[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

كتلي الرئيس وجائزة "روفل" للكلام!

1
أكثر الشخصيات ، مهزلةً بالناس ، بين الناس .. هو عبده الجَنَدِي. *إبن سوق جرجرته الأيام في كل زُغطٍ ، وسَوْمٍ ، وشاجبة !.. وهو يذكرني بحادثةٍ لطيفةٍ حدثت لي في تعز ، مع إبن عمتي ، نجيب نعمان. *كنا راجعين من سمرة مقيل إلى بيتنا في (ضربة علي) في المسبح. وكان الوقت قد تأخر، والكلاب ، سع البلاطجة ، في كل ركن ومكان. كان ذلك في منتصف الثمانينات. وكان مصاباً بالعشى الليلي. فبعد المغرب يكاد لا يرَ شيئاً. فتجمعت علينا عصابةٌ أربعةٌ ، من الكلابِ الضالة ، أضاعوا أباهم !... ومن الخوف ، لم نعد نرى شيئاً ؛ فهربتُ إلى مدخل إحدى العمارات المجاورة. وهو لم يدرِ بنفسه إلا وهو في برميل قمامة بينَ الأدْمِمْ !..*
وهذا هو الجَنَدِي بين الصُّعْبِي ، والكلب ، والدِّم ، وبرميل القمامة ..!

2

رجل يعرف من أينَ تُرْكَبُ الحمير، وكيف يدخلُ السوقَ ، *ويخرجُ منه ، من دون أنْ يصرفَ ريالاً .. كل شيء يأخذه ، فهو (كَلْع) أو(بَلْع) أو (لسع) ! *لم يرتفع إلى تاريخه القديم ؛ فنبذهُ النَّاصريون. وحاولَ التًّقرُّبَ من البعثيين ؛ فأهملوه. وأستجدى الإشتراكيين فلم يفلحْ ... ولم يجد مهرباً من قدره ، إلا إلى قدره ، في المؤتمر الصُّعْبِي ؛ فكان مركباً وثيراً !..
لا يفهمُ القارئ النجيب أنَّ الصُّعْبِي رَكِبِهُ ؛ بل الجَنَدِي هو مَن رَكِبَ الصُّعْبِي. وجد ضالتَهُ هناك .. ورزق عيال السُّوق على تُجَّار الممنوعات !.. وشخصياً ، فإني أعتبرهُ أذكى رجلٍ مُصافطٍ *في المؤتمر !...إسمع إلى تصريحاته التي تدين النظام بقدر ما تدين المقصود المباشر بتصريحاته . وفي كل تصريح يدين رئيسه والنظام. *مكَّنها مصافطة ؛ عسى أن يجدَ لنفسهِ مخرجاً يتخارج منه فيما بعد .

3
وحازَ القدرةَ على ركوبِ الريحِ ، والموجِ ، والحمير ؛ ويتلوَّن سَعْ (القُرَّافَة).. ولهذا فهو من مؤيدي المثل اليمني السائر.. ' مِنْ مِشْنَاقَةْ لا مِشْنَاقَةْ أخْرَجْ '. *ونجا بحذقِهِ مِن الكثير من الخوازيق ، في مراحلَ من حياته. *يمتلك من الثقافة حجمَ السخافةِ التي ينفثها ؛ للأسف ! وكنتُ ، وما زلتُ أتسآءل .. أين كان الجَنَدِي في حادثة المَسجِدِيين !.. علامة سؤآل كبيرة ، تضعهُ على شعرتي قناص ، أو تحتَ صميلِ بلطجي في زغط غُدْرَةْ !*.. وسترون تلك النهاية قريباً ممن وضعوه واجهةَ النظام.*

4
هناكَ فارقٌ واضحٌ بين أنْ تكونَ ساخراً للحقيقة ؛ وأنْ تكونَ هازلاً بالحقيقة ، حتى بدماءِ الشهداء ، إلى حدودِ التقيؤ. فذاكَ هزالٌ في العقلِ ، والروحِ ، والنفس. *الفنُ السَّاخر فنٌ راقٍ ، وفلسفةٌ قائمةٌ بذاتها في السياسةِ ، وفي الأعلامِ ، وفي الحياة ِ كلها. أما تلك التي يمتهنها هذا الروفلي ، فمهزلة ؛ يحاول بها الرجلُ بعضاً من المال ، أو خوفاً من تهديد ، ووعيد !.. قد أفهم ؛ فأتفهم ذلك... ولكني لا أحترمه في الرَّجُل !..

وصدق أبو الطيب المتنبي إذ قال :
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ
كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ

5
والجَنَدِي يدفعني دفعاً أنْ أجتزئ مما كتبتُهُ دراسةً عن شخصية إبي الغُصَين الذي أشتهر ب (جُحَا). *فأول مَنْ ذكرَ أبا الغُصَين جُحَا في التَّاريخ ، هو السَّبَّاق إلى كل فريد .. أبو عثمان الجاحظ في رسالته ( كتاب * البغال ). دُجَينُ إبن ثابت الفزاري وكنيته أبو الغصين .؛ وربما لقبه جحا .. وهو الذي أدرك وصاحب مالك إبن أنس. وذكره الذهبي في النُبلاء ، والزركلي في الأعلام ؛ ونفوا عنه شبهة الحماقة. وهو تابعي بارع، والجَنَدِي تبيعٌ تابع !..
*
6
هذه الشخصية -جُحَا - أصبحتْ من حقيقتها ؛ خيالاً وأسطورة ؛ حين أخذتْ كل عاصمة تصنع لها ( جحاها ) الخاص بطابعها ؛ لإسقاط النقد على الحاكم الظالم. *بينما الجَنَدِي الحقيقي أصبح بلقافته ؛ خيالاً وأحفورة !..

7
جحا... تداركَهُ الناسُ - لحاجتهم لمخزونِهِ النَّقدي السَّاخر - لقرونٍ بعد أن ولَّى زمنه *، ولم يتداركهم ؛ أو أدركهم ؛ وأسقطوا كثيراً من النقد الديمقراطي على الحاكم في أزمنةٍ وأمكنةٍ مختلفةٍ ؛ لإنه عبَّر في يوم ما، عن المخزون النقدي المحبوس ، في حنايا الناس تجاهَ *فقدان العدل ، وبشاعةِ الظلم ، وضياعِ الحقوق ؛ إذ عاش في فترةٍ تجتاحها الفُرقةُ، والظُّلمُ ، والصراعُ السياسي الذي أُلْبِسَ الإهابَ الديني لتبرير المواقف. *وربما كان هو هو الصوتُ الفاضحُ ، والساهرُ الساخرُ .. حالئذٍ !.. لا أستبعدُ ذلكَ ألبتة. *والعكسُ يحدثُ مع هذا الجَنَدِي ! رغمَ أني أحياناً أحسُّ أنه مهددٌ أن يفعل ذلك. وأحياناً أخرى أحسُّ أنها قناعة قد تملكتهُ للبقاء في وحل الفساد !.. وفي الحالين .. فإني أرثي لحاله كثيراً .

8
والنكتةُ التي يتداولها الناسُ ، هي فنٌ ثامن. هو الإعلامُ الديمقراطي (الشعبي) الشفهي ، غير المكتوب والمرئي ، والمسموع ، والشبكي. هو النقدُ الديمقراطي (الشعبي) الصارخُ ، الذي يعبِّرُ عن المحبوسِ في النفس. الذي ينطلقُ لاعناً ، ولاذعاً كلَّ ظلم. *والناسُ بطبيعتها تميلُ إلى المفرح ، الساخر، الناقد. لأنهُ يبقى الصوتُ التجريدي في لوحةِ التاريخ ؛ لهذا بقيَ جُحَا في التاريخ ، حقيقةً كانَ أم أسطورة ، ولهذا سيذهبُ الجَنَدِي قيئاً يلفُظُهُ التاريخُ ، وسيخرجُ حافيَ القدمين ؛ دونَ أنْ ينتبهَ لذلكَ أحدٌ ، كما خرجَ رئيسه !..
وسامحني يا أبا ذَر !

خاتمةٌ فضُولية :

وَوَجَدْنا مِلءَ دُنيانَا الفقِيرةْ
غَنَمَاً يَلعَقنَ جُدرَانَ حظِيرَةً
مُنهَكَاتٍ بالصِّراعَاتِ الحًقِيرةْ
بِقُرُونٍ قد تَنَاطَحَنَ كَسِيرةْ
يَتَنَاطَحْنَ على أكلِ حَصِيرَةْ

يَا مُصَابِينَ بِعِلْمِ الجَهل
مَنْ فِيكمُ العَارِفُ والدَّاري مَصِيرَهْ
إنَّ عِلمَ الجَهلِ لا يُعطِي مُصابِيهِ
إحساساً بفُقدَانِ البَصِيرةْ
خَدِرٌ صاحِبُهُ
يحسِبُ رَقدَتَهُ فَوقَ الخَوَازِيقِ وثِيرَةْ !

كُتْلِي الرَّئيس !

1
قربتُ بحذر من الكَتَالِي .
فحستُ الكُتْلِي الأوَّل فخرج لي عُضْرُوط الكُتْلِي .. وبدأ ينتفخ ويطول ويعرض ويرفع في السماء .. وقال لي :
" يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم يا قاضي الحاجات أقضي "حاجتنا.. مو تشتي الله لا ألحقك خير ولا "ألحقه الله خير اللي إشتسأل عَلَوْ. قد أنا "راقد لي بين الكَتَالِي أخوتي.. كم فيبُكم "طافهْ للنكد والفحسسةً !؟"
" يا أخي أنتَ العُضْرُوط حق أي كُتْلِي من الكَتَالِي ؟"
رد علي العُضروط بأسئلةٍ كثيرةٍ فقال:
" والله ما عاد أنا داري !.. من كثر الكَتَالِي "اللي قَفَدُوهن واللي شِقْفِدُوهِنْ هؤلآء "الشباب. لكن هناك بعض الأسئلة سأسألها "موافق ؟"
" نعم موافق "!
" هل مَن تبحث عنه ذكر أَمْ أنثى "
قلتُ :
" تَيْس "!

2
" هل هو من عالم السياسة ؟"
" من عالم الخساسة "..
" هل حكم ، أو يحكم دولة "؟
" كان يُحْكَم ، لكن ذلحين محكومٌ .. مركونٌ يا ولدي في حبس موصود .. وكلابٌ تحرسهُ وجنود لن يخرج منه يا ولدي .. وجزاه الله أبو متعب إبن سعود ، اللي حبسه لما يعفن دود وعكابر سود ، لأنه لو رجع شخَلِّي البلاد سع أصحاب الأخدود ! .. "
" هل من تبحث عنه عربي ؟"
" يعني .. أشك ! العرب الأقحاح زلجوا!"
" هل هو متزوج "؟
" الأولى نَكَّعِهْ من نقيل سُمَارَا.. ثم تزوج "بعدها مثنى وثلاث ويمكن رباع!"
" هل يحترف التمثيل ؟"
" تقصد التضليل "!
" هل إشتهر بالخطابات والحوارات والشرعية الدستورية ؟"
" أبَبُبْ .. من راسه لا رجله .. وضيع أبتنا "حوارات ولفات ، ودورات ، وحكولات .. 33 سنة من مشناقة لا مِشْنَاقَةْ .. !
" هل هو من سلالة ملكية "؟
" من سلالة حميرية "! - بدون تشكيل -
" هل هو شخصية خليجية "؟
" يعني ليس بالضرورة .. يمكن يتجنس "!
" هل هو مغترب ؟"
" نعم !.. ويمكن يفتح مطعم كَبْسَةْ للكذب، أو معهد ' لتعليم الخساسة في السياسة' "والناس يشتو الأفندم ... يعود بعدما شافوا محاكمات مبارك لما قال يا أفندم "

3
" هل له أبناء ؟"
" أحمد إبنُ أبيه ' الكُتْلِي الكبير' وإبن 'كُتلِي زغير' ... وثلاثة كَتَالي عيال أخوه ... يتعلَّموا القتل .. ويرضعوا رصاص ! وقليل قلاصاتً"
" هل عُرِفَ عنه صِدق اللهجة ؟"
" بينه وبين الصدق عداوة !"
" هل يتحدث العربية ؟"
" مَيَسْكِيش يتكلم بلدي !"
" هل تحصَّلتْ الشخصية التي تبحث عنها "على 'جائزة نوبل للسلام؟"
" لا..! على 'جائزة رَوْفَلْ للكلام "
" هل تعرَّضَ مَن تبحث عنه لمحاولة إغتيال؟"
" تقصد محاولة إحتيال ! "
" هل حكمتْ الشخصية التي تبحث عنها "دورتين شرعيتين في بلده ؟"
" أكثر من دورتين دمويتين !..حكم 33 سنة "غير شرعية من البداية.. بدأها بقتل وها هو "يختمها بالقتل أيضاً "
" هل الشخصية التي تبحث عنها تمارس "الغناء أو فن الرقص ؟.."
" نعم مارس الرقص على رؤوس الثعابين. "وكل فريقه مزمِّرين ومطبِّلين ويجيدونً الرقص "على بطون الشعب !"..

4
تعبُ العُضْرُوط !.. وسكتَ لحظات بعد أن أحسستُ أنَّ الشخصية التي أبحث عنها (عُكِيرَةْ) وصعبة !
قال:
" ذلحين معَدَرَيْتُوش من اللي يسأل الثَّاني ! * *" ربشتني الله يربشك .. "
" أنت الذي يسأل وأنا أجيبك .. فين المشكلة ؟"
" أوكيهْ .. لا تتفلسفش زيادة !.. هل هذه "الشخصية التي تبحث عنها ما زالت على "قيد الحياة ؟"
" حياتهُ قيدٌ عليه !"
" هل الشخصية التي تبحث عنها فوَّضَ نائبه "في أمرٍ محدد - مؤخراً؟"
" فَوَّضه .. لا ! فَوَّطُهُ .. محتمل حتى نرَ ما يفعل !"
" هل عُرِفَ عنه حبهُ للقتل والأغتيالات وقتل "أصحابه وأصدقائه خاصةً بعد أن كبر أبناؤه "وأبناء أخيه وشمُّوا عرَق إبطهم ؟!.."
" تقصد 'أحمد إبن أَبِيه' وبقية اليرابيع !؟"
" هل قامت هذه الشخصية بانجازات إنسانية "ضخمة ؟."
" وآخرها القطار الذي ربط اليمن بالسعودية ومجلس التعاون الخليجي والمحطة النووية ، والمدافن النووية. وشعب عرطوط فوق مخلوس ... بعد أن وعد بالقضاء على الفقر. وعشرين ألف مصاب بالسرطان مع بداية كل عام . ونصف سكَّان البلاد مَلَقوشْ مو يأكلوا. وصفقة الغاز وضياع صفقة ميناء عدن . عُد لك وانا أعد. كذاب يصرف الخبر والخرط بغير طوابع بريد !.. وأخرها .. إنجاز الثوريث بالغصب لأحمد 'آمِنَهْ ' .. على الوعد الأول لما قال بخطاب 'آمِنَهْ' الشهير !.. إنهُ يبحث عن أيدي ' مكية '.! أو ' آمنة ' !"

5
طار العُضْرُوط ..
وسيَّبْ الكُتْلِي ..
وفك رجله والبَحْصَدي.
صرختُ فيه منادياً:
" مالك لا فين سارح ؟ الكُتْلِي حق الرئيس ؟"
نظر إلي وقال :
" شسرحْ أشتري حبة حبحب ، وأشكر إِبْ عَبْدُه ! واجزع لصنعاء أشوف النائب هل هو مُفَوَّض وإلا مُفَوَّط !.. خاطرك " !!

زر الذهاب إلى الأعلى