[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

جياع الثورة .. أم ثورة الجياع؟

الأمر الطاغي اليوم على الساحة اليمنية والذي يمثل هاجسا مقلقا لكل اليمنيين يتمحور حول الإنقطاع المستمر للخدمات التي يحتاجها المواطنون لمواصلة حياتهم بشكل طبيعي من مواد بترولية وغاز وكهرباء وإرتفاعات في الأسعار.

ومن بديهيات القول في البداية أن الدولة هي المتكفلة بتوفير هذه المواد بإعتبارها المحتكر الرئيسي والوحيد لتسويق هذه المواد والخدمات وبيعها للمواطن هذا من جهه ومن ناحية أخرى فهي أيضا التي تمتلك القوة العسكرية والأمنية لحمايتها وضمان وصولها للمواطن للإستفادة منها بشكل مستمر ومن دون أي إنقطاع.

كما أن السلطات الرسمية هي المسئولة دستوريا وأخلاقيا عن أي إنعدام للمواد الأساسية من الأسواق.
وفي ظل تبادل التهم بين الأطراف السياسيه عن الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة المعيشيه للمواطنين ...
فإننا قد نجد أنفسنا مجبرين على التعاطي مع المنطق الرسمي المطروح من قبل مسئولي الجهاز الإعلامي للدوله عن تبرير تلك الإنقطاعات بإعتبار الأوضاع الإستثنائية التي تعيشها البلد..

ذلك التعاطي التحليلي سوف يقودنا إلى إستنتاج افتراضين متشابهين لأسباب الأزمة يؤديان في النهاية إلى نتيجة واحده.

الإفتراض الأول:-
أن المتسبب في إنقطاع المواد البترولية والكهرباء والخدمات هي الحكومة وأجهزتها لمعاقبة الشعب على خروجه للتظاهر ضد النظام أو من أجل أن ينشغل الناس بالبحث عن مصادر إعاشة أسرهم بدلا من الذهاب للساحات وفي هذه الحالة فإن على مسئولي الدوله الإدراك بأنهم بهذا العمل إنما يخدمون إسقاط ما تبقى في أيديهم من أوراق أمام مؤيديهم على وجه الخصوص وأمام الشعب كافه بصورة عامة.

أما الإفتراض الثاني:-
أن المعارضه هي التي تقوم بقطع الطرقات كما صرح مسئولي الدولة وذلك من أجل زيادة الضغط على السلطات حتى يفقد النظام مشروعية بقاءه من خلال إثبات عجز الأجهزة الرسميه عن تقديم الخدمات للمواطنين ، و في حال صحة هذا الإفتراض فإن قيادات المعارضة ترتكب حماقات لن تسامح نفسها عليها إطلاقا في المستقبل القريب أضف إلى ذلك بأنها سوف تضع نفسها في مواجهة مؤيديها وأنصارها قبل غيرهم من أبناء الشعب.

وأمام هذا الإفتراض أوذاك أو كليهما معا فالواجب أن تتوحد الجهود سلطة ومعارضة لتجنيب حاجيات المواطنين ومستلزمات عيشهم عن اللعب والمزايدة السياسية عليها أو إستخدامها كأوراق سياسية لتصفية الحسابات أو تعزيز نظرية وتوجه هذا الإتجاه أو ذاك.

والمطلوب على وجه السرعة من الطرفين سلطة ومعارضة أن يقوم كل طرف بشكل عاجل ببذل كل ما بوسعه من جهود في سبيل إعادة الخدمات وتوصيل المشتقات النفطية للمواطنين بشكل طبيعي وبالأسعار المعتاده .
أما إذا كانت الأطراف السياسية و في ظل إختلافها على كل الثوابت الوطنيه قد أتفقت على معاقبة المواطن اليمني بشكل جماعي سواء تم هذا الإتفاق بشكل صريح أو ضمني فإن عليهم أمام ذلك أن يستعدوا لمواجهة ثورة الجياع التي سوف يقودها البسطاء من العامة.

وأعتقد أن الأمر إذا وصل إلى هذا الحد فإن هذه الثوره سيتوحد تحت لواءها كافة أبناء الشعب اليمني بمختلف إتجاهاتهم السياسيه والفكريه لأن جميع اليمنيون يعانون نفس المعاناة التي قد تولد إنفجارا لا يمكن توقع نتائجه ، هذا مع إستحالة الإستفادة من تلك النتائج سياسيا لا من قبل السلطة ولا من قبل المعارضة و اللذين قد يجدا أنفسهما كتيارات سياسيه بشكل أو بأخر خارج حسابات الشعب اليمني وخياراته المستقبلية.

زر الذهاب إلى الأعلى