[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

شماعة الزنداني!!

ما سر هذا الهجوم الشرس والقاسي على الشيخ الزنداني في وسائل الإعلام المختلفة حتى خطبة جمعة الإخلاص في السبعين كانت من أولها إلى آخرها على رأسه.

بالأمس كان شيخاً جليلاً واليوم ينعت بأقبح الأوصاف. يقولون عنه ليس عالماً وليس باحثاً وليس داعية إسلامياً وليس سياسياً.

طيب نعتبره مواطناً يمنياً بسيطاً وعادياً قال رأيه مثل غيره من الملايين التي تملاً ساحات الحرية وميادين التغيير. وقد قالها بصراحة أن التغيير يكون بورقة أي عبر صندوق الاقتراع وهو بذلك أكثر إعتدالاً من الكثير من قادة المعارضة والشباب الذين يطالبون برحيل الرئيس وبعد ذلك يتم ترتيب أمر الانتخابات وغيرها من الاجراءات.

اليوم يحملونه كل شيء وأصبح شماعة تستخدم للتغطية على فشل النظام في التعاطي مع الأزمة السياسية الحالية والعمل على حلها . وهنا أتساءل ماذا لو كان الشيخ الزنداني مؤيداً للرئيس ومرر فتوى بإعتبار المعتصمين خوارج على ولي الأمر ومن ثم يجوز قتلهم ؟؟ هل كان سيهاجم بهذه القسوة ؟؟ أم سيكيل له الإعلام الرسمي المديح والثناء والاطراء ؟؟ ومن سيتحمل وزر الدماء التي كانت ستسيل وهي تسيل الان في مختلف مدن وقرى اليمن؟

الشيخ الزنداني أصبح إرهابيا ومتطرفاً وخارجاً على ولي الأمر ومطلوباً للعدالة الدولية ومتهماً بتمويل الارهاب فجأة بين ليلة وضحاها والنظام كان يعرف بذلك ويتستر عليه . إذاً قبل أن يحاكم الشيخ فليحاكم هذا النظام الذي عرقل العدالة من أن تأخذ مجراها.

حقيقة نحن نعاني من أزمة في الأخلاق قبل أي أزمة سياسية فكما يشجب الإعلام الرسمي ما يسميه بتطاول الشباب على مكانة الرئيس وقامته ببعض الشعارات الغير لائقة أليس من حق الزنداني وهو رجل كهل وكبير في السن أن ينتقد باحترام ؟؟ بعيداً عن التجريح والسب والشتم المقذع وهو بمكانة الأب فهل سترضى أن يتطاول أحد على والدك ولو كان أكبر مجرم في العالم.

مثل هذه الهجمات الشرسة أبداً لا تقرب وجهات النظر ولا تحل المشاكل بل ترفع التوتر وتعزز من التمترس الأعمى و تزيد من الأحقاد والرغبة في الانتقام بين أبناء الشعب الواحد بمختلف أطيافه .نحن اليوم بحاجة إلى الاعتراف بحقوق بعضنا البعض والتعايش أكثر من أي وقت مضى . يجب أن نوفر طاقتنا وأقلامنا لبناء وطننا وليس للنيل من هذا أو ذاك.

نحن نعيش أزمة سياسية خانقة ممتدة منذ 1993م نشأ عنها نزعة انفصالية في المحافظات الجنوبية وتصدع في المحافظات الشمالية منذ عام 2004م عندما تفجرت الحرب مع الحوثيين في صعدة ناهيك عن القاعدة والآن الاحتجاجات والمظاهرات التي تفجرت في كل اليمن وأعتقد جازماً أنه ليس بمقدور أحد إيقافها أو إخمادها لا الرئيس ولا الزنداني ولا حميد الأحمر إلا بحل سياسي يرضي جميع الأطراف السياسية ويعمل على توسيع الشراكة الوطنية.

من يحاول أن يصور أن هذه الأزمة هي خلافات بين أشخاص فهو مخطئ مخطئ هذه نتيجة تراكمات واحتقانات على مدى سنوات من الفساد والتهميش وللأسف يبدو أن الجميع ساهم فيها بصورة أو بأخرى ولا يتحمل ذلك الرئيس وحده أو حزبه إنما البيئة السياسية والاجتماعية اليمنية تواطأت وتعايشت مع الفساد ردحاً من الزمن.

اليوم نحن بحاجة لحل يحفظ اليمن من الانهيار والدمار والخراب بعيداً عن الانشغال بما قاله فلان أو تبناه علان. وإلا فإننا سنظل نتشاتم ونتصارع وننشغل بمشاكل وخلافات جانبية ونكتشف بعدها أننا ضيعنا وطنا قدم لنا الكثير فأسهمنا جميعاً في انهياره ويصدق علينا المثل العربي (الصيف ضيعت اللبن) ونحن سيكون مثلنا (الغباء والعناد السياسي ضيعت اليمن).
وحفظ الله الوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى