[esi views ttl="1"]
شعر وأدب

ثنائية الحرب والحُبّ (شعر)

نص شعري للشاعر اليمني جبر البعداني

لا تسأليني إذا ما قد بكيتُ دَما
صنعاءُ ما لي ؟ وماذا قد جرى؟ ولِما؟!

فلي حبيبةُ قلبٍ كلّما ذكرت
جرحَ العروبةِ ذابت حُرقةً، ألما

خُيّرتُ ما بين عينيها وقافيتي
فاخترتُ -والقلبُ لا يقوى الفراقَ-هُما!

فصادروا لغتي الْخضراء وانتزعوا
منّي الْمحابرَ والقرطاسَ والْقلما

وخلّفوني على أنقاض ِ ما هدموا
صمتاً تشكّلَ من أشلاءهِ ونمى

صمتٌ سيزرعني في كلِّ ناحيةٍ
من رُقعةِ الغيبِ ثغراً باسماً وفما!

نفّوا على جرحيَ المفتوحِ ما اكْترثوا
ملْحاً فظلَّ وحتّى الآن ما التئما !

وقايضوني على صمتي وما قدروا
كبحَ القصيدةَ لكنْ أُلبِسوا صمما !

سدّوا جميعَ دروبِ البوحِ عن شفتي
علّي أتوهُ وصبّوا في الْعيونِ عمى !

ووزّعوني على أفاقِ من خرجوا
يستبشرونَ بفجرٍ قادمٍ ظُلَما !

ونكّسوني على أبوابِ من رفعوا
باسمِ الخلودِ على أوطانِنا علما !

شكّوا رؤى الْحُلْمِ في صدري كما فقؤا
عيونَ قلبي وما أدموا بهِ الْحُلُما !

جزّوا بمديةِ ظُلْمٍ رأس أخْيلتي
ويلي وساروا إلى تأبينها قُدُما !

واستغربوا لصمودي حينما بتروا
كفّي فقمتُ إليهمْ باسِطاً قَدَما !

فالسيفُ يبقى مُهاباً لا يشوّههُ
أن فلّ يوماً بساح الحرب وانْثلما

وهكذا أنت يا قلباً لمعتصمٍ
ما شاخ رغم صعاب الدّهرِ أو هَرِما !

تاللهِ لو حقنوا موتاً بأوردتي
واسْتبدلوا بدمي : سُماً مذابَ وما !

ما زدتُ إلّا صموداً حين يحضرني
نصرٌ لخالدِ حيٌّ بعدُ ما انْهزَما !

فلتخرُجي الْآ ن من دولابِ ذاكرتي
ذكرى تُرمّمُ في الْوجدان ما انْهدما !

مدّي الْقصيدةَ أرضاً لا حروب بها
والأُغنياتِ فضاءً واسعاً وسما !

ردّي إلى الرّوحِ سرَّ البشرِ واخْترعي
لوناً كعينيكِ للإشراقِ مُبتسِما !

عودي إلى الْكونِ بالبُشْرى مُحمّلةً
فجراً أرى الليلِ عن إنْجا بهِ عَقِما !

سيري كروحِ نبيّْ كلّما هبطتْ
أرْضاً -تقدّسَ مسْراها - غدت حَرَما !

ولتبعثيني سلاماً بين من طلبوا
سِلماً وناراً لمن إسْتوقدوا الْحِمما

سُلّي الْقصيدةَ سيفاً واطْعني بفمي
صِدورَ قومٍ تمادوا شوّهوا الْقِيَما !

بنا اسْتهانوا فما خافوا وقد خرجوا
-بأساً لدينا- ليدموا الْأشْهُرَ الحُرُما !

ولتثْأري لسحابٍ قطٍّ ما نظرت
عيناهُ نحويَ إلّا بالدّموعِ همى !

ولتعْزفيني بناي الرّيحِ أُغنيةً
بكْراً ستبعتُ من أجْداثهِ العَدما !

ثوري فما الْحربُ إلّا الْحُبُّ فانتصري
حُبّاً لِأُسقِطَ من عليائهِ الصّنما !...

زر الذهاب إلى الأعلى