[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الجيش والأمن اليمني بين السياسية والمهنية!

شهد اليمن والوطن العربي منذ مطلع العام 2011م ، تحولات هامة بدأت ترسم خارطة جديدة للتحالفات السياسية الداخلية والخارجية ، ومثلت الثورتين التونسية والمصرية باكورة هذه التحولات ، وقد لعب الجيش التونسي والمصري دوراً بارزاً في حسم الخلاف السياسي ، من خلال تدخله في اللحظة المناسبة التي حسمت الموقف لصالح الشعبين التونسي والمصري ، وبالتالي مثل الجيش الكلمة الفصل التي حمت الشعببين من الدخول في متاهة الصراع السياسي المفتوح.

إن الأوضاع التي تمر بها الجمهورية اليمنية أوجدت استقطابات للقوات المسلحة والأمن ، أدت إلى خلل في طبيعة العلاقة بين الجيش والأمن والمواطنيين، تلك العلاقة التي تأثرت كثيراً بطبيعة ما بدى أنه تحالف للقوى العسكرية مع هذا الطرف أو ذاك ، وعلى وجه الخصوص الموقف من الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع ، ذلك الموقف الشعبي جاء نتيجة تكون رأي بلورته وسائل الإعلام التي توحي للمشاهد بوجود نوع من الإستدراج السياسي لقواتنا المسلحة بين جانبين الأول السلطة الحاكمة والثاني الثورة الشعبية السلمية.

إن ما نود التأكيد عليه أن ما يدور على الساحة اليمنية ، أصله سياسي بين طرفين الأول الحزب الحاكم والذي يمسك بزمام السلطة منذ عقود ، والثاني المعارضة وتشمل قسمين معارضة تقليدية ولها قصة طويلة من الحوار مع السلطة ، والقسم الثاني المعارضة الشعبية التي يقودها شباب التغيير والقوى المتحالفة معهم ، وتمثل محاولة شعبية يقودها الشباب ، وجاءت كما هو حال بقية الدول العربية نتيجة إخفاق المعارضة التقليدية في تلبية طموحات الشعوب في تحقيق التغيير السياسي السلمي منذ عقودعلى الرغم من استفحال الفساد والمحسوبية وعجز أنظمة الحكم عن إدارة الدول.

إن المأزق اليمني هو مأزق سياسي بامتياز ، ومحاولة استدراج القوات المسلحة إلى معارك سياسية بين أبناء الوطن الواحد يخرجها عن مهمتها الأساسية التي أنشأت من أجلها ، ثم إن الإستدراج السياسي يدخل القوات المسلحة في عداء مع مناصري الأطراف السياسية المتصارعة ، وذلك لايصب في صالح الوطن ، لأن القوات المسلحة لكي تنجح في مهامها لابد أن يكون لهاإسناد شعبي ، ولا يمكن أن يكون ذلك الإسناد الشعبي فاعلاً إذا تقسم الولاء العسكري بين الأطراف السياسية.

إننا نطرح هذا الموضوع لإننا ندرك أن تحولاً خطيراً على المستوى الشعبي في النظرة إلى مكونات القوات المسلحة ، حتى وصل الأمر ببعض أفراد المجتمع لتبرير الإعتداء على القوات المسلحة بحجة تبعيتها لهذا الطرف أو ذاك، ويعزز ذلك الاعتقاد بعض التصرفات من صغار العسكريين على وجه الخصوص مثل تعليق صور وشعارات الفرقاء السياسيين على أطقم ومعسكرات ونقاط تفتيش القوات المسلحة والأمن ، وذلك معيب في حق قواتنا المسلحة ويضعف من حياديتها ويخالف مبدأ منع الإنتماء السياسي في المؤسسة العسكرية ، وبالتالي فالطبيعي أن ترفع القوات المسلحة والأمن في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد خريطة وعلم الجمهورية اليمنية فقط ، وتبتعد عن أي شعارات أورموز توحي بتبعيتها أووقوفها في صف الحاكم أو المعارضة.

إننا ندرك وبما لايدع مجالاً للشك أن غالبية قواتنا المسلحة سواء في الحرس الجمهوري أو الفرقة الأولى مدرع أو الأمن المركزي وبقية مكونات القوات المسلحة ، هي قوات وطنية تعمل بمهنية واحتراف بعيداً عن الاستقطاب السياسي ، وهم يدركون أن واجباتهم العسكرية لاتخرج عن نطاق القسم العسكري ، الذي يؤكد الولاء لله ثم الوطن والثورة، وأن جزءً يسيراً من قواتنا المسلحة يحاول البعض استدراجه لخدمة توجهات سياسية معينة ، إن خطورة ذلك الإستدراج تكمن في احتمال تورط بقية القوات العسكرية في أي مواجهة سياسية بين الحكومة والمعارضة ، وهذا التورط إن حدث سيدفع بالبلد إلى وضع لايحمد عقباه ، خاصة في مثل حالة اليمن ذات التنوع القبلي والمناطقي والسياسي والمذهبي ..الخ.

إن حياد قواتنا المسلحة في المواجهة السياسية الراهنة على قدر كبير من الأهمية ، لأن الطبيعي في حال استفحال المأزق السياسي أن يكون الجيش الوطني هو صاحب المبادرة لوقف التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ومن ثم يمكن قبول المؤسسة العسكرية كضامن للتحول السياسي إلى دولة مدنية.

أخيراً رسالتنا لأبناء قواتنا المسلحة الباسلة أن لا يكونوا حماة لأشخاص أو لأحزاب أو مناطق ، لأنهم بهذه الكيفية يكونوا حماة لمثل تلك الفئات ومنحازون إليها وهم بذلك يخرجون عن وظيفتهم الأساسية ، أما مانريده من أبطال قواتنا المسلحة والأمن أن يكونوا حماة للوطن بمساحته الممتدة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ، وبسكانه ال(25) مليون نسمة بمختلف مكوناتهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى