[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

فتاوى للبيع!

في عالمنا العربي اليوم كل شيء له ثمن.. حتى الدين! والحكام المستبدون يعرفون أثر الدين على عامة الناس ولهذا يحرصون على تعيين علماء حسب المقاييس التي يريدونها في المناصب الرسمية للدولة وأحيانا في الجمعيات ذات الطابع الشعبي لأنهم يعرفون انهم قد يحتاجون هذا النوع من العلماء لإقناع عامة الناس بقبول الاستبداد الذي يمارسونه وإعطائه طابعا شرعيا لحماية أنفسهم من غضب الشعوب.

توظيف الدين في خدمة السياسة ليس أمرا طارئا على أمتنا ولكنه أخذ منحى متزايدا إبان ما عرف ب «الربيع العربي» فأصبح له سوق رائج، فكل المستبدين أرادوا ان يحتموا ببعض الفتاوى بعد ان يئسوا من كل شيء سواها فوجدوا من مرتزقة المشايخ من فصّل لهم ما يريدون وبحسب الشريعة الإسلامية!

الرئيس اليمني كان واحدا من هؤلاء حيث جمع من سماهم علماء اليمن وطلب منهم ان يفتوا بحرمة المظاهرات وحرمة الخروج عليه والجلوس إلى طاولة الحوار!

ولبى هؤلاء دعوة سيدهم دون تردد، فالمظاهرات والاعتصامات حرام بالإجماع! كما ان من يخرج عن طاعة سيدهم يعد من الخوارج وتطبق عليه أحكامهم! ولم يكتف علماء السلطان بذلك بل أعطوا شرطة السيد شرعية قتل المتظاهرين والمعارضين وعدّوا فعلهم ذلك جهادا في سبيل الله! هذا النوع الرخيص من «العملاء وليس العلماء» يعرفهم الشعب اليمني حق المعرفة، ويعرف انهم مأجورون وقد أعلن ذلك صراحة مجموعة من علماء اليمن الأحرار، بل ان بعضهم جعل من تلك الفتوى إعلان حرب أهلية في البلاد. لو ان هؤلاء (العلماء) أعلنوا هذه الفتوى في بداية الثورة اليمنية لقلت: هذا رأيهم يوافقهم عليه البعض ويخالفهم فيه آخرون، ولكنهم صمتوا طويلا حتى جمعهم سيدهم الأكبر وطلب منهم ان يصدروا هذه الفتوى كما حددها لهم، ولأن هذا النوع يستجيب مباشرة لكل طلبات السادة فإنهم سارعوا بتلبية الطلب، ولو كان فيهم شيء من الكرامة لما فعلوا لاسيما انهم سمعوا كغيرهم ان كل أجهزة الإعلام نقلت تصريح سيدهم قبل فتواهم المشؤومة. حكاية هذا النوع من الفتاوى كما قلت ليست جديدة، فقبل بضعة أشهر أفتى (الشيخ) البوطي بجواز السجود على صورة سيده بشار باعتبار ان هذه الصورة مثل السجادة! ولست أدري هل يجيز البوطي وطء هذه الصورة بالأقدام لنفس الاعتبارات التي ذكرها أم سيكون له رأي آخر!

مشايخ القذافي فعلوا الشيء نفسه، وكذلك بعض مشايخ مبارك، لكن الجميل في كل هذا ان الشعب العربي لم تعد تنطلي عليه كل تلك الأكاذيب. مشايخ السلطان مثل السلطان نفسه سيقذف بهم التاريخ في مزبلته وسيخسرون دنياهم وآخرتهم.

أكاديمي وكاتب سعودي

زر الذهاب إلى الأعلى