أن تعلموا علم اليقين أني ما سطرت هذه الحروف بغضا لكم ولا حقدا عليكم ولا حسدا فيما عندكم فما عند الله خير وأبقى، ولكنها الرغبة في أن نعيش في هذا الوطن سواسية ننعم جميعا بخيراته، والحنين إلى استعادة أمجاد الوطن والشوق لنهضته والإشفاق على مستقبله، فلا تقفوا أيها الأشاوس حجر عثرة في طريق رقيه وازدهاره، ودعوا عجلة التغيير تواصل مسيرها، وهلموا أيها السادة نرص الصفوف جنب إلى جنب لنعيد لأرض السعيدة ألقها المفقود ولنحقق لها حلمها المنشود.. َوالله من وراء القصد.

زر الذهاب إلى الأعلى